شتاء أوروبا القارس.. "دُش" روسي مكلف وبارد جدا
يبدو أن الاتحاد الأوروبي على موعد مع شتاء بارد، ليس بسبب درجات الحرارة المتدنية فقط، بل يبدو أن روسيا سترد الدين لدول التكتل عبر الطاقة.
تعتمد دول الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير طاقة لوسائل التدفئة، بمتوسط واردات سنوية 155 مليار متر مكعب من روسيا، تشكل نسبتها 41% من إجمالي استهلاكها، وفق بيانات شركة غازبروم عن عام 2021.
حتى، قطعت روسيا الغاز الطبيعي عن 5 دول أوروبية هي: بولندا، بلغاريا، فنلندا، الدنمارك، وهولندا، بينما أعلنت شركة غازبروم الروسية، الأربعاء، قيامها بإيقاف ضخ الغاز لشركة كبرى في ألمانيا.
بينما فرضت دول الاتحاد الأوروبي 6 حزم من العقوبات والتي أثرت سلبا على البلد الغني في الطاقة.
رهان الشتاء المخيف
في تقرير لمجلة فوربس، قالت فيه إن "ما ينقصنا هو الاعتراف بأن روسيا كانت تعمل بهدوء على هندسة كشوف طاقة ستبلغ ذروتها في الشتاء القادم".
والسؤال ليس ما إذا كان سيتم قطع الغاز أو لا، ولكن بشروط من؟ والإجابة عن هذا السؤال ستكون من خلال نجاح أو عدم نجاح مفاوضات دول التكتل منفردة مع مزودين للغاز آخرين.
وقبل حلول الشتاء المقبل، ظهر سلاح الغاز الروسي من خلال قطع الإمدادات عن مجموعة من الد ول رفضت فتح حسابات بعملة الروبل، امتثالا للعقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو وقطاعاتها.
بحسب محللين في أسواق الطاقة، فإن هذه العقوبات قد تكون بالون اختبار لكيفية تعامل دول التكتل منفردة أو مجتمعة في مسألة قطع الغاز الروسي عنها، وهل سيكون البديل من دول الجوار.
الاستثمار في سوق الغاز
تعي روسيا أن الاستثمارات الحالية في سوق الغاز الطبيعي، لا تكفي لسد احتياجات مختلف دول العالم للغاز الطبيعي، في حال تحقيق فرضية قطع الغاز الروسي عن دول التكتل كافة.
قالت روسيا خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، إن الدول لن تأتي بالطاقة من القمر.. في إشارة إلى أن روسيا تعي حجم الإنتاج الحالي والمستقبلي للغاز الطبيعي والنفط.
وهذا يعني أن الشتاء المقبل، سيكون الأقسى على دول التكتل في حال حجب ما نسبته 17% من الإنتاج العالمي للغاز الروسي، والذي يمثل الإنتاج الروسي البالغ حجمه في 2020 نحو 638 مليار متر مكعب.
تقرير مجلة فوربس المنشور الأسبوع الماضي، يعتبر أن بوتين يستعد لهذه اللحظة، "ولدينا كل الأسباب للاعتقاد بأنه يفضل ترك أوروبا تتجمد بدلاً من التراجع".
الخطر الأكبر بالنسبة لأوروبا، أن الشتاء أصبح باردا جدا ويمتد حتى نهاية الربيع في بعض الدول، بينما الصيف أصبح حارا، وهي ظروف طبيعية بالنظر إلى الحالة غير الطبيعية الناتجة عن التغير المناخي.
4 أشهر طويلة وباردة
وفي حال فرضية قطع الغاز الروسي بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن أوروبا ستكون أمام أربعة أشهر طويلة وباردة؛ في وقت ستكون الحكومة أمام مفاضلة الاقتصاد على رضا المستهلكين من الأسر الذين يشعرون بالبرد.
هذا السيناريو ليس جديدا، وسيكون حاضر في أذهان صناع السياسات في روسيا، الذين يعتبرون أن العالم لا يمكنه خلال عدة سنوات قادمة الاستغناء عن الغاز الروسي، لأن هناك أسواقا أخرى غير أوروبا ستستهلك الغاز الروسي.
لكن المسألة لدى أوروبا، ليس في وفرة الغاز الطبيعي في أسواق أخرى مثل قطر وباقي دول الخليج أو أفريقيا، لكن الأزمة في تكاليف النقل التي سيتحملها المستهلك النهائي، وهنا تكون النتيجة (طاقة شحيحة وتضخما مرتفعا).