الإرهاب وروسيا واليورانيوم.. 3 عوامل تقلق فرنسا من انقلاب النيجر
انقلاب في النيجر يرتد صداه بقوة بفرنسا الحليف الاستراتيجي القلق من تطورات الأحداث في بلد تربطه به أكثر من علاقات دبلوماسية روتينية.
النيجر، البلد الذي يعتبره خبراء آخر حلفاء باريس في الساحل الأفريقي قد يسجل خروجه من القائمة في ظل انقلاب متواصل على الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ الأربعاء بالقصر الرئاسي في نيامي.
تطورات مفاجئة بالنسبة لفرنسا التي تحولت بثقلها العسكري نحو النيجر وذلك منذ انسحابها قسريا من مالي في عام 2022، ما يعني أن سقوط بازوم سيجبرها على اقتطاع تذكرة انسحاب اضطراري بلا عودة من البلد الحبيس الغني باليورانيوم.
والأربعاء، احتجزت عناصر من الحرس الرئاسي بازوم بالقصر الرئاسة، قبل أن يعلن الجيش، الخميس، الانضمام للانقلابيين معلنا الإطاحة بالرئيس وإغلاق الحدود.
ورغم احتجازه، رفض بازوم الانقلاب وخطى حذوه وزير خارجيته، لكن ردة الفعل الأكثر حدة جاءت من فرنسا التي رفضت بشدة "أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة".
فما هي عوامل هذا القلق وهل فعلا ما تخشاه باريس هو تأثير التدهور الأمني على عمليات محاربة الإرهاب بالبلد الأفريقي أم أن هناك أسبابا أكبر من ذلك؟
مركز ضد الإرهاب
بعد إنهاء عملية برخان لمكافحة الإرهاب في مالي، تراجعت فرنسا إلى النيجر في صيف عام 2022، وتنشر باريس حاليا 1500 جندي هناك.
وبشأن خارطة انتشارهم، يقول ريمي كارايول، الصحفي المستقل ومؤلف كتاب "سراب الساحل"، إن "معظم هؤلاء الجنود يتمركزون داخل مجمع مطار نيامي، فيما البعض الآخر ينتشرون على الحدود مع بوركينا فاسو ومالي".
وفي قاعدة نيامي الجوية، تنشر فرنسا بشكل دائم خمس طائرات بدون طيار من طراز دريبر" وثلاث طائرات مقاتلة على الأقل من طراز "ميراج"، في تمركز "يسمح بالوصول بسرعة إلى جميع المناطق المهمة"، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين عسكريين فرنسيين.
وخلافا لعملية برخان في مالي حيث كان يمكن للجيش الفرنسي العمل بمفرده، فإن الجنود الفرنسيين يعملون في النيجر بشكل دائم مع الجيش المحلي، في نقلة اعتبرت نوعية ضرورية بعد الرحيل العاصف من مالي.
انتقال أيده بقوة الرئيس محمد بازوم، وهذا ما أثار استياء المجلس العسكري في باماكو وبشكل أقل بوركينا فاسو.
موقع نفوذ ضد روسيا
النيجر هي الحليف الأخير لفرنسا، وعلى نطاق أوسع للغرب، في منطقة الساحل، وباريس تدرك أنه في حال تولى العسكر الحكم في نيامي، فإن سيناريو مالي وبوركينا فاسو سيتكرر وستطرد بطريقة مشابهة.
ففي مالي، انطلقت أولى المظاهرات المناهضة لفرنسا عام 2013، واستمرت حتى انسحاب الجيش الفرنسي، في حراك سرت عدواه أيضا إلى بوركينا فاسو المجاورة في أكتوبر/ تشرين أول 2022.
وآنذاك، تم استهداف السفارة الفرنسية في واغادوغو من قبل محتجين معارضين للوجود الفرنسي في البلاد.
وفي النيجر، حتى لو كانت الدولة تدعم فرنسا، إلا أن قسما من السكان يعارض الوجود الفرنسي، ففي سبتمبر/ أيلول 2022، انتظمت عدة مظاهرات دعت إليها منظمات بالمجتمع المدني، وطالبت جميعها فرنسا بالرحيل.
اليورانيوم
كل ما سبق قد لا يمثل ثقلا بمواجهة المصالح الاقتصادية لفرنسا في النيجر، البلد الذي يعد ثالث أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وهذا الخام ضروري لتشغيل محطات الطاقة النووية.
ولأكثر من أربعين عامًا، تدير مجموعة أورانو الفرنسية (أريفا سابقا) مناجم اليورانيوم في النيجر، واليوم لا تزال الشركة تستثمر في عدة مناجم مثل سومير أو كوميناك وتعمل على مشروع إيمورارين.
الهجرة
يرى ريمي كارايول أن النيجر "حليف الغرب في محاربة الهجرة غير النظامية"، باعتبار أن هذا البلد يعتبر نقطة عبور مهمة للهجرة من أفريقيا إلى أوروبا.
ومنذ قمة فاليتا في عام 2015 بشأن الهجرة، أصبحت النيجر شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في سياستها المتعلقة بهذه الظاهرة.
كما أنه بسبب عدم الاستقرار في ليبيا وإغلاق طرق الهجرة في الصحراء الغربية، انتقلت أوروبا إلى النيجر لإدارة طلبات اللجوء من المنفيين الأفارقة في استراتيجية يقول كارايول إنها تستهدف "الاستعانة بمصادر خارجية للحدود الأوروبية في الجنوب تجعل من الممكن منع المهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية".
وعلى سبيل المثال، وصل، في سبتمبر/ أيلول 2022، أكثر من 600 مهاجر من نحو 10 دول أفريقية إلى شمال النيجر بعد إعادتهم من الجزائر.
وفي يوليو/ تموز 2022، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها أنقذت 50 مهاجرا من غرب أفريقيا، بينهم نساء وأطفال، تقطعت بهم السبل في الصحراء شمال النيجر، بالقرب من الحدود الليبية.