النازيون الجدد في ألمانيا.. زحف سياسي وتهديدات متزايدة
يفرض اليمين المتطرف نفسه على الساحة السياسية الألمانية تدريجيا، حيث بات حزب "البديل لأجل ألمانيا" أول حزب يميني متطرف يدخل البرلمان.
"محاولة فاشلة لاقتحام البرلمان، واشتباكات مع الشرطة في يوم الوحدة، واكتشاف الكثير من الخلايا في الأجهزة الأمنية"، تلك هي عناوين الأخبار التي طالعها الألمان خلال الأسابيع الماضية، وارتبطت باليمين المتطرف بصفة عامة، والنازيين الجدد بصفة خاصة.
هذه التحركات أثارت قلق الحكومة الألمانية والشعب على حد سواء من تزايد نفوذ هذه الجماعة الخطرة.
ويوم السبت الماضي، وقعت اشتباكات بين 300 شخص من النازيين الجدد وشرطة مكافحة الشغب في شرق برلين، بالتزامن مع احتفالات يوم الوحدة بين ألمانيا الشرقية والغربية عام ١٩٩١، ما خلق حالة من الفوضى لم تستمر طويلا إثر سيطرة الشرطة على الموقف.
وقبل ذلك التاريخ بأكثر من شهر، وبالتحديد في 29 أغسطس/آب الماضي، أحبطت الشرطة الألمانية، محاولة عناصر من اليمين المتطرف، اقتحام مبنى البرلمان الألماني في وسط برلين، على هامش مظاهرات حاشدة ضد إجراءات كورونا.
ووفق صحيفة بيلد الألمانية (خاصة)، فإن مجموعة من الأشخاص يحملون علم الدولة النازية السابقة، حاولوا اقتحام مبنى البرلمان وسط برلين.
وتابعت "هرعت عناصر الشرطة إلى الدرج المؤدي لمدخل البرلمان الألماني، ووقفت كحائط صد ضد محاولات المجموعة دخول المبنى"، مضيفة "استخدم عناصر الشرطة رذاذ الفلفل لإبعاد المقتحمين".
ورغم نجاح الشرطة الألمانية في إحباط محاولة اقتحام البرلمان، إلا أن الخطوة ولدت صدمة كبيرة بسبب رمزية المبنى، وكونه أهم رموز النظام الحالي الذي أُسس على أنقاض النظام النازي بعد الحرب العالمية الثانية في 1945.
وبين الواقعتين، كشفت السلطات الألمانية النقاب عن وجود عدد متزايد من عناصر اليمين المتطرف والنازيين الجدد في أروقة الأجهزة الأمنية.
وفي أواخر سبتمبر / أيلول الماضي، نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية (خاصة) مقتطفات من تقرير للاستخبارات الداخلية وصفته بـ"السري"، تشير إلى رصد الجهاز 350 حالة انتماء لليمين المتطرف في أجهزة الأمن في الفترة بين يناير / كانون الثاني 2017، ومارس/ آذار 2020.
كما كشفت سلطات الأمن في نفس الشهر، مجموعة على شبكات التواصل الاجتماعي، تضم 29 شرطيا في ولاية شمال الراين ويستفاليا "غرب"، محسوبين على اليمين المتطرف، ما استوجب وقفهم جميعا عن العمل وبدء إجراءات تأديبية بحق 15، وتسريح الـ14 الآخرين. وتكرر الأمر مع اكتشاف مجموعة أخرى في شرطة برلين بعدها بأيام.
ووفق صحيفة دي فيلت، فإن خطر النازيين الجدد يتزايد بشكل كبير في البلاد، وباتوا متواجدين في كل مكان؛ في المظاهرات والأجهزة الأمنية والشارع.
وتابعت: "رغم أن إجمالي عدد المنتمين لليمين المتطرف لا يتخطى حاجز الـ25 ألف شخص في عموم البلاد، إلا أنهم يمثلون خطرا كبيرا على مستقبل ألمانيا".
قلب نظام الحكم
لكن الأمر لا يتعلق فقط بتهديد أمني، بل وصل الأمر إلى تخطيط وتحركات ممنهجة لقلب نظام الحكم الذي لا يعترف به النازيون الجدد من الأساس.
ففي فبراير / شُباط الماضي، اعتقلت الشرطة 12 من العناصر الأساسية لخلية نازية عرفت باسم "إس"، خططت لاستهداف سياسيين ومسلمين على نطاق واسع، وصولا إلى إشعال حرب أهلية تنتهي بتقويض النظام الديمقراطي في البلاد.
ووفق ما نقلته "دير شبيجل" الألمانية ذائعة الصيت، فإن الشرطة الألمانية عثرت على عدة أسلحة خلال عمليات القبض على المشتبه بهم.
وأضافت المجلة أن "الخلية خططت لشن هجمات وعمليات اغتيال تستهدف سياسيين ومسلمين، بهدف إحداث حالة من الفوضى تقود إلى تقويض الدولة والنظام السياسي والاجتماعي بشكله الحالي، وتأسيس نظام نازي جديد".
زحف سياسي
ويفرض اليمين المتطرف نفسه على الساحة السياسية الألمانية تدريجيا، حيث بات حزب "البديل لأجل ألمانيا"، المؤسس عام 2013، أول حزب يميني متطرف يدخل البرلمان الألماني في سبتمبر/ أيلول 2017، بعدما حصد 12.6% من الأصوات، وأصبح صاحب ثالث أكبر كتلة برلمانية، وحزب المعارضة الرئيسي.
وبعد ذلك التاريخ بعامين، وبالتحديد في 1 سبتمبر / أيلول 2019، حقق حزب البديل لأجل ألمانيا الذي يتهم بأنه يضم نازيين في صفوفه، نتائج قوية وغير مسبوقة في الانتخابات المحلية في ولايتي ساكسونيا وبراندنبورغ، شرقي ألمانيا.
وحصد الحزب 27.5% من الأصوات في ولاية ساكسونيا محتلا المرتبة الثانية بعد الحزب الديمقراطي المسيحي (32%) الذي تنحدر منه المستشارة أنجيلا ميركل.
وفي ولاية براندنبورغ، تصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يحكم الولاية، المشهد بحصوله على 27.5% من الأصوات، وحل حزب البديل لأجل ألمانيا في المرتبة الثانية بـ22.5% وهي نتيجة غير مسبوقة لهذا الحزب في الولاية.
ولا يخفي حزب البديل لأجل ألمانيا هدفه الأساسي، فرئيس الحزب وزعيم كتلته البرلمانية، ألكسندر غاولاند أعلن عقب انتخابات براندنبورغ وساكسونيا، أن الحزب يريد الوصول لحكم ألمانيا.