عندما تصل إلينا أخبار عن الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل، يجب أن ندرك حينها أن الأمر يتعلق بمالي وبوركينا فاسو.
هذا لا يعني أن الجماعات الإرهابية لا تنشط في النيجر، بل العكس، والدليل هو أنه في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، أفادت الحكومة النيجرية بأنها قضت على ما لا يقل عن 80 إرهابيا في عمليات ملاحقة مختلفة.
خلال عام 2022، نفّذ الجيش وقوات الأمن ثلاث عشرة عملية في جميع أنحاء النيجر.. هذه العمليات هي: نيا، إيملوب 2، المهاو، شرع، شاران فاج 2، فروتة بوشية، بونيما، هوتشي، يرتي، دميسة، قطاع 4/إف إم إم.
لا تقتصر مهمة القوات المسلحة النيجرية على القضاء على الإرهابيين، بل تتعدى ذلك لمهام أخرى في محاربة تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، من خلال تقصّي شبكات الدعم والإسناد ومصادر التمويل، وسرقة الماشية، وتهريب الأسلحة والذخيرة، وتهريب المخدرات والوقود والمركبات، وتهريب الذهب، وتدمير وسائل الاتصال الخاصة، وإحباط عمليات نقل الأسمدة لصناعة المتفجرات والأدوية وإبطال مفعول العبوات الناسفة.
وبسبب موقع النيجر، يتعين على قواتها الأمنية أن تحارب كل منتسبي "القاعدة" الذين يقاتلون أيضا في مالي وبوركينا فاسو، وكذلك فرع تنظيم "داعش" الإرهابي في منطقة الساحل، ولكن أيضا في جنوب البلاد وبحيرة تشاد للقضاء على "بوكو حرام" وفرع "داعش" في غرب أفريقيا.
وتواجه النيجر كلا من الإرهابيين الناشطين على أراضيها، وأولئك الفارين من القتال في بلدان الجوار مثل مالي وبوركينا فاسو والجزائر وليبيا ونيجيريا.
لهذا السبب، فإن تنسيقها مع كل هذه الدول ضروري عند إطلاق عملياتها، لأن عددا كبيرا من الإرهابيين يحاولون اللجوء إلى أراضيها.
من ناحية أخرى، من الملائم للإرهابيين النيجريين ألا تكون مناطق شرق وشمال البلاد ساخنة ومحل نزاع دائم، لأن طريق الإمداد بالسلاح والتهريب تمرّ عبرها إلى الجنوب، وكذا تهريب المخدرات والهجرة إلى الشمال، والتي تشكل مصدر تمويل للمتطرفين.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، صرّح رئيس النيجر في المنتدى الدولي السابع حول السلام والأمن المنعقد في داكار بالسنغال قائلاً: "لم تتمكن الجماعات المتمردة في أي مكان في العالم من الحصول على الأسلحة التي تملكها القوات النظامية التي تكافحها.. لكن الأمر حدث في منطقة الساحل"، مضيفا: "حتى إنني أشعر بالضعف أثناء التفكير في أن الإرهابيين يمتلكون الأحدث في أسلحة معينة مقارنة بالقوات النظامية"، في إشارة إلى قاذفات صواريخ "آر بي جي" والمدافع الرشاشة "إم 80" المنتشرة في أنحاء منطقة الساحل والقادمة من ليبيا بعد سقوط السلطة في 2011.
وقد تغيّرت أساليب هجوم الإرهابيين مقارنة بما كانت عليه خلال احتلالهم شمال مالي عام 2009.. فحينها كانوا يصلون إلى القتال في أرتال متكونة من سيارات الدفع الرباعي، لكنهم استبدلوا بها اليوم الدراجات النارية.
بالنسبة لهجمات المسافات القصيرة، تكون الدراجات النارية أكثر فاعلية من سيارات الدفع الرباعي، لأنها تسمح بالهجوم من جوانب مختلفة بفضل قدرتها على الحركة وسهولة الحصول عليها أو شرائها أو سرقتها، كما أنها تكون أكثر فاعلية عندما تكون هناك نباتات كثيفة.
في مراوغة الإرهابيين وهروبهم، يجد الجنود صعوبة في ملاحقتهم عند مواجهة عناصر تفرّ على دراجة نارية قادرة على قطع أكثر من 20 كيلومترا في الساعة، ولها القدرة على المناورة والاختباء في اتجاهات مختلفة، ما يعيق عمليات المطاردة.
وتنفذ النيجر عمليات مكافحة إرهاب مشتركة مع بنين وبوركينا فاسو، وفي يونيو/حزيران 2022 زار وزير الخارجية الفرنسي، ووزير القوات المسلحة الفرنسية، النيجر، وأكدا أنهما لا يتوقعان زيادة كبيرة في أعداد القوات الفرنسية في البلاد، رغم وجود 2400 جندي فرنسي على الأراضي النيجرية في إطار عملية "برخان"، فضلا عن 900 جندي من القوات الخاصة الأوروبية ضمن قوات "تاكوبا" بعد مغادرتهم الأراضي المالية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة