اجتماعات "التنمية الأفريقي".. التمويل المختلط على الطاولة
يفرض التحول الأخضر كثيراً من التحديات على الدول الفقيرة وذات الاقتصادات الناشئة، التي غالباً ما تواجه صعوبات في تدبير الاعتمادات اللازمة لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة، ما يتوجب معه البحث عن آليات تمويل غير تقليدية، من بينها التمويل المختلط.
وعلى الرغم من المنافع المتعددة التي يمكن تحقيقها، سواء للبشر أو للنظم البيئية، من خلال اعتماد الحلول القائمة على الطبيعة، على نطاق دولي، فإن مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، تواجه، هي الأخرى، تحديات هائلة في اعتماد هياكل التمويل المختلط، في سبيل دعم انتقال الاقتصادات الناشئة إلى اقتصادات منخفضة الكربون.
كيفية التغلب على هذه التحديات، ودور بنوك التنمية، جنباً إلى جنب مع السلطات المحلية في الدول ذات الاقتصادات الناشئة، في تمويل استثمارات واسعة النطاق للتحول الأخضر، جاءت ضمن أبرز محاور الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الأفريقي، المنعقدة حالياً بمدينة شرم الشيخ في مصر.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم، الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي 2023، التي تستضيفها مصر ممثلة في البنك المركزي المصري بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 22 إلى 26 مايو/أيار الجاري، تحت شعار "تعبئة تمويل القطاع الخاص من أجل المناخ والنمو الأخضر في أفريقيا".
في مستهل الاجتماعات، التي يستضيفها البنك المركزي المصري، في الفترة من 22 إلى 26 مايو/أيار 2023، نظمت مصر، باعتبارها الدولة المضيفة، ندوة بعنوان «حشد التمويل المختلط لتسهيل التحول الأخضر في الاقتصادات الناشئة»، بمشاركة عدد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة والقطاع المصرفي المصري، إضافة إلى ممثلي عدد من مؤسسات التمويل الدولية.
ما هو التمويل المختلط؟
ويُقصد بالتمويل المختلط، بحسب خبراء اقتصاديين، هو ما ينتج عن دمج أموال عامة ومخصصات تمويل البنية الأساسية، مع استثمارات القطاع الخاص، ويُعتبر أداة رئيسية في الجهود العالمية للحد من الفقر، وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، كما يوفر فرصة أمام المستثمرين للدخول إلى الأسواق الناشئة، خاصةً الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
دليل شرم الشيخ للتمويل العادل
ألقت وزيرة التعاون الدولي المصرية، الدكتورة رانيا المشاط، الكلمة الرئيسية أمام الندوة، التي أدارها أليو مايجا، المدير الإقليمي بمجموعة المؤسسات المالية في أفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية، استعرضت فيها «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، الذي تم إطلاقه في إطار رئاسة مصر لمؤتمر المناخ (COP27)، في إطار تعزيز الجهود العالمية لحشد التمويلات المناخية العادلة للدول النامية والاقتصادات الناشئة.
وأكدت «المشاط»، في كلمتها، أنه لا يمكن الوصول إلى التمويل المناخي بدون اتباع نهج يقوم على الشراكة بين الأطراف ذات الصلة، واعتبرت أن دليل التمويل العادل يتضمن قائمة بمقدمي رؤوس الأموال، وجهات تمويل العمل المناخي، ومعايير الحصول على مصادر التمويل، كما يعرض مشهد التمويل المناخي، من حيث الاحتياجات المستقبلية، ومقارنتها بالتدفقات الحالية.
كما تحدثت وزيرة البيئة المصرية، الدكتورة ياسمين فؤاد، عن أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في تعزيز جهود التكيف مع آثار تغير المناخ، وأكدت أن القطاع العام يمكن أن يسهم بدور كبير في الاستثمار في مجال البنية التحتية، بما يساعد في جذب استثمارات القطاع الخاص، من خلال توفير مناخ ملائم، وضمانات أكثر للحماية من المخاطر، في إطار الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص
وتطرق الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، إلى الصعوبات الرئيسية أمام استثمار القطاع الخاص في الأسواق الناشئة، وكيفية معالجتها عن طريق التمويل المختلط، وأيضًا أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في الحد من المخاطر المناخية، وتهيئة البيئة المواتية لها في هذه الأسواق.
الدكتورة ياسمين فؤاد، أوضحت في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، أن الاستثمار في التكيف مع التغيرات المناخية يتطلب حلولاً مبتكرة وغير تقليدية، وأشارت في هذا الصدد، إلى مبادرة «الحلول القائمة على الطبيعة»، التي قدمتها مصر خلال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ، أواخر العام الماضي.
وأضافت أن هذه المبادرة يمكن أن تشكل إطار عمل حقيقيا لمواجهة أزمات عالمية مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، كما أنها يمكن أن تحقق العديد من المنافع، لعل أهمها تجنيب كوكب الأرض ما يزيد على 26% من التداعيات السلبية الناجمة عن تغير المناخ، بالإضافة إلى توفير حوالي 104 مليارات دولار بحلول عام 2030، قد ترتفع لتصل إلى 303 مليارات دولار في عام 2050.