قصة 4 مساجين تونسيين.. من غياهب الزنزانة إلى الحياة الجديدة
لا تنتهي حياة المساجين دائما بمجرد دخولهم السجن بل ربما تكون بداية حياة جديدة تنطلق بمجرد إعادة تأهيلهم وإعادتهم للطريق السوي وإبعادهم عن طريق الانحراف.
4 تونسيين كانوا مثالا على ذلك، رماهم القدر في سجن الصواف بمحافظة زغوان، الذي يبعد عن العاصمة التونسية نحو 50 كيلومترا، نتيجة أخطاء ارتكبوها في السابق زجت بهم وراء القضبان.
لكن هؤلاء المساجين لم يخضعوا لمصيرهم المجهول، بل حاولوا تجاوز ماضيهم والانطلاق في حياة جديدة بحثا عن فرص بديلة تعيدهم إلى الفضاء الخارجي مرفوعي الرأس أمام المجتمع.
هذا المجتمع الذي يدير ظهره لأي شخص صدرت في حقه أحكام بالسجن ليحرمه من حق الاندماج معه.
هؤلاء الأربعة تلقوا تأهيلا في مجالات متعددة وأحرزوا نتائج مبهرة، ما جعل إدارة السجون والإصلاح التونسية بالتعاون مع السلطة المحلية تمنحهم تمويلات محترمة لدعم مشاريع نجحوا في تعلمها داخل السجن لتكون خطوة جديدة في طريقهم، الذي كان ملغما بالأشواك لتفتح لهم زوايا جديدة مضيئة.
هؤلاء الأشخاص تغيرت حياتهم بمجرد خروجهم من غياهب السجون، إذ إنهم بعد قضاء عقوبتهم المحددة، تولت إدارة السجن المدني "الصواف" بمحافظة زغوان بالتعاون مع مركز الدفاع والإدماج الاجتماعي بالفحص من نفس المحافظة ليتمكنوا من الحصول على تمويلات لإنشاء مشاريع خاصة.
ومنحت السجين الأول مبلغا قيمته 10 آلاف دينار (3671 دولارا)، لاقتناء تجهيزات خاصة بالمطاعم لبعث مشروع مطعم لطالما حلم به لينطلق في حياة جديدة بعيدة عن ظلمات السجون.
أما السجين الثاني فتلقى مبلغا قيمته 8 آلاف دينار (2936 دولارا) لإنشاء مشروع تربية أغنام، سيكون نقلة جديدة في حياته التي توقفت بمجرد الزج به في السجن.
في حين تلقى السجين الثالث تمويلا بقيمة 7 آلاف دينار (2569 دولارا) لإنشاء مشروع كشك (محل) بيع الفواكه الجافة، وهو ذات المشروع الذي سيشق به طريقه نحو الخلاص والنجاة من صراعه الذاتي ومن الانحراف.
أما السجين الرابع فقد أسند له تمويلا بقيمة 6500 دينار (2386 دولارا) لإنشاء مشروع تربية النحل، الذي سيوفر له مدخلا مهما في المستقبل وسينهيه عن الأفعال السيئة.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قال سفيان مزغيش، المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح، إن إدارة السجن تقوم بمجهودات عديدة لتعديل سلوك المساجين، حيث يتلقون دروسا تكوينية ويحرزون شهادات من الوزارات المعنية دون تسجيل صفة سجين على الشهادة.
وفسر ذلك بأن السجين إذا خرج إلى المجتمع حاملا شهادة تسجل فيها صفته كسجين سينفر منه المجتمع، لذلك رأت الإدارة عدم تسجيل هذه الصفة.
وتابع: "نفس الأساتذة الذين يدرسون للتلاميذ خارج السجون هم أنفسهم من يجرون امتحانات المساجين، مما يعني أنهم يتلقون نفس تكوين الإنسان العادي".
وأوضح أن هذه الشهادات وهذا الختم لا يكفيان دون المرافقة على مستوى الرعاية اللاحقة التي ستشعره باسترداده لكرامته.
وزاد: "عندما نهيئ للسجين سبب النجاح نضمن له الوقاية كي يكون شخصا فاعلا ومنتجا".
ويعتبر مزغيش أن هناك 3 عقوبات يتلقاها السجين، وهي العقوبة التي ينطق بها القاضي، وعقوبة كيف يقضي السجين يومه، والثالثة عقوبة المجتمع والوصم الاجتماعي.
وأكد أن الرعاية اللاحقة للمساجين لا يمكن أن تتحقق إلا بمشاركة السلطة المحلية التي تدعمهم بالاندماج الاجتماعي وبتمويل مشاريع تمكنهم من أن يكونوا عناصر صالحة في المجتمع.