ملتقى أبوظبي الاستراتيجي التاسع.. مركزية دول الخليج على طاولة الخبراء
على بساط البحث تناول خبراء ومحللون، في اليوم الثاني لملتقى أبوظبي الاستراتيجي التاسع، مركزية دول الخليج، ونظرة المجتمع الدولي للمنطقة.
وناقش المتحدثون في جلستين منفصلتين، من الملتقى الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات، بحضور لفيف من صناع القرار والمسؤولين، من دول مختلفة في العالم، السياسات الخارجية لدول العالم تجاه الخليج، وأهمية هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط.
ومن بين المتحدثين رئيس الحكومة التونسية السابق، يوسف الشاهد، الذي قال إن الشرق الأوسط ليس إقليما موحدا ومتجانسا، بل هناك اختلافات عميقة فيه، مشيرا إلى أن ما يسمى "الربيع العربي" لعب دوراً في إعادة تشكيل التحالفات.
وذكر أن هذه التحالفات قادت إلى تراجع في الأمن والاستقرار، مشيرا إلى أن العامل الأساسي الذي أثّر في المنطقة في السنوات الأخيرة هو تراجع النفوذ الأمريكي.
الشاهد أكد في هذا الصدد أن "الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها السعودية والإمارات أظهرت أن التحالفات التقليدية لم تعد قادرة على توفير الأمن لدول المنطقة".
أما وزير الخارجية المصري الأسبق، نبيل فهمي، فرأى من جانبه "المشكلة الحقيقية في الشرق الأوسط هي أننا تركنا المسؤولية الرئيسية في المنطقة لأطراف أخرى؛ وبالتالي كانت مواقفنا ردود أفعال لأجندات الآخرين"، حسب قوله.
منوها إلى أن "الغالبية الساحقة لمجتمعاتنا (العربية) هي من الشباب"، داعيا إلى "النظر للمستقبل وأخذ زمام المبادرة".
بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط، عرج في مداخلته على نظرة استشرافية، قائلا إن أي مسار مستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط، يجب أن يأخذ بالاعتبار الحاجة لإيجاد صيغ للعلاقة مع تركيا وإسرائيل وإيران. واعتبر أن الدول الكبرى تعيد تشكيل نفوذها في المنطقة، في الوقت الذي تنضج فيه بعض القوى العربية الرئيسية؛ بحيث تصبح لها تصوراتها الخاصة لشؤون المنطقة.
وصاغ حسين إيبش، الباحث في معهد دول الخليج العربي، أكثر فيما ذهب إليه سابقه، مؤكدا أن مجلس التعاون الخليجي هو التحالف العربي الأنجح في التاريخ.
لكنه استدرك بالقول: "إن نقطة ضعفه (مجلس التعاون) تكمن في أنه لم يتمكن من بناء سياسة خارجية وأمنية مشتركة، ومع ذلك فالدول الخليجية تمثل اليوم القيادة العربية مع تراجع القوى العربية التقليدية"، حسب تعبيره.
وفي نظرة من الخبراء على مسار تنافس القوى الإقليمية والدولية في منطقة الخليج وموقف دول الخليج من العلاقات مع القوى الكبرى المتنافسة، أوضح المدير العام لـ"مركز دبي لبحوث السياسات العامة"، محمد باهارون أن سبب التغير في استراتيجيات السياسة الخارجية وبناء الشراكات لدول الخليج مع القوى الكبرى والإقليمية يعود إلى تحولات جذرية داخلية تتمثل في التوجه إلى التنويع الاقتصادي ما بعد النفط وتحولات خارجية تتمثل في تقلب النظام الدولي خاصة في عهد الرئيس الأمريكي بوش الابن؛ كغزو أفغانستان والعراق، وفي عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي جعل التنافس يتمركز بين واشنطن وبكين على الجانب الاقتصادي، وهذه تحولات أدت بمجملها إلى تنوع الشراكات.
بدر السيف، الأستاذ المساعد في قسم التاريخ بجامعة الكويت، رأى من جانبه، أن طبيعة العلاقات بين الخليج والدول الكبرى قد تغيرت؛ لكن المشكلة أن الدول الكبرى لا تزال تنظر إلى دول الخليج نظرة جامدة وقديمة.
الأكاديمي الكويتي بيّن أن "الخليج يمر اليوم بأقوى حالاته، ويريد أن يشارك بفاعلية في التطورات العالمية، وهو يقود المنطقة العربية، وقد تمكن من استغلال المقدرات النفطية، للسير في مجال التحديث والتنمية والتطور. ودول الخليج تسعى لإيجاد منطقة مستقرة وفقاً لمصالحها".
غير أن هشام الغنام، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، يرى أن "تنويع الشراكات بالنسبة للخليج محفوف بالمخاطر ولا ينبغي أن يكون مغرقاً بالتفاؤل، حيث يجب الأخذ في الاعتبار الاستقلالية الوطنية والسيادة، كما أن الاصطفاف إلى جانب دولة أو طرف ضد آخر لا يصبّ في مصلحة الخليجيين".
وانطلقت جلسات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي التاسع أمس الإثنين، بحضور نخبة واسعة من صانعي السياسات والخبراء الاستراتيجيين والباحثين البارزين من بلدان مختلفة، ويناقشون على مدى يومين، ملفات السياسة الإقليمية والدولية، وتحولات النظام العالم، واستشراف مستقبل سياسات الدول الخارجية.