بايدن ونتنياهو.. سنوات من الإعداد للانقسام الحالي
انقسام واضح يهيمن على العلاقات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه الديمقراطي من ناحية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكن هذا التوتر بين الجانبين لم يكن وليد اللحظة إنما نتاج سنوات طويلة من الخلافات.
ففي عام 2014 استضاف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في المكتب البيضاوي نتنياهو الذي ألقى عليه محاضرة حول مستقبل غزة والدولة الفلسطينية والاتفاق النووي الإيراني في لهجة وجدها الرئيس الديمقراطي متعالية ورافضة.
وخلال الأعوام الـ16 الماضية، ابتعد نتنياهو بشكل حاد عن الشراكة الثنائية التي حافظ عليها أسلافه فعمل على احتضان الجمهوريين من جهة وازدراء الديمقراطيين من جهة أخرى، وهو الموقف الذي يلقي بظلاله بشكل متزايد على نهج كل حزب في التعامل مع إسرائيل وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وفي تقرير لها قالت الصحيفة إن حرب غزة أدت إلى تسريع هذا التحول في العلاقات ليبدأ الدعم الأمريكي واسع النطاق لإسرائيل في التحطم على صخرة الأحزاب والأجيال وهو ما يتجلى في الاحتجاجات الغاضبة المناهضة لإسرائيل والمناقشات الديمقراطية التي تكشف عن تغيير أساسي في السياسة الأمريكية.
وخلال السنوات الأخيرة، تحركت إسرائيل بشكل مضطرد نحو اليمين، في حين اتجه الحزب الديمقراطي نحو اليسار وفي الوقت نفسه تلاشت ذكريات «المحرقة»، التي عززت لفترة طويلة تعاطف الأمريكيين مع إسرائيل بحسب "واشنطن بوست".
ووفقا لمساعدي نتنياهو السابقين فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو من قاد التغيير من خلال استراتيجية الانحياز إلى اليمين الأمريكي، وهو السر وراء خلافه المتزايد مع بايدن الذي يجسد المودة الديمقراطية التقليدية لإسرائيل.
ولا يمكن أن تكون المخاطر بالنسبة لإسرائيل أكبر من ذلك، حيث يتفق القادة من جميع الأطراف على أن الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي أمر بالغ الأهمية لقدرتها على البقاء.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي: "لا أعتقد أن هناك أي طريقة أخرى لقول ذلك.. لقد كان نتنياهو كارثة مطلقة لدعم إسرائيل في جميع أنحاء العالم.. وهنا في الولايات المتحدة، اتخذ نتنياهو قرارًا متهورًا بالاندماج في الحزب الجمهوري وهو ما أدى إلى عواقب وخيمة".
وأضاف ميرفي، وهو عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أنه حذر نتنياهو شخصيا عدة مرات خلال السنوات العشر الماضية من مخاطر الانحياز بشكل وثيق إلى الجمهوريين لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي "لم يرغب أبدا في الاستماع".
وفي الماضي، انعكست استراتيجية نتنياهو في تحركات مثل الذهاب من وراء ظهر أوباما في 2015 لإلقاء كلمة أمام الكونغرس الذي يقوده الجمهوريون لانتقاد سياسة الرئيس تجاه إيران، أو الإشارة إلى تفضيله للمرشحين الرئاسيين الجمهوريين ميت رومني ودونالد ترامب.
وفي الصراع الحالي، رفض نتنياهو بنبرة لاذعة مناشدات بايدن حول تقديم المساعدات وحماية المدنيين في غزة كما نشر أحد كبار وزرائه على منصة إكس "حماس ♥ بايدن".
بدورهم، سارع الجمهوريون إلى تسليط الضوء على احتضانهم لنتنياهو وشن الهجوم على بايدن وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إنه يعتزم دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس كما سافرت النائبة الجمهورية مؤخراً إلى إسرائيل لطمأنة أعضاء الكنيست، بأنه "لا يوجد أي عذر لرئيس أمريكي لمنع المساعدات عن إسرائيل".
ويشعر بعض القادة الإسرائيليين بالقلق من أن يدمر نتنياهو بشكل دائم الدعم الأمريكي لإسرائيل وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، إن الاستراتيجية الحزبية لنتنياهو "تسببت في تآكل الدعم الشعبي لإسرائيل وهو ما يعد تهديدا خطيرا لاحتياجاتها الأساسية".
وفي الولايات المتحدة، يتعاطف النشطاء من ذوي البشرة السمراء بشكل متزايد مع القضية الفلسطينية، ويدينون إسرائيل باعتبارها كيانًا "استعماريًا" ومنذ سنوات بدأت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات للاحتجاج على طريقة تعامل إسرائيل مع الأراضي المحتلة.
ومع ذلك، يقول الديمقراطيون إنه لا شيء حطم تعاطف التقدميين مع إسرائيل مثل خطاب نتنياهو وأفعاله، خاصة ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة وانتشار الجوع بسبب القيود الشديدة على المساعدات.
وقال السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز: "تاريخيا، حظيت إسرائيل دائمًا بالكثير من الدعم في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، وذلك لأنها كانت موطنًا لليهود الذين عانوا من جرائم لا توصف خلال الحرب العالمية الثانية".
وأضاف: "لكن ما أعتقد أنه واضح، خاصة بين جيل الشباب، هو أن الحرب التي تشنها حكومة نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني وقتلها لعشرات الآلاف من الناس قد قللت بشكل كبير من الدعم لإسرائيل وخاصة بين الشباب".
لكن مسؤولا إسرائيليا كبيرا، قال شريطة عدم الكشف عن هويته إن "نتنياهو تصرف دائما بحسن نية مع القادة الأمريكيين وأوفى بكل التزامه الذي تعهد به”.