الفائز بجائزة الجونكور: "أولادهم من بعدهم" توقعت غضب الفرنسيين
"أولادهم من بعدهم" رواية فرنسية عن المراهقين نالت الجونكور، وتنبأت بغضب الفرنسيين.. المؤلف نيكولا ماتيو في حوار مع "العين الإخبارية"
قبل روايته "أولادهم من بعدهم" التي فازت العام الماضي بجائزة الجونكور الأدبية التي تعد الأرفع في العالم بعد نوبل في الآداب، لم يكن مؤلفها نيكولا ماتيو يتوقع أن يحظى بهذا القدر من الشهرة، لأنه اعتبر نفسه دائما كاتبا متمردا.
لكن روايته، كما قال، وضعته في صدارة المشهد الأدبي في فرنسا، وتنبأت كذلك بالغضب الذي يحاصر الشارع الفرنسي جراء الأزمات الاقتصادية، إذ تسلط الضوء على أحلام مجموعة من المراهقين في 4 مواسم صيفية بمدينة تشبه كل مدن عالمنا المعاصر، من أوضاع اقتصادية متردية وعوالم ضيقة ومصانع مغلقة يحلم فيها الجيل الجديد بمغادرتها في المستقبل للوصول إلى ما يبتغون.
والجونكور جائزة مَعنية بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية تَمنحُها أكاديمية جونكور سنوياً للعمل النثري، وعادة ما يكون رواية، وقد أُنشئت وفقاً لإرادة ووصية الكاتب أدموند دي جونكور الذي كان كاتبا شهيرا وناجحا وتَمنح أكاديمية جونكور 4 جوائز كل عام في فروع الرواية والقصة والشعر وأدب السيرة الذاتية، إضافة لجائزة أخرى لطلاب المدارس الثانوية، ولا تعد الجائزة ذات قيمة من الناحية المالية لأنها لا تتجاوز الـ35 دولارا، لكنها تغير حياة صاحبها لأنها تضع عمله على قمة مبيعات الأدب الفرانكفوني بخلاف ما تتيحه من فرص للترجمة والانتشار في لغات أخرى.
صحب فوز نيكولا ماتيو البالغ من العمر 41 عاما، بالجائزة حالة من الجدل، حيث كان فوزاً غير متوقع. وفي لقائه مع "العين الإخبارية" يوضح ماتيو أن هذا أمرا طبيعيا خصوصاً أن هذه الرواية هي العمل الأدبي الأول له.
يقول: "ردود فعل القراء كانت جيدة، حيث كان هناك إقبال على المكتبات لشراء الرواية كما أن الصحافة رحبت بفوزي، وكذلك أهل مدينتي في شرق فرنسا التي تدور حول واقعهم وعالمهم".
في روايته "أولادهم من بعدهم"، يقرر "أنتوني" بطل الرواية الرحيل عن مدينته، هو أيضًا ما فعله ماتيو قبل 10 سنوات، حيث قرر الانتقال إلى فرنسا، وعلى الرغم من ذلك، فإنه ينفي أن الرواية سيرة ذاتية. يقول: "هذه ليست قصة حياتي بالفعل، لكن كل شخصية بها لمحة من حياتي، خصوصاً شخصية البطل (أنتوني) حيث كنت أعيش طفولتي وشبابي في شرق فرنسا أيضًا وكنت أحلم بما كان يحلم به في الرواية".
ولا يتفق ماتيو مع الرأي القائل بأن أصدق الأعمال الأدبية تلك التي يحكي فيها الروائي تجربته الشخصية، ولكن شرطا أساسيا لنجاح الرواية هو أن يتناول الكاتب واقعا عاشه وأشخاصا عرفهم وأفكارا اختبرها جيداً.
وعن شروط كتابة عمل أدبي ناجح ومؤثر، يقول ماتيو، إن السر الأول هو أن الكاتب يقرأ كثيراً، وفي مجالات مختلفة، وأن يعي جيداً أن الكتابة ليست نتاج الإلهام أو الوحي إنما هي نظام، فالكاتب الجيد لابد أن يكون منظمًا، ويضع لنفسه قواعد، مضيفًا: "أسير وفق نظام من شهور عديدة أبرز قواعدي ألزم نفسي بكتابة 1000 كلمة يوميًا".
ويشدد ماتيو على أهمية الصدق أن يكون الروائي صادقًا ومؤمنا بما يكتبه، وأخيراً الحظ الجيد من شروط نجاح العمل الأدبي، فهناك ظروف كثيرة لا يضعها الكاتب في اعتباره وتخدمه كثيراً حسب قوله.
الرواية بها حس سياسي واجتماعي، كما يقول، وجاء إعلان فوزه قبل تظاهرات قوية شهدتها فرنسا، فيما يعرف إعلاميا باسم "غضب أصحاب السترات الصفراء"، وعندما تسأله هل كان يستشعر ذلك؟ يرد قائلاً: "الرواية تدور حول غضب جزء من الشعب الذي يعيش في المدن الصغيرة المهمشة خارج العاصمة، ولكنني في نفس الوقت لم أكن مستغرباً اندلاع تظاهرات في باريس نفسها".
يؤكد ماتيو أن هذه الأحداث اندلعت بعد نشر الرواية، والملاحظ الجيد كان يدرك أن هذه الأحداث نتيجة طبيعية للأحوال والظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها الشعب، فأنا متفهم جيداً لغضبهم ومطالبهم.
بدأ ماتيو شق طريقه الأدبي بهذه الرواية التي طبعها 10 نسخ لتوزيعها على 10 ناشرين، ولكنه بعد شهور لم يتلق ردا سوى من ناشر واحد وهو الذي طبع الرواية، مضيفا أنه حتى هذه اللحظة لم يعرف إذا كان الناشرون الآخرون قرأوها أم لا، وهل حازت على إعجابهم أو لا.
ونيكولا ماتيو في مصر حاليًا ليقيم حفل توقيع ومناقشة الرواية في المركز الثقافي الفرنسي ضمن سلسلة ندوات يعقدها المركز للكتاب الفرنسيين البارزين، وعن علاقته بالأدب العربي يقول: "للأسف لم يحالفني الحظ لقراءة أيا من الأعمال الأدبية العربية باستثناء الكاتب المصري ألبير قصيري".
aXA6IDMuMTIuNzMuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز