نقاط ضائعة تربك «تفاهمات صامتة».. كيف أحرج نتنياهو واشنطن؟
حين سُئل جون كيربي عن تراجع بنيامين نتنياهو عن موافقته على مشروع وقف إطلاق النار المؤقت في لبنان، بدا أن الرجل عاجز عن صياغة رد.
ولأنها ليست المرة الأولى التي يغيّر فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي موقفا بعد تفاهمات، كان على المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي التوضيح، أو بالأحرى تكذيب نتنياهو.
وأكد كيربي أن المقترح الفرنسي الأمريكي الذي انضمت إليه عدة دول أوروبية وعربية، صيغ بالتشاور مع الجانب الإسرائيلي.
وقال إن "البيان الذي عملنا عليه لم تتم صياغته من فراغ، بل بعد مشاورات متأنية ليس فقط مع الدول التي وقعت عليه، إنما مع إسرائيل نفسها".
ثم تابع متسائلا: "ما الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى التصريح بذلك؟".
وبحسب موقع "والا" الإسرائيلي، فقد تراجع نتنياهو عن "التفاهمات الصامتة" مع واشنطن بشأن المقترح الذي كان مشاركا في بلورته، وذلك، بعد وصوله إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن، ولسبب ما، انقلب نتنياهو حتى على "تراجعه" ليقول إنه "يشارك أهداف" المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان.
ضغوط داخلية
في ظل التصعيد الذي يهدد بإغراق الشرق الأوسط في الحرب، دعت الولايات المتحدة وفرنسا في بيان وقعت عليه أيضا دول أخرى، إلى "وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما عبر الحدود اللبنانية-الإسرائيلية لإفساح المجال أمام الدبلوماسية".
لكن مكتب نتنياهو قال الخميس إن الأخير "لم يرد حتى" على "المقترح الأمريكي الفرنسي"، مؤكدا أنه أمر الجيش "بمواصلة الضرب بكل قوة".
وعكس وزير الخارجية يسرائيل كاتس موقفا مماثلا، وقال عبر منصة "إكس": "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال. سنواصل القتال ضد منظمة حزب الله الإرهابية بكل قوتنا حتى النصر والعودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم".
بدوره، رفض وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وقف النار، قائلا إن الهدف يظل "سحق" حزب الله.
فيما هدّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المنتمي إلى اليمين المتطرف، بمقاطعة أعمال الحكومة الإسرائيلية في حال إبرام اتفاق على وقف لإطلاق النار مع حزب الله.
وفي قراءتها للموقف، عدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن نتنياهو تراجع عن "تفاهماته" مع واشنطن بشأن المبادرة.
كما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر دبلوماسية شاركت في صياغة المقترح المذكور، قولها إن نتنياهو انسحب من الاتفاقات ونقل هذا شفويا إلى الإدارة الأمريكية "بعد ضغوط سياسية مورست عليه في إسرائيل".
وبحسب "هآرتس"، فقد جرى "إطلاع نتنياهو ومساعده المقرب الوزير رون ديرمر، بانتظام، يومي الثلاثاء والأربعاء على الجهود السياسية التي تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا، ورحبا بذلك".
واستدركت الصحيفة بالقول: "ولكن خلال رحلته إلى الولايات المتحدة، تراجع نتنياهو واتخذ خطا معاكسا تجاه مقترح وقف إطلاق النار".
حلقة جديدة من التوتر
لم تكن المرة الأولى التي يتراجع فيها نتنياهو عن تفاهمات مع واشنطن فيما عده إعلام إسرائيلي وغربي بأنه "ازدواجية في المعايير" خلقت توترات مع البيت الأبيض.
وبحسب موقع "إكسيوس" الأمريكي، فإن تراجع نتنياهو عن تصريحاته الرافضة للمقترح قد يكون حالة أخرى من كلامه المزدوج، مشيرة إلى نشر البيان باللغة الإنجليزية فقط على صفحة "فيسبوك" الخاصة بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
واعتبر الموقع أن ما يحدث يشكل حلقة أخرى في سلسلة من التقلبات من قبل نتنياهو بالساعات الأربع والعشرين الماضية بشأن اقتراح وقف إطلاق النار في لبنان.
ولفت إلى أنه رغم أن نتنياهو كان جزءا من المفاوضات بشأن مبادرة وقف إطلاق النار، إلا أنه نأى بنفسه صباح الخميس عن الاقتراح تحت ضغط سياسي من شركائه في الائتلاف القومي المتطرف.
وفي رد فعل على ذلك، عد التقرير أن "البيت الأبيض بدا غاضبًا وأشار إلى أن نتنياهو يكذب".
خلف الكواليس
بحسب الموقع الأمريكي، التقى وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو رون ديرمر بمستشاري جو بايدن بريت ماكجورك وآموس هوكستين.
وقال مسؤول أمريكي إن الاجتماع كان صعبا.
وفي وقت لاحق، التقى ديرمر، مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي أخبره أنه "من المهم" التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية والتسوية الدبلوماسية التي ستسمح للمدنيين على جانبي الحدود بالعودة إلى منازلهم، وفق وزارة الخارجية.
وقال بلينكن لديرمر إن "المزيد من التصعيد للصراع لن يؤدي إلا إلى جعل هذا الهدف أكثر صعوبة".
وبعد ساعات قليلة من هذه الاجتماعات، نشر مكتب نتنياهو بيانا جديدا يعترف بأن دعوة الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار كانت منسقة مع إسرائيل.
وقال البيان: "تتشاطر إسرائيل أهداف المبادرة التي تقودها واشنطن لتمكين الناس على طول حدودنا الشمالية من العودة بأمان إلى ديارهم".
كما "تقدر إسرائيل الجهود الأمريكية في هذا الصدد، لأن الدور الأمريكي لا غنى عنه في تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة"، وفق البيان.
وبين السطور، قال مسؤول أمريكي إن إدارة جو بايدن ترى في البيان الإسرائيلي تراجعا يعترف بما قاله البيت الأبيض عن خطة وقف إطلاق النار في لبنان.
ووصف المسؤول بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "عدم رفض" للمبادرة التي تقودها واشنطن.
وبخصوص مستقبل المقترح، قال المسؤول الأمريكي إنه لا يزال على الطاولة، وأن إدارة بايدن تواصل العمل عليه، مشددا في الوقت نفسه على أن واشنطن ستواصل الضغط على إسرائيل لتجنب اجتياح بري للبنان.
aXA6IDQ0LjIwMC45NC4xNTAg جزيرة ام اند امز