نوال السعداوي.. 61 معركة فكرية لنصرة المرأة
حياة مليئة بالحروب الشرسة والمعارك الطاحنة عاشتها الروائية المصرية نوال السعداوي، تمحورت حول الدفاع عن حقوق المرأة والانحياز لقضاياها.
وغيب الموت السعداوي، 21 مارس/آذار 2021، بعد 90 عاما قضت معظمها في رحلة دفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام، والمرأة بشكل خاص.
نجحت نوال، التي ولدت في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1931 لعائلة تقليدية بقرية تابعة لمحافظة القليوبية، منذ صغرها في كسر الصورة النمطية للفتاة وتمردت على قواعد المجتمع، التي كانت تراها بالية وكفيلة بتحجيم قدرات المرأة.
بدأت الفتاة الصلبة رحلة الدفاع عن المرأة مبكرا، منذ تخرجها في كلية الطب، وملاحظة المشاكل النفسية والجسدية للمرأة الناتجة على الممارسة القمعية للمجتمع والقمع الأسري.
وأسست المناضلة التي كرست حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان جمعيتي تضامن المرأة العربية والتربية الصحية، وأيضا جميعة للكاتبات المصريات، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان.
شغلت السعداوي العديد من المناصب الحكومية، منها المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة في القاهرة، وعملت فترة رئيس تحرير مجلة الصحة بالقاهرة، ومحررة في مجلة الجمعية الطبية.
خلال مشوارها القاسي، نجحت طبيبة الأمراض الصدرية أن تصبح واحدة من أهم الكاتبات المصريات والعربيات، وحازت مجموعة من الجوائز العالمية المرموقة ونالت3 درجات فخرية من 3 قارات، بل وحاضرت في العديد من المراكز العلمية المرموقة مثل جامعات هارفرد وكولومبيا وديوك والسربون.
واختارت مجلة "تايم" الأمريكية الطبيبة والروائية المصرية ضمن أكثر النساء تأثيرًا في العالم العربي خلال 100 عام، احتراما لمشوارها النضالي لانتزاع حقوق المرأة وتعزيز مكانتها.
سخّرت السعداوي نفسها للكفاح من أجل قضيتها، وألّفت 61 كتاباً دافعت خلالها بضراوة عن حقوق المرأة خاصة في المساوة مع الرجل، وانحازت لكثيرٍ من القضايا النسوية، وعلى رأسها ظاهرة الختان.
"العين الإخبارية" تستعرض 3 من أهم المعارك الشرسة التي خاضتها الكاتبة نوال السعداوي، وبسببها تلقت تهديدات بالقتل.
1- الختان
معركة شرسة خاضتها السعداوي ضد ختان الإناث بداية من عام 1972 بإصدار كتابها الشهير "المرأة والجنس"، الذي تطرق لهذه القضية بين صفحاته.
وحكت في كتابها عن تجربتها مع هذه القضية: "كثيرًا ما استدعيت لإنقاذ حياة بعض البنات إثر هذه العملية البشعة، فقد كانت الداية لجهلها تعتقد أنها إذا ما أوغلت بالموسي في لحم الفتاة، واستأصلت البظر من جذوره، فإن ذلك يضمن عفة الفتاة، وزهدها الأكبر في الجنس".
واعتبرت الطبيبة والحقوقية أن الختان جريمة تمارس يوميًا في مصر، وتعرض حياة الفتيات للموت وتسبب لهن على أقل تقدير أمراض نفسية لا تمحى، ورأت أن "هذه الجريمة لا تمارس إلا لفرض قوانين قبلية على النساء".
في عام 2007 توفيت الطفلة بدور شاكر (12 عاما) أثناء هذه العملية، وعلقت السعداوي: "بدور، هل كان يجب عليك الموت لتنيري هذه العقول المظلمة؟ هل كان يجب عليك دفع هذا الثمن بحياتك؟ يجب على الأطباء ورجال الدين أن يعلموا أن الدين الصحيح لا يأمر بقطع الأعضاء التناسلية".
وأكملت: "كطبيبة وناشطه في مجال حقوق الإنسان أرفض تماما هذه العملية كما أرفض ختان الذكور. وأؤمن أن الأطفال جميعا ذكورا وإناث يجب حمياتهم من هذا النوع من العمليات".
2- الحجاب
الحجاب كان من بين المعارك التي خاضتها الكاتبة المصرية، إذ كانت ترى أنه "من صور العبودية وضد الأخلاق والأمن ولا يعبر عن الأخلاق".
وفي إحدى الندوات الثقافية التي عقدت في العاصمة القاهرة عام 2015، كشفت السعداوي أسباب هجومها على الحجاب.
وقالت: "الملابس لا تعبر عن أخلاقي، فالرجال والنساء فى إفريقيا عرايا، ولا أحد يسألهم عن السبب، فالجو هناك حارا وحينما يصبح الناس جميعًا عرايا، فلا عيب فى ذلك".
وتساءلت: "لماذا المرأة تغطى والرجل لا يغطى؟ لماذا أنا ضد الحجاب؟ لأنه ضد الأخلاق، لو أنا أردت أن أظهر بمظهر الشريفة أشتري حجابا بـ50 قرشا أو 50 جنيها وأشتري الجنة بهذا المبلغ. أنا أريد أن أدخل الجنة بأخلاقي وسلوكي وليس بقماش على رأسي".
وتابعت: "المرأة تتحجب لأن الرجل عينه شهوانية فينظر لها وتفسد الأخلاق، وهذا صحيح، لكن المرأة لها شهوة أيضا، فلماذا لا نغطى الرجل أيضًا؟".
3- تعدد الزوجات
عبرت الطبيبة والروائية والحقوقية مرات عدة عن رفضها لمبدأ تعدد الزوجات، معتبرة أنه كذب وليس بالقرآن والدليل إن بلاد عربية مثل تونس منعته.
وقالت السعداوي، خلال لقائها في برنامج "السادة المحترمون" المذاع على فضائية "ontv لايف" مارس/آذار 2016، إن "تعدد الزوجات يخلق الكره بين الأطفال والزوجات كما يزيد من الحوادث".
في مقال نشرته بصحيفة "المصري اليوم" المصرية بتاريخ 6 أبريل/نيسان 2020، حكت الكاتبة الشهيرة قصة كانت سببا في بلورة رؤيتها ضد تعدد الزوجات.
وكتبت: "مؤخرا فى الصحف، قرأت لشيخ الأزهر تصريحا بعدم وجود آية أو حديث يأمر بتعدد الزوجات، وأن التعدد ليس مباحا دون قيد أو شرط، وهذه خطوة متقدمة، لكن كان المطلوب أن يعلن شيخ الأزهر عن السبب الوحيد للتعدد بالقرآن، وهو العدل بين اليتامى، وبالتالى يضرب الاتجاه السلفي الشبقي، الذى يشرٌع التعدد لإشباع نزوات الرجال الجنسية وتجديد شباب العجائز منهم".
وأكملت: "بلاد كثيرة منعت التعدد تماما (فالأرامل واليتامى ترعاهم الدولة) حرصا على سلامة الأسرة وتمسكًا بالأخلاق، وفضيلة الوفاء المتبادل بين الزوجين، وتلافيا للانفجار السكانى، فما بال بلادنا المتفجرة بالبشر، يعيشون تحت خط الفقر، والرجل منهم يطلق ويتزوج كما يشاء، وتلد زوجاته كالأرانب، عشرة وعشرين، ألا يفقهون؟!".
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز