بعد 149 عاما على رحيله.. سر خلود كتابات تشارلز ديكنز
تشارلز ديكنز رجل يصلح لأن يكون معنا في أي عصر، بمعنى أن كتابته عابرة للأزمان، ومهما مرت عليها السنوات تبقى مؤثرة وقوية
في التاسع من يوليو/تموز لعام 1870، توفي الروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز، الذي اعتبره كثيرون واحدا من أعظم الروائيين الإنجليز في التاريخ، إن لم يكن الأعظم، إذ صور في رواياته حياة الفقراء، وصاغ ذلك في عدة روايات حازت شهرة واسعة، وحققت نجاحًا نقديًا وجماهيريًا، لعل أشرها روايته "قصة مدينتين".
وفي مقال بعنوان "لماذا لا نزال نقرأ لتشارلز ديكنز"، نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، يوضح الصحفي الإنجليزي جون فاريس أسباب استمرار العلاقة بين القراء وروايات ديكنز على الرغم من مرور كل هذه السنوات على رحيله، لافتًا إلى أن ديكنز لم يكن مجرد كاتب يعلمك التفكير، بل إنه رجل يصلح لأن يكون معنا في أي عصر، بمعنى أن كتابته عابرة للأزمان، ومهما مرت عليها السنوات تبقى مؤثرة وقوية.
وتتعمق كتاباته داخل النفس الإنسانية، وتحاول تحليلها والوصول إلى أبعد نقطة فيها، كما أن كتابته ربما تخبرنا بأشياء لا نعرفها عن أنفسنا، من خلال الحديث عن عادات وممارسات قد تبدو عادية في باطنها، غير أنها تحمل الكثير من التناقضات، التي تعبر عن كل واحد منا، ما يعتبر جزءًا أصيلًا من أجزاء النفس الإنسانية.
ويتابع فاريس "نحتاج إلى قراءة ديكنز، لأنها تخبرنا عن سبب ما نحن عليه، تكشفنا أمام ذواتنا دون زخرف".
ولا يكاد قارئ ديكنز أن يفلت من الإحساس بأن تلك الروايات موجهة له بالأساس، أو ربما كتبها تشارلز لتحكي قصته، قصة ذلك القارئ الذي قد يجد نفسه أوليفر تويست، أو نيكولاس الذي يقتنع بأن أبيه الميت يراقبه رغم موته من قبره، أو أستير سامرسون الذي يحن إلى أمه التي تركته صغيرًا لأسباب خارجة عن إرادتها.
ويكشف تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطاني أن سر خلود كتابات تشارلز ديكنز يكمن في أننا لا نزال نلجأ لرواياته حتى الآن، من أجل فهم ما يحدث حولنا من ناحية، وما يحدث داخلنا من ناحية أخرى.
وفي التقرير الذي جاء تحت عنوان "تشارلز ديكنز.. قصة قرنين"، تم تسليط الضوء على الأثر الذي تركه ديكنز ليبقى مطلوبًا من جانب القراء كل هذه السنوات، حيث صمدت كتاباته أمام الزمن، ولم تتطلب قارئًا معينًا، أو زمانًا مخصوصًا.
وكانت لنشأة تشارلز ديكنز في أسرة فقيرة أثر كبير عليه، إذ انحاز في كتابته للفقراء والمحتاجين، وظلت هذه إحدى السمات الدالة على كتابات تشارلز ديكنز بشكل عام، إذ ظهرت في أغلب كتاباته التي تنوعت بين الروايات والقصص القصيرة.
قضى الكاتب معظم حياته في كتابة المقالات وتأليف الروايات والقصص القصيرة وإلقاء المحاضرات، وكان يدعو باستمرار، في أغلب أعماله، إلى ضرورة الإصلاح الاجتماعي وإلى تدعيم المؤسسات الخيرية والصحية التي ترعى الفقراء من الناس.
ولقد آمن ديكنز بأن كل الأحوال المزرية والسيئة قابلة للإصلاح مهما كان مدى تدهورها، لهذا سخر قلمه للدعوة إلى تخليص المجتمع البشري مما يحيط به من شرور وأوضاع اجتماعية غير عادلة.
ونشرت روايات ديكنز مسلسلة في البداية في مجلات أسبوعية أو شهرية، ثم أعيدت طباعتها في كتب، وعندما بلغ الرابعة والعشرين، وتحديدًا في عام 1836، أصدر ديكنز أولى رواياته والتي كانت بعنوان "مذكرات بيكويك" والتي لاقت نجاحًا ساحقًا بالفعل وجعلته من أكثر الأدباء الإنجليز شعبية وشهرة، ثم ازدادت شهرته في إنجلترا وخارجها عندما توالت أعماله في العالم بلغات مختلفة.
ومن أشهر رواياته: "قصة مدينتين"، "مغامرات أوليفر تويست"، "آمال كبرى"، "مغامرات نيكولاس نيكلباي"، كما كتب عدة مجموعات قصصية منها: "قطع أعيد طبعها"، "إسكتشات بوز".
aXA6IDMuMTQyLjIwMS45MyA= جزيرة ام اند امز