الروائي النيجيري "بن أوكري".. المعاناة حين تلهم الفنان وتحرّضه
بن أوكري يعد واحدا من علامات الأدب الأفريقي، والذي أسهمت كتاباته في خلق واقع جديد أظهر الثقافة الأفريقية وأدبها على المستوى العالمي
يؤمن الروائي النيجيري بن أوكري أن المبدع في حاجة دائمة للمعاناة، لأنّها تقدّم له مادة غنيّة في مختلف مجالات الحياة كالكتابة والرسم والموسيقى وبالتالي هي جزء مهم من الفن.
بن أوكري، ضيف معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ29 والفائز بجائزة "مان بوكر" البريطانية عام 1991، يعد واحدًا من علامات الأدب الأفريقي، والذي أسهمت كتاباته في خلق واقع جديد أظهر الثقافة الأفريقية وأدبها على المستوى العالمي.
وُلد أوكري عام 1959 بمدينة شمالي نيجيريا، ثم غادر إلى العاصمة البريطانية لندن مع أسرته قبل أن يعودوا في 1968.
انشغل في أعماله الأولى بثيمات العنف السياسي متأثرًا بما عايشه بنفسه في بلاده خلال أحداث الحرب الأهلية هناك، وعمل محررًا للشعر بمجلة "وست أفريقيا" في الفترة من 1983 حتى 1986.
وعمل بهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بين عامي 1983 و1985، وعُين عضوًا بقسم الفنون الإبداعية بترينتى كولدج كمبردج عام 1991، وهو العام الذي فاز فيه بجائزة "مان بوكر" البريطانية عن روايته الأشهر "طريق الجوعى".
ضد الحياد
يعتقد بن أوكري أنَّه ليس من الممكن لأي إنسانٍ أن يكون حيادياً أمام ما يتعرض له في الحياة، إذ يجب أن يكون لكل موقف سياسي، وبعض الأفكار حول الكيفية التي نريد الحياة عليها: "حيث إننا عندما نكون حياديين، فهذا يعني أن نسمح للحياة أن تسير بالشكل الذي هي عليه، بكل سلبياتها وسيئاتها، ما يعني أن نناقض أنفسنا بالموافقة على ما نرفضه، ولذا، لا يمكن لأحد أن يكون حيادياً، فمن المهم أن نختار كيف يجب للحياة أن تكون، وأن يستخدم كل منا صوته وموقفه السياسي ليجعل ذلك ممكناً". هكذا يقول أوكري.
حكايات الأم
ثمة تأثر كبير في حالة بن أوكري بحكايات والدته، التي تسكن ذاكرته ووجدانه، وبحسب أوكري، لم تكن أمه مباشرة في سردها للقصص، لأنها تعلم تماماً أنها لو كانت كذلك، فلن يستمع لها، فالناس لا يجذبها الأسلوب المباشر، بقدر ما تجذبها المفاجآت الكامنة بين السطور.
طريق الجوعى
هي رواية أوكري الأشهر، إنها رواية أفريقية متميزة اعتمد فيها الكاتب على الخدعة لتلعب دورا فارقا، إذ تمثل حالة خاصة من الدهشة، وإبداعا نثريا خالصا وفريدا ليس له مثيل في أعماله الأخرى، يتضح في سلسلة من الحركات الصوتية المتقطعة السريعة والهادئة في آن واحد. وتتميز لغة الرواية بالبساطة والوضوح والشفافية والتصوير الدقيق لعالم غارق في الفساد السياسي.
"ظلال وأزهار" وسؤال الوطن
تتبدى انشغالات أوكري بالسياسة والوطن والهوية في روايته "ظلال وأزهار" يعيش بطل الرواية جيفاي أوكوي في أسرة ثرية، وتكون حياته عبارة عن اختبار متجدد، يلعب الفقد البطولة المطلقة والسمة الأبرز فيها، إذ يفقد صديقه ثم والده وعمه وأمه. يجد نفسه وحيدا في مواجهة العنف المحيط به، يستعين بالذاكرة ليواجه الواقع والمستقبل ويواجه مخاوفه أيضًا.
يتذكر محادثته مع صديقه "أوود" أثناء تخطيطهما لمستقبلهما الدراسي بعد حصولهما على الشهادة الثانوية، إذ كان صديقه يؤكّد له أن على الأفارقة أن يكونوا رجال العالم، لكنّ جيفاي يردّ عليه بقوله: "عليهم أن يكونوا رجال الوطن أولاً".
الأكثر إقناعا
وتعد رواية "الحب الخطير" (1996) من أهم أعمال بن أوكري، والتي يراها عدد من النقاد الأكثر إقناعًا من بين أعمال أوكري الأخيرة، فهي قصة حب مع قصة فرعية تدور حول السياسة والحرية الفنية، وتقع أحداثها في لاجوس في السبعينيات من القرن الماضي.