لوبان وبارديلا والإليزيه.. الاستطلاعات تشعل معركة «المعلم والتلميذ»

في السياسة كما الحياة، لا تنجذب الأضواء إلا لرقم واحد فقط، وهذا الأمر تعمله زعمية الجبهة الوطنية الفرنسية، ماري لوبان، جيدا.
وبعد أسابيع من إدانتها بالاختلاس ومنعها فعليًا من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2027، تبدو زعيمة "أقصى اليمين"، مهمشة بشكل متزايد من قبل وريثها، جوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطني البالغ من العمر 29 عامًا.
وأدت موجة من استطلاعات الرأي التي تزيد حظوظ بارديلا إلى جانب الشكوك المتزايدة حول مستقبل لوبان السياسي، إلى تراجع الأخيرة إلى الخلف، حتى لو ظلت مصرة علنًا على خوض حملة رئاسية رابعة.
وقال فريديريك دابي، المدير العام لشركة "IFOP" لاستطلاعات الرأي: ”لأول مرة، هما متعادلين تمامًا“ في استطلاعات الرأي.
وحصل كل من لوبان وبارديلا على نسبة 31 في المئة من نوايا التصويت للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في استطلاع للرأي نُشر هذا الأسبوع، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ووفق المجلة، فإن حقيقة أن الناخبين لا يمانعون على ما يبدو في مبادلة لوبان ببارديلا، لا بد أن تثير غضب التجمع الوطني، بالنظر إلى تاريخ الحزب مع الصراعات الداخلية.
في هذا السياق الصعب، قامت لوبان بتوزيع الأدوار من حولها بعناية، بما في ذلك بارديلا، لتجنب أنواع الخصومات التي مزقت الحزب في عهد والدها.
وقد أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان بارديلا مستعدا للأضواء التي تصاحب الحملة الرئاسية.
وقبل أشهر، كان بارديلا يمني النفس بشغل منصب رئيس الوزراء على الطريقة الأمريكية، مع مارين لوبان كرئيسة مستقبلية، لكن المتاعب القانونية التي تواجهها معلمته تعني أن أحلامها في الإليزيه تتوقف على ما إذا كانت محكمة الاستئناف ستحكم لصالحها الصيف المقبل.
وهكذا يجد بارديلا نفسه مدفوعًا إلى دور أكثر بروزًا، وغير مريح بعض الشيء، وهو دور البديل لنجم غير مستعد بعد للتنحي.
"على حافة الهاوية"
وقال دابي: ”من الواضح أن هناك بعض الشكوك لدى ناخبي لوبان الحاليين والمحتملين حول إمكانية ترشحها في عام 2027“.
وفي استطلاع للرأي نُشر في 12 مايو/أيار، رأى 53 في المئة فقط من المستطلعين أن لوبان ستكون في وضع يسمح لها بالترشح، مقابل 69 في المئة لبارديلا.
علناً، حاول التجمع الوطني التقليل من شأن أي نوع من الخلاف. وفي حين اعترف بارديلا أخيرًا بمكانته الجديدة، قال يوم الأربعاء لمحطة ”فرانس إنتر“ الإذاعية إنه ولوبان ”يعملان يدًا بيد“، متعهدا أيضًا بدعم معركة لوبان لإلغاء قرار المحكمة.
كما سعى أحد كبار مستشاري الحزب، الذي مُنح عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إلى رفض فكرة أن الخلاف بين لوبان وبارديلا، يتزايد.
وقال المستشار: ”يمكنني أن أشهد بأنهما يعملان معًا بانسجام“.
لكن استطلاعات الرأي أصبحت قضية حساسة بالنسبة للتجمع الوطني نظراً للغموض الذي يحيط بمستقبل لوبان.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، غضب معظم مؤيديها المخلصين عندما اكتشفوا أن استطلاعاً واسع النطاق كان على وشك النشر، أظهر أن بارديلا فقط هو مرشح التجمع الوطني في الانتخابات الرئاسية لعام 2027، ولم يتم إدراج لوبان إلا بعد تدخل اثنين من كبار مساعديها.
ووقف الملياردير المحافظ بيير إدوارد ستيرين، وراء هذا الاستطلاع، إذ يُقال إن ستيرين، الذي تعهد بالملايين لإعادة تشكيل السياسة الفرنسية بما يتماشى مع أفكاره، ليس من المعجبين بلوبان. بل إنه يفضل المرشحين اليمينيين الأكثر ليبرالية من الناحية الاقتصادية.
ووفق "بوليتيكو"، صوّر الموالون للوبان هذه الحادثة على أنها خطوة لتهميشها وإعطاء الأفضلية لشخصيات مثل بارديلا التي يُنظر إليها على أنها أكثر ليبرالية في مجال الاقتصاد.