"قرار الجولان".. ترامب يعمق جراح سوريا ويبدد مساعي السلام
القرار الأمريكي جاء انتهاكا للسيادة السورية بشكل واضح، فضلا عن مخالفته للقرارات الدولية التي تؤكد الحق السوري في الجولان المحتل.
يأتي توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، مرسوماً رئاسياً للاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة، ليعمق جراح سوريا التي ما زالت تعاني من الإرهاب والدمار بعد 8 سنوات من الحرب.
فهضبة الجولان المحتلة جزء لا يتجزأ من الأراضي العربية السورية المحتلة، والقرار الأمريكي جاء انتهاكاً للسيادة السورية بشكل واضح، فضلاً عن مخالفته للقرارات الدولية التي تؤكد الحق السوري في الأراضي المحتلة، بحسب المنظمات الدولية والعربية.
- ترامب يعترف رسميا بـ"سيادة إسرائيل" على الجولان المحتل
- سوريا: أمريكا لا تمتلك أي حق في تقرير مصير الجولان المحتل
بيد أن التداعيات السلبية لهذا القرار ستظهر مستقبلاً على الأمن والاستقرار الإقليمي، خصوصاً أنها تكرس لسلطة الاحتلال الذي كان مدخلاً لجماعات الإرهاب في الإعلان عن وجودها.
البداية كانت مع تغريدات ترامب على حسابه الشخصي في "تويتر"، الخميس الماضي؛ حيث كتب قائلاً: "بعد 52 عاماً، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي".
هذه التغريدات أعقبها ترحيباً إسرائيلياً رسمياً، فسره مراقبون بدعم أمريكي غير مباشر لدعم حزب الليكود برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة المقررة في أبريل/نيسان المقبل.
وقال نتنياهو في مستهل لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، خلال زيارته إلى تل أبيب، الخميس الماضي: "حان الوقت لكي يعترف المجتمع الدولي بالوجود الإسرائيلي على هضبة الجولان وبحقيقة بقاء الجولان جزءاً من دولة إسرائيل إلى الأبد".
هذه التطورات هدفت إلى إرباك الوضع في سوريا مجدداً بعد أن كان يرى مؤشراً للاستقرار، خصوصاً مع دحر تنظيم الإرهابي، وبداية مرحلة البناء بعد سنوات من الحرب الداخلية.
فقد جاء الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان المحتلة، بعد أيام من استضافة بروكسل لأعمال المؤتمر الدولي الثالث بشأن سوريا، بمشاركة ممثلين عن 55 بلدا، وأعلن المانحون الدوليون جمع أكثر من 7 مليارات دولار، لدعم العملية السياسية وحل الأزمة السورية وإعادة الإعمار.
وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" المنعقد في بروكسل، إن سوريا التي تمزقها الحرب يحتاج أكثر من 11.7 مليون شخص كثير منهم أطفال، إلى مساعدات طارئة.
وفي إطار التداعيات السلبية للقرار الأمريكي بالاعتراف بسيادة إسرائيل الجولان، من منظور التوقيت أيضاً، فإن هذا القرار يجهض الجهود السورية للحرب على الإرهاب، التي دائماً ما تتخذ من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي سبباً لوجودها وأنشطتها التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
فبعد نحو 24 ساعة من إعلان إنهاء سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الأرض فعلياً، عقب تحرير الباغوز، جاء هذا القرار.
واحتلت إسرائيل الجولان السوري عام 1967، وفي 1981 أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) قانون ضمها إلى تل أبيب، لكن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع المنطقة على أنها أراض سورية محتلة.
ووجهت الخارجية السورية رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، بشأن تصريحات ترامب، مؤكدة أن "الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية، واستعادته بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي لا تزال أولوية في السياسة الوطنية السورية وحق أبدي لن يخضع للمساومة أو التنازل ولا يسقط بالتقادم".
وطلبت دمشق من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس "إصدار موقف رسمي لا لبس فيه يؤكد من خلاله الموقف الراسخ للمنظمة الدولية تجاه قضية الاحتلال الإسرائيلي للجولان العربي السوري".
وهو ما صدر فعلياً عقب القرار الأمريكي، الإثنين؛ حيث ذكر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن الأمين العام أنطونيو جوتيريس "واضح في قوله إن وضع الجولان لم يتغير".
وأكد دوجاريك أن "سياسة الأمم المتحدة بشأن الجولان انعكست في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وإن تلك السياسة لم تتغير".
ومرتفعات الجولان منطقة استراتيجية بمساحة 1860 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 20 ألف نسمة.
ويعتبر الجزء الأكبر من سكان الجولان سوريين، إضافة إلى وجود أكثر من 17 ألف مستوطن إسرائيلي يقيمون في 30 مستوطنة.
واكتسبت الهضبة موقعها المميز لكونها تطل على بحيرة طبرية غرباً ووادي الرقاد شرقاً، وامتدادها حتى الحدود السورية- الأردنية، فضلاً عن بعدها إلى الغرب عن العاصمة دمشق بـ60 كيلومتراً فقط.