ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة في عيد الملائكة.. ليستجيب الله لكم
ساعات ويبدأ ملايين المسلمين في شتى بقاع الأرض إحياء ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة لذكرها في هذه الليلة المباركة، لما لها من فضائل كثيرة.
من المعتاد أن تبدأ احتفالات المسلمين بليلة الـ15 من الشهر المبارك بحلول صلاة المغرب ليوم 14 شعبان، وتنتهي مع فجر اليوم التالي. يبدأ الاحتفال بالليلة المباركة مع حلول مغرب يوم السبت الموافق 24 فبراير، وحتى فجر يوم الأحد الموافق 25 فبراير 2024. فما هي ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة فيها؟
ما هي مناسبة ليلة النصف من شعبان؟
النصف من شعبان هي ليلة عظيمة لما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في شأنها:
"إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" (رواه ابن ماجه وابن حبان).
فقد أجمع علماء المسلمين أن النصف من شعبان ليلة مباركة لها مكانة عند الله مميزة، ومن المستحب الدعوة فيها بالعفو والمغفرة وصلاح الحال، مع الصوم وقراءة القرآن والتصدق وقيام الليل وترك المشاحنة والخصام.
فقد قيل إن للملائكة في السماء ليلتي عيد، كما أن للمسلمين في الأرض يومي عيد، فعيد الملائكة ليلة البراءة وليلة القدر، لهذا سميت ليلة النصف من شعبان ليلة عيد الملائكة.
وتسمى أيضاً ليلة التكفير وليلة الحياة وليلة الشفاعة، وليلة المغفرة وليلة العتق، وليلة القسمة والتقدير.
استشهدت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بما ورد عن علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا، أَلَا كَذَا..؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" رواه ابن ماجه.
كما قالت دار الإفتاء المصرية إن ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة فيها من الأعمال الصالحة ومواسم الخير التي خص الله تعالى الأمةَ الإسلامية بكثير منها، لذا يُستحبُّ صيامُ نهارها، وقيام ليلها، والتقرب إلى الله فيها بالذكر والدعاء.
ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان؟
شهد شهر شعبان المبارك تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة في العام الثاني من الهجرة، بعد أن صلى جميع المسلمين 16 شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى.
فقد شهدت الأمة الإسلامية تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة إلهية، تتعلق بالعمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية.
كلام عن ليلة النصف من شعبان
استشهد الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، عن تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان بقوله الله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)، فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه.
كما أوضح أن صدور الأمر الإلهي بالاتجاه إلى المسجد الحرام ليس تقليلًا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلًا من شأنه، ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام، حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله، وليكون قبلة للإسلام والمسلمين.
كذلك قد ذكر أن الحكمة من ذلك ليؤكد الله أن دين الأنبياء جميعًا هو الإسلام، مستشهدا بقوله تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ).
ثم تابع: "تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ليس إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمنية قصر الزمن أو طال، فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى
المسجد الحرام رحلة تعبدية".
فضل ليلة النصف من شعبان
أوضح مفتي مصر السابق أنه ورد في فضل هذه ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة أحاديث بعضها مقبول والآخر ضعيف، مضيفا: "غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، لذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها".
لهذا من المتفق فيه بين علماء المسلمين أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها الخير والرزق ويغفر فيها الذنب، لذا تعرف باسم "البراءة".
كما أوضحت دار الإفتاء المصرية، ردا على سؤال بشأن تسمية ليلة النصف من شعبان بـ"البراءة"، أن هذا معنى صحيحٌا شرعًا وموافقٌا، لما ورد في السنة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ قالت:
"فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ، فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي
ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ (اسم قبيلة)". رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
الأدعية المُستحبة في ليلة النصف من شعبان
يستحب أن يكثر المسلم من الدعاء في ليلة النصف من شعبان، خاصة ترديد أدعية العفو والمغفرة وصلاح الحال، مع الصوم وقراءة القرآن والتصدق وقيام الليل.
تكون من أشهر الأدعية التي أشارت دار الإفتاء المصرية إلى إمكانية أن يدعو بها المسلم في هذه الليلة المباركة:
"إِلَهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَم،. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ".
"اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ.
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ".
"اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾".
يكون من فضل ليلة النصف من شعبان والأدعية المستحبة بها عظيم، فهي من الليالي المباركة التي يُستحب فيها الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة لما بها من نفحات. فاغتنموها لعل تصادف نفحاتها ويستجيب الله الدعاء.
أعمال مستحبة في ليلة النصف من شعبان
هي ليلة الشفاعة والبراءة، والعتق من النار، وترى الإفتاء المصرية أنه لا مانع شرعا من تسميتها "ليلة البراءة" أو "ليلة الشفاعة" أو "ليلة القدر" ومن الأعمال المستحبة فيها قراءة القرآن، وصلة الرحم، والاستغفار، وصيام نهارها، وبر الوالدين، وإخراج الصدقات والإكثار من الدعاء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.
هل ترفع الأعمال ليلة النصف من شعبان؟
يأتي شعبان قبل شهر رمضان، مما يجعله الشهر الذي نختتم فيه أعمالنا التي تٌرفع إلى الله عز وجل، حتى نستقبل شهر رمضان بنوايا جديدة طيبة راجين من الله العفو عنّا ومحو الذنوب والآثام.
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن شهر شعبان له منزلة كريمة وخاصة، ففيه تُرفع الأعمال إلى الله رب العالمين، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أحمد والنسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:
"قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
أما ليلة النصف من شعبان فلم يُثبت أن الأعمال ترفع فيها وحدها دون ليالي شهر شعبان الأخرى، ولكن لها مكانتها المقدسة فهي المقصودة وفق تفسير الطبري بقوله تعالى في كتابه المجيد في سورة الدخان:
"فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
وقال الطبري عن عكرمة قوله إن فضل ليلة النصف من شعبان يأتي من أنها الليلية التي يبرم فيها أمر السنة، وتُنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد
مما يعني أنها ليلة تشهد رفع الأمال وكتابة الآجال، كما ورد عن ابن الجرير عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُقْطَعُ الآجالُ مِنْ شَعْبان إلى شَعْبانَ، حتى إن الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهْ، وَقَدْ خَرَجَ اسمُهُ فِي المَوْتَى".
كيف نحيي ليلة النصف من شعبان؟
قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، إن شعبان من الشهور الفاضلة، وكان سلف الأمة يسمونه شهر القُراء لكثرة قراءتهم للقرآن الكريم والانقطاع لذلك. بالإضافة إلى تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان.
لهذا يجب أن يحرص المسلمون على الإكثار من الطاعات والعبادات والقربات بأنواعها في شهر شعبان، وخاصة في ليلة النثف، ومن الأعمال المستحبة لإحياء هذه الليلة، كما ورد في الكتاب والسنة:
- قيام الليل.
- الصلاة على النبي.
- الذكر والدعاء.
- الصيام.
- اعتمار بيت الله الحرام للقادرين.
- الصدقة والإحسان بالقول والفعل.
- القيام بالأفعال التي فيها النفع للمسلمين من المحتاجين والمعوزين.
احرصوا على إحياء ليلة النصف من شعبان والإكثار من الأدعية التي توصل القلب بمحبة الله ورسوله الكريم، وتطهر النفس من الذنوب والآثام.