احتفل الأفارقة الأسبوع الماضي بمرور 60 عاما على انطلاق أول كيان أفريقي من أجل مناقشة القضايا الأفريقية والدعوة للتحرر الأفريقي، من براثن الاستعمار.
النواة الأولى لمسيرة الاتحاد الأفريقي، انطلقت قبل 6 عقود عبر منظمة الوحدة الأفريقية. وواجهت القارة السمراء العديد من التحديات لتطوير شعوبها عبر مختلف الأزمنة، وظل الإنسان الأفريقي يتحدى كافة التحديات التي واجهته على بر مر الزمان من أمراض وجهل وفقر وحروب وصراعات نهشت الجسد الأفريقي عبر مختلف المراحل .
الرعيل الأول من قادة أفريقيا أمثال هيلي سيلاسي ونكروما وجمال عبدالناصر وغيرهم من القيادات الأفريقية اتحدوا من أجل إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية ووضعوا قواعدها الأولى، فيما لا زالت ذاكرة التاريخ الأفريقي تخلد ذكرى هؤلاء القادة الذين عملوا على وضع اللبنة الأولى للوحدة الأفريقية.
ومع مرور الوقت وتغير التحركات في القارة السمراء، ظهر القادة الأفارقة من جيل الوسط، أو من يطلق عليهم الليبراليون الجدد، والذين كانت لهم نظرة أخرى لقيادة أفريقيا عبر ميثاق جعل القارة السمراء تثبت أنها تستطيع أن تقوم بكل ما يلزم من واجبات من أجل إنسانها.
وكانت التجارب السابقة في القارة الأفريقية التي أكدها قادتها من الليبراليين الجدد، الذين باتوا أكبر تحد للدول المتقدمة، بقياداتهم لأفريقيا بطريقة جديدة ترفض الوصايا والتدخلات في القارة وقضاياها، مطالبين الجميع برفع يدهم عن دول القارة وقضاياها، ودعوا لحل القضايا الأفريقية داخل البيت الأفريقي، وهي التجربة التي حققت نجاحات كبيرة مثل عمليات حفظ السلام في الصومال ودارفور وليبيريا وأبيي ورواندا.
كما تم تحقيق نجاحات في تكاتف الأصوات الأفريقية فيما يخص الملفات الخاصة بدول القارة السمراء في المحافل الدولية (قمة العشرين، وكوبنهاجن، وقمة الثمانية)، ومطالبين بتعويضات من الدول الكبرى التي تسببت في قضية التغير المناخي وتلوث البيئة .
وتعتبر أفريقيا من أكثر المناطق تقاربا فيما بين شعوبها، في ظل التداخل العرقي والقبلي والثقافي بين مختلف الشعوب الأفريقية، ورأى البعض منهم أنه يمكن أن تكون تلك العناصر أداة متعددة لخلق تكتلات بين مختلف المكونات الأفريقية، وخدمة الشعوب الأفريقية .
وكان الليبراليون الجدد في أفريقيا، وهم مجموعات من القيادات الذين ظهروا في بداية الألفية الثانية، وكان لهم حراك كبير في أفريقيا، قد تم قدموا مقترحات ومشاريع أفريقية متعددة من أجل خلق تكتلات أفريقية عدة مثل (النيباد، الإيغاد، الإيكواس) وغيرها من التكتلات والمنظمات الإقليمية، لكن بعضها لم يكون موفقا في تحركاته بسبب التحركات المختلفة داخل الأروقة والمنتديات الأفريقية، والانقسامات التي انتشرت وسط بين المكونات الأفريقية.
فظهرت أفكار جديدة ومتعددة كان لها صدى كبير في أفريقيا، مثل الولايات المتحدة الأفريقية، والعملة الأفريقية المشتركة، وجواز السفر الأفريقي الموحد، وغيرها من المشاريع المختلفة.
كما ظهرت تجربة العملة الأفريقية المشتركة، والتي تعتبر تجربة ناجحة في مناطق وسط أفريقيا وتشترك فيها دول محددة، لكن البعض يرى أنها برعاية دول استعمارية، لهذا يتخوف البعض من مثل تلك المشاريع التي يرى أنها قد يكون الهدف منها هو السيطرة على اقتصادات المناطق الفقيرة.
ورغم بعض الجهود التي بذلت لإقامة بعض الكيانات السياسية الاقتصادية بين دول ومجموعات القارة الأفريقية، لكنها تعتبر أولى الخطوات لتنمية وتطوير الشعوب الأفريقية التي تقدر بعضها البعض ويمكن أن تتعايش مع أحلك الظروف، عبر آلية مدروسة قد تفيد في تقديم خدمات تكاملية من مشاريع وخدمات من أجل نهضة المناطق المتاخمة بين الدول.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة