«بروفانس».. مملكة صناعة السيارات الفرنسية تدخل مرحلة الركود

تشهد مبيعات السيارات الجديدة تراجعًا مستمرًا في منطقة قلب صناعة السيارات في فرنسا "بروفانس" كما هو الحال في بقية أنحاء فرنسا.
في شهر مايو/أيار، سجلت صالات العرض في المنطقة انخفاضًا في المبيعات تراوح بين 11% و21%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا الانخفاض أكثر وضوحًا في قطاع السيارات الكهربائية، الذي يفشل في إقناع المشترين.
"الوضع يزداد سوءًا"، هذا ما تؤكده الأرقام الصادرة عن "المنصة الفرنسية للسيارات"، وهي واحدة من أبرز جماعات الضغط في القطاع، حيث أظهرت أن تسجيل السيارات الجديدة انخفض على المستوى الوطني بنسبة 12.3% خلال شهر مايو/أيار الماضي مقارنة بنفس الشهر من عام 2024.
من جانبه، قال نيكولا لو بيجو، المدير العام بالنيابة للمنصة: "كل شهر يمر، يزداد الوضع سوءًا في السوق.. نحن نعيش الشهر الخامس على التوالي من التراجع"، موضحاً أن هذا الانخفاض يمثل استمرارًا لعام 2024 التي كانت قاتمة، إذ سجّل السوق تراجعًا عامًا بنسبة 3.2%، بحسب صحيفة "لا بروفانس" الفرنسية.
وفي بروفانس، أحد المعاقل التقليدية لصناعة وتجارة السيارات في فرنسا، الوضع لا يقل سوءًا. وفقًا لبيانات صادرة عن شركة AAA Data المختصة بتحليل السوق، سجّلت المقاطعات الثلاث الكبرى في المنطقة انخفاضًا حادًا في تسجيل السيارات الجديدة خلال شهر مايو/أيار، بل وكان الانخفاض أكثر حدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة، حيث بلغ متوسط التراجع نحو 11%.
فشل التحول إلى السيارات الكهربائية
يكشف هذا التراجع الحاد في مبيعات السيارات، لا سيما السيارات الكهربائية، عن فشل واضح في تحويل الطموحات البيئية الفرنسية إلى واقع تجاري مستدام.
في حين تراهن الحكومة الفرنسية على تسريع الانتقال نحو التنقل الكهربائي لتحقيق أهداف المناخ وخفض الانبعاثات، فإن المستهلك الفرنسي لا يزال غير مستعد لتحمّل تكاليف مرتفعة لشراء سيارة كهربائية، خاصة في ظل أزمة التضخم وغلاء المعيشة التي تؤثر على القدرة الشرائية للأسر.
من جانبه، قال فلافيان نوفي، الخبير الاقتصادي الفرنسي المتخصص في سوق السيارات لـ"العين الإخبارية" إن السيارات الكهربائية، رغم دعم الدولة عبر حوافز مالية، لا تزال باهظة الثمن عند الشراء، كما أن البنية التحتية الخاصة بالشحن الكهربائي لا تزال غير متطورة بما فيه الكفاية، خصوصًا خارج المدن الكبرى.
ويرى نوفي أن هذا الانخفاض يُظهر هشاشة النموذج الصناعي البيئي الفرنسي، الذي يعتمد بشكل كبير على المستهلك الفردي دون الأخذ في الاعتبار التحولات الاجتماعية الكبرى، مثل تراجع الدخل المتوسط، وتزايد القلق من تكاليف الصيانة والبطاريات.
أزمة اقتصادية أشمل
واعتبر الخبير الاقتصادي الفرنسي أن ما تشهده سوق السيارات في فرنسا ليس مجرد ركود دوري، بل هو مؤشر على أزمة اقتصادية واجتماعية أعمق. فمع تقلص الطبقة المتوسطة وتزايد نسب التضخم، أصبحت السيارة الجديدة، خاصة الكهربائية، سلعة "ترف" أكثر من كونها ضرورة يومية.
وفي ظل هذا السياق، تبدو خطط الحكومة الفرنسية لتسريع "التحول البيئي" عبر الضغط على سوق السيارات غير متماشية مع الواقع المعيشي للفرنسيين، وهو ما يُهدد بتوسيع الهوة بين الأهداف البيئية المعلنة والحلول الاقتصادية الممكنة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODQg جزيرة ام اند امز