11 سبتمبر بدء العام 6260 في التقويم المصري القديم
أدلة أثرية تؤكد تقدم علم الفلك لدى الفراعنة القدماء حيث اكتشفوا السنة القمرية وقسموها لفصول وشهور كما فرقوا بين السنة الكبيسة والبسيطة
يبدأ العام 6260 من التقويم المصري القديم، الثلاثاء 11 سبتمبر، وهو يعتبر من أكثر التقويمات قدما ودقة في العالم.
يعود التقويم المصري إلى عام 4241 قبل الميلاد، إذ بدأ قبل عصر الأسرات وتكوين الدولة المصرية الموحدة، واكتشف المصريون القدماء حينها السنة القمرية وقسّموها لفصول وشهور وأيام وساعات، كما استطاعوا التفرقة بين السنة البسيطة والكبيسة ما يمثل إعجازا فلكيا في ذلك الوقت.
السنة المصرية و"الشعرى اليمانية":
اعتمد المصريون القدماء في البداية على التقويم القمري الفلكي، حيث ظهور النجم "سبدت" المعروف الآن بالشعرى اليمانية، وهو ألمع نجم في مجموعة نجوم كلب الجبار، وله ظهوران كبيران، الأول يكون في وسط سماء مصر ليلا ويرتبط ببداية زمن وصول الفيضان، اعتباراً من مكان الشلال الأول "جنوب أسوان"، بينما الثاني مرتبط بشروق الشمس معه أو بعده بقليل جداً, أي في أقصر مسافة زمنية بين رؤية الشروقين الاحتراقيين للنجمين العظيمين "سبدت" و“الشمس“، ويكون ذلك مع قرب زمن اكتمال الفيضان، على مدينة "أون" بمنطقة المطرية في القاهرة حاليا.
وتشير العديد من الأدلة الأثرية إلى أن بداية السنة المصرية تبدأ مع شروق نجم "سبدت"، منها الخريطة الفلكية بمعبد الرمسيوم بالأقصر، وخريطة الأبراج "زودياك" المرسومة في سقف مقبرة "سن-ن-موت", وهو مستشار الملكة حتشبسوت بمعبد الأقصر، والدائرة الصخرية التي وجدت في صحراء بلدة نبطة جنوب السودان، والتي ترجع لأكثر من 4 آلاف عام قبل الميلاد، وتشير إلى النجم "سبدت" المرتبط بالفيضان، أيضا النقوش الموجودة في الأختام العاجية من عهد نقادة الثانية والتي ترجع 3300ق.م.
وفقا لخريطة أبراج السماء في معبد"هاتور"، وهي الأشهر عالميا، والموجودة بمتحف اللوفر بفرنسا، ورسوم مقبرة "مري-روكا" وزير الملك تيتي من الأسرة السادسة 2323 ق.م، عرف المصري القديم تقسيم السنة إلى 3 فصول، كل فصل يحتوي على 4 شهور هم : فصل"آخت" ويعني بالهيروغليفية أفق أو بزوغ الشمس، وفيه تتم تهيئة الأرض للزراعة والبذر، ويشمل 4 شهور هم: شهر"توت" نسبة للإله توت رب العلوم والفنون ومخترع الكتابة، ثم شهر "بابه" إلى حابى إله النيل، وشهر "هاتور" وينشق من "حتحور" البقرة المقدسة، وهي إله الجمال والخصب، وشهر "كيهك".
ثم فصل "برت" وهو فصل الإنبات، ويضم شهر"طوبة"، و"أمشير"، و“برمهات"، و "برمودة"، ثم فصل "شمو" وهو فصل الحصاد والجفاف، ويشمل "بشنس"، و"بؤونة" و"أبيب"، و "مسرى"، وهكذا تصبح السنة المصرية مكونة من 12 شهرا، وكل شهر مقسم إلى 3 مجموعات عشرية بمجموع 30 يوما.
وأضاف المصريون شهرا صغيرا يسمى "أبد كوجي" ويتكون من 5 أيام في السنة العادية، أو 6 أيام في السنة الكبيسة، حيث عرف الفارق بين السنة البسيطة والكبيسة، كما تدل الساعة المائية المحفوظة في المتحف المصري، والتي ترجع للملك أمنحتب الثالث، أن المصري القديم قسم اليوم إلى 24 ساعة، 12 ساعة للنهار، و 12 ساعة لليل.
احتفالات المصريين القدماء بالسنة الجديدة:
كان المصريون القدماء يقيمون الاحتفالات والمهرجانات الكبيرة خلال المدة ما بين الظهور الأول للشعرى اليمانية الذي يسمونه "ليلة النقطة"، والثاني احتفالات عيد "رأس السنة المصرية"، حيث كانوا يتنقلون بالمراكب بين المدن النيلية احتفالا بحابي "إله النيل"، حيث يصف المؤرخ هيرودوت مشاهداته الشخصية لاحتفالات المصريين بعيد ميلاد الشمس "رع" في مدينة هليوبوليس في بداية السنة المصرية الجديدة.
وتصف عالمة المصريات كريستيان لاروش نوبلكور، الاحتفال الذي كان يقام بمناسبة العام الجديد بالمهابة والإجلال، ويبدأ في مساء اليوم الأول من شهر "توت" أول شهور العام، حيث يقوم الكهنة باحضار تمثال مصنوع من الذهب يسمى "باي" على هيئة طائر له رأس امرأة، ويوضع داخل صندوق زجاجي، ويحمله الكهنة في موكب ويقومون بعمل الطقوس المقدسة ثم عندما تشرق الشمس على وجه "باي", تعزف الموسيقى وترتل التراتيل الكهنة لإعلان ذلك الحدث السعيد.
وساهم التقويم المصري في وضع التقويمات المختلفة للحضارت القديمة برغم اختلافها سواء كانت شمسية أم قمرية، و برغم مرور آلاف السنين على بداية التقويم المصري القديم الذي اعتمد على فيضان النيل في تحديد بداية السنة هو أيضا الذي ينظم الزراعة في مصر حتى الآن.