"تحالف حماية الملاحة".. مناورات ومؤتمرات تمهد لإعلانه
المؤتمرات والمناورات تسهم في بلورة رؤية دولية متكاملة لآلية عمل التحالف المرتقب وتحقيق الانسجام بين أعضائه
تشهد منطقة الخليج العربي مؤتمرات دولية ومناورات عسكرية متواصلة، قبيل أيام من الإعلان الرسمي المرتقب عن "التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية"، التي أعلنت أمريكا اعتزامها تشكيله يوليو/تموز الماضي.
- إيران وتهديد الملاحة.. 3 اعتداءات إرهابية تستدعي تحركا دوليا
- وكالة تابعة للحرس الثوري الإيراني تهدد باستهداف الملاحة الدولية
وتسهم تلك المؤتمرات والمناورات في بلورة رؤية دولية متكاملة لآلية عمل التحالف المرتقب، وتحقيق الانسجام بين أعضائه، وذلك ضمن رؤية متكاملة لحماية حرية الملاحة في الممرات البحرية بشكل عام، ومن ممارسات إيران العدوانية بشكل خاص.
مؤتمرات وملتقيات دولية
واستضافت البحرين يومي 21 و22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتماع مجموعة العمل الوزارية حول أمن الملاحة البحرية والجوية التابعة لعملية وارسو بمشاركة أكثر من 60 دولة، في إطار جهود حماية الملاحة العالمية من تهديدات إيران.
وبعدها بأسبوع عقدت فعاليات معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع "بايدك 2019" خلال الفترة من 28 إلى 30 أكتوبر من الشهر نفسه، واختتمت بتوصيات تحذر من أخطار تهدد ممرات الملاحة الدولية، وتدعو إلى "اتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية الأمن البحري" و"أمن الطاقة".
وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، تنظم القوات البحرية الملكية السعودية خلال الفترة من (٢٤-٢٦) نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في العاصمة الرياض، الملتقى البحري السعودي الدولي تحت عنوان (أهمية تأمين الممرات البحرية الاستراتيجية).
وبالتزامن مع تلك المؤتمرات تتواصل على مدار 3 أسابيع فعاليات التمرين البحري الدولي المختلط متعدد الجنسيات "آي إم إكس 19" الذي يعد أكبر مناورات بحرية في العالم، ويشارك فيها 56 دولة من بينها أمريكا والسعودية، ويهدف إلى ردع الأخطار التي تهدد حرية الملاحة.
ونجحت تلك المؤتمرات المتتالية في وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية حماية أمن الملاحة، بعد تصعيد إيراني غير مسبوق خلال الفترة الماضية، تم خلاله استهداف سفن تجارية وإسقاط طائرة مسيرة أمريكية، واختطاف 2 من ناقلات بريطانيا للنفط خلال عبورهما مضيق هرمز داخل المياه الدولية، ووضع أطر سياسية وتوصيات عملية لضمان حرية الملاحة.
سيناريوهات عملية
وجاء التمرين البحري "آي إم إكس 19" بما يتضمنه من محاضرات نظرية وتدريبات عسكرية عملية في مسرح عمليات يمتد من خليج العقبة إلى شمال الخليج العربي، ليضع سيناريوهات عملية لمواجهة تلك الأخطار والتصدي لها.
ويسهم التمرين أيضا في تحقيق التجانس على المسارين السياسي والعسكري بين أعضاء تحالف حماية الملاحة المرتقب الإعلان عنه خلال أيام، ويعزز فرص نجاحه في تحقيق أهدافه.
وتتواصل حاليا فعاليات التمرين البحري "آي إم إكس 19" الذي بدأ في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ويستمر على مدار 3 أسابيع، بمشاركة نحو 5 آلاف عسكري و40 سفينة و17 طائرة مقاتلة.
ويتم فيها التدريب على التصدي للتهديدات في مياه منطقة الخليج، ومن بينها البحث عن الألغام في المياه والتخلص منها.
وأفادت البحرية الأمريكية مرارا بأن عناصر إيرانية قامت بلصق ألغام على جسم ناقلة نفط يابانية في يونيو/حزيران خلال مرورها بالقرب من مضيق هرمز، وعلى ناقلة بريطانية في يوليو/تموز أوقفت في إيران لأكثر من شهرين.
وأكدت القيادة المركزية الأمريكية في حسابها بموقع "تويتر" أن "التمرين يعمل على إظهار العزم العالمي في الحفاظ على الأمن الإقليمي والاستقرار وحرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة من قناة السويس إلى مضيق باب المندب عبر مضيق هرمز إلى شمال الخليج العربي".
وبيّنت أن "التمرين مصمم لتسهيل تبادل المعرفة والخبرات عبر مجموعة كاملة من العمليات البحرية الدفاعية".
بدورها أوضحت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن "التمرين البحري الدولي المختلط متعدد الجنسيات الذي تشارك فيه قواتها البحرية يعد أكبر مناورات بحرية في العالم، ويعد التمرين الأكثر شمولاً في العالم".
وأوضحت أن التمرين يهدف إلى "تعزيز العلاقات وقابلية العمل المشترك بين القوى الداعمة وعمليات الأمن البحري من خلال العمل بين القوات المشاركة، بهدف ردع الأخطار التي تهدد حرية الملاحة".
وأوضح مساعد قائد التمرين البحري الدولي المختلط وقائد قوة واجب البحرية السعودية العميد البحري الركن عبدالله بن فهيد الشمري أن مشاركة القوات البحرية الملكية السعودية في هذا التمرين الدولي تأتي حرصا من قيادة القوات البحرية على تعزيز العلاقات الدولية وإدامة العمل المشترك مع باقي بحريات دول العالم المتمثل في مشاركة عدد 56 دولة و7 منظمات عالمية.
وبيّن أن التمرين يُنفَّذ على مرحلتين؛ الأولى التدريب النظري والأكاديمي وذلك بوضع الفرضيات التي تعوق حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة العالمية ومن ثم تحليلها وإيجاد طرق الحل البديلة، وذلك بوجود وإشراف من كلية الحرب الأمريكية.
وتابع: "أما المرحلة الثانية فتشمل إبحار جميع السفن القتالية المشاركة في التمرين وإجراء المناورات التي تخص عمليات الأمن البحري المختلفة بهدف ردع وتحييد أي تهديد يشكل خطراً على خطوط المواصلات البحرية الدولية".
وأضاف العميد الشمري أن "مثل هذه التمارين لها انعكاسات وفوائد إيجابية على قواتنا البحرية في توحيد المفاهيم التكتيكية للقيادة والسيطرة مع باقي بحريات دول العالم وكذلك رفع مستوى القدرة القتالية للقوات البحرية الملكية السعودية".
تحالف حماية الملاحة.. رسائل واضحة
تلك الأهداف الاستراتيجية من التمرين، إضافة إلى مسرح عملياته في المنطقة الممتدة من خليج العقبة إلى شمال الخليج العربي (وهي نفس منطقة عمليات التحالف) يجعله بمثابة عملية تمهيدية واضحة لتحالف أمن الملاحة المرتقب الإعلان عنه خلال أيام.
كما يعد رسالة واضحة من الدول المشاركة في التمرين على اعتزامها حماية أمن الملاحة الدولية من أي تهديدات خلال الفترة المقبلة.
وكانت واشنطن قد أعلنت أنها تسعى إلى تشكيل تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية في الخليج، مؤكدة أنها ستوفر بموجب الخطة، سفن قيادة للتحالف العسكري وستقود جهوده للمراقبة والاستطلاع.
ويهدف التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية "آي إم إس سي"، إلى حماية السفن التجارية من خلال توفير الأجواء الآمنة لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية ومصالح البلدان المشاركة في التحالف، وبالتالي تعزيز أمن وسلامة السفن التجارية التي تمر عبر الممرات البحرية.
تغطي منطقة عمليات التحالف البحري الدولي مضيق هرمز الممر المائي الأكثر أهمية في العالم لإمدادات النفط، وباب المندب وبحر عمان والخليج العربي، وهي تقريبا نفس مسرح عمليات المناورات الجارية حاليا (IMX 19).
وكانت الولايات المتحدة قد دعت أكثر من 60 دولة للمشاركة في تشكيل قوة بحرية دولية تؤمن الملاحة العالمية في الخليج، على خلفية الحوادث المتكررة التي طالت في الأشهر الماضية ناقلات نفط في مياه المنطقة؛ لا سيما احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية.
ومن المقرر إطلاق هذه القوة التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا والسعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا، رسميا خلال أيام.
ويمر نحو 40% من النفط المنقول بحرا في العالم عبر مضيق هرمز، ولطالما هددت إيران بإغلاق المضيق الاستراتيجي.
تهديدات إيران
تلك التحركات الدولية جاءت بعد أن دأبت إيران وأذرعها المنتشرة بالمنطقة على استهداف السفن التجارية، لا سيما ناقلات النفط في مضيق هرمز؛ الأمر الذي تكرر خلال الأشهر الماضية.
وتصاعدت حدة التوترات بين إيران والغرب منذ سريان العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية بالكامل في مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع الذكرى السنوية لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية.
ومنذ ذلك الحين، تتسارع وتيرة المواجهة بين إيران والغرب؛ حيث أرسلت الولايات المتحدة يوم 5 مايو/أيار مجموعة هجومية تضم حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط، فيما أعلنت إيران يوم 8 مايو/أيار أنها ستخفف بعض القيود المفروضة على برنامجها النووي، قبل أن تحذر البحرية الأمريكية في العاشر من الشهر ذاته من هجمات إيرانية محتملة على حركة الملاحة في الخليج.
وبالفعل في أقل من شهر تعرضت حركة الملاحة الدولية في الخليج لتهديدات غير مسبوقة؛ حيث تعرضت 4 سفن من بينها ناقلتان سعوديتان للهجوم في 12 مايو/أيار بالخليج العربي، وحمّل مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إيران المسؤولية، قبل أن تتعرض ناقلتان للهجوم جنوبي مضيق هرمز في 13 يونيو/حزيران، وتتهم واشنطن طهران مرة أخرى بالوقوف وراءه.
التهديدات الإيرانية لم تتوقف عند استهداف حركة الملاحة الدولية فحسب، ولكنها امتدت إلى أبعد من ذلك وأسقطت إيران في 20 يونيو/حزيران طائرة استطلاع أمريكية عسكرية مسيرة في المياه الدولية بالخليج العربي.
وصوبت إيران مدافعها أيضا تجاه ناقلة النفط البريطانية هيريتدج عند المدخل الشمالي لمضيق هرمز في 10 يوليو/تموز، قبل أن تعلن اختطاف ناقلة نفط بريطانية تسمى "ستينا إمبيرو" لدى عبورها مضيق هرمز يوم 19 من الشهر ذاته.
aXA6IDMuMTYuMTM1LjIyNiA=
جزيرة ام اند امز