أياً كان تأثير غاندي على مارتن لوثر كينج أو نيلسون مانديلا، فالأكيد أن الثلاثي أثبت نجاعة وفاعلية السلام والخير.
لطالما كان لحركات المقاومة السلمية في القرن المنصرم أثر فاعل آتى أكله ولو بعد حين. وقد أثبتت هذه الحركات التي نشأت حين لم تكن موازين القوى متكافئة، جدوى مواجهة الاحتلال والظلم واللامساواة بالسلام والمحبة والتصالح؛ انطلاقاً من "الحلم" بأن يعيش الجميع في سلام ابتداء بفلسفة اللاعنف للمهاتما غاندي مروراً بمارتن لوثر كينج ونيلسون مانديلا.
وبعد مرور نصف قرن على اغتيال الناشط السياسي مارتن لوثر كينج يبرز نموذجه في التعاطي بسلمية مع القضايا المصيرية لأمته كمثال يحتذى به في العالم أجمع، حيث كان لوثر داعية حقوق مدنية ضد التفرقة العنصرية، رفض العنف بكل أنواعه، وكان خير مثال لأقرانه بل للعالم بصبره وحكمته، وقد تأثر بالمهاتما غاندي، حيث قال: "هذه الطريقة -يقصد النضال المبني على السلمية- شاعت في جيلنا عن طريق غاندي، الذي استخدمها لتحرير بلده".
هنالك حاجة إلى التفكر وإعادة بناء النهج لتعديل الصورة الذهنية للقضية الفلسطينية أمام شعوب العالم، التي غُيبت عن الواقع بسبب الآلة الإعلامية التي بثت الصورة المقتطعة من النضال المشروع المتمثلة في المسلحين من أحزاب وحركات إسلامية تبنت العنف منهجاً من دون مراعاة لنتائجه
وأياً كان تأثير غاندي على مارتن لوثر كينج أو نيلسون مانديلا، فالأكيد أن الثلاثي أثبت نجاعة وفاعلية السلام والخير، وأشرقوا على العالم شمساً من التفاؤل بأن الخير سينتصر، وإن كان في الحقل السياسي المتلون.
ويحق للمتأمل التساؤل حول إمكانية تطبيق هذا المبدأ في عالمنا العربي، وفي أمِّ القضايا "فلسطين" في مواجهة المحتل الإسرائيلي بعد كل هذا الوقت من الصراعات وآلاف من الضحايا والخسائر المادية والمعنوية والاجتماعات والمفاوضات، فالشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم لا يزال يعاني من تأثير الأحداث المأساوية للنكبة الكارثية التي حلت بهم في 1948، لكنه صامد مكافح من أجل التوصل إلى حل عادل يضمن الحقوق المشروعة. ورغم أن الكفاح السلمي وجد طريقه في القضية، إلا أن المحتل نجح في أحايين عدة في تحويله إلى صراع مسلح ليبين للعالم أنه بين معسكرين مسلحين، وبالتالي يحق له التعامل بعنف.
هنالك حاجة إلى التفكر وإعادة بناء النهج لتعديل الصورة الذهنية للقضية الفلسطينية أمام شعوب العالم، التي غُيبت عن الواقع؛ بسبب الآلة الإعلامية التي بثت الصورة المقتطعة من النضال المشروع المتمثلة في المسلحين من أحزاب وحركات إسلامية تبنّت العنف منهجاً من دون مراعاة لنتائجه، كما أن الحاجة تشمل شرح القضية بأسلوب مختلف يعتمد السلم.
في المقابل فإن سياسة اللاعنف تتطلب قدراً كبيراً من التخطيط للوصول إلى السلمية الفعالة سياسياً –وهي الهدف- لتجبر المحتل على صيغة عادلة من التفاهم تقي العالم القتل والتهجير والظلم، وتحقق السلام على طريقة غاندي والمحبة وفق مارتن لوثر كينج.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة