تقرير عالمي: استغلال المحيطات يمكن أن يحقق 35% من خفض الانبعاثات
تُعد المحيطات أكثر المناطق الواعدة للعمل المناخي، ولكن تم تجاهلها إلى حد كبير.
مع سيطرة الظواهر المناخية المتطرفة على نشرة الأخبار العالمية خلال عام 2023، بدءًا من الحرارة القياسية في البر والبحر، إلى حرائق الغابات، والفيضانات المدمرة في جميع أنحاء العالم، أصبحت الحاجة إلى معالجة تغير المناخ أكثر وضوحًا وإلحاحًا من أي وقت مضى.
في هذا الإطار، يُظهر بحث جديد، تم إجراؤه بتكليف من اللجنة رفيعة المستوى لاقتصاد المحيطات المستدام (لجنة المحيطات) أن الحلول المناخية القائمة على المحيطات يمكن أن تحقق ما يصل إلى 35% من التخفيضات السنوية لانبعاثات غازات الدفيئة اللازمة في عام 2050 للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، وهي زيادة كبيرة عن التقديرات السابقة، التي حددت التخفيضات المحتملة في انبعاثات المحيطات بنحو 21% من الإجمالي المطلوب بحلول عام 2050.
ويعتمد هذا البحث على حلول جاهزة للتنفيذ ومجدية اقتصادياً، ولكن في حين يُنظر إلى الاستثمارات في اقتصاد المحيطات المستدام على أنها مربحة -تظهر البيانات أن استثمار دولار واحد في الإجراءات الرئيسية المتعلقة بالمحيطات يمكن أن يحقق فوائد عالمية لا تقل عن 5 دولارات، وفي كثير من الأحيان أكثر من ذلك على مدى السنوات الثلاثين المقبلة- فإن التمويل لهذه الحلول كان يفتقر إلى حد كبير إلى التنفيذ، ويتعين على الدول أن تعمل على زيادة الاستثمارات بشكل كبير في التكنولوجيا والبنية الأساسية اللازمة بهدف الاستفادة الكاملة من قدرة المحيطات على المساعدة في معالجة أزمة المناخ.
- نقص الذكور يهدد أهم كائنات العالم.. سلاحف اليمن تدفع ثمن تغير المناخ
- تحالف عالمي لإنقاذ الشعاب المرجانية.. 45 دولة تتحدى تغير المناخ
وفيما يلي 7 فرص رئيسية للعمل المناخي القائم على المحيطات:
1) توسيع نطاق الطاقة المتجددة المعتمدة على المحيطات
تعد الطاقة المتجددة المعتمدة على المحيطات مجالاً رئيسياً للفرص مع حلول جاهزة للتنفيذ، بما في ذلك طاقة الرياح البحرية، وكذلك الطاقة الشمسية العائمة وطاقة المد والجزر، والتي يمكن أن تخفض انبعاثات غازات الدفيئة بما يصل إلى 3.60 غيغا طن سنويا في عام 2050. وهذا أكثر من إجمالي الانبعاثات المجمعة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة في عام 2021. وستكون زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية أيضًا لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، حيث يعمل العالم على التخلص التدريجي من الفحم ومصادر الطاقة الأحفورية الأخرى.
فقد تضاعفت التعهدات العالمية في مجال طاقة الرياح البحرية تقريبا في السنوات الأربع الماضية، مما رفع التوزيع المستهدف إلى ما يصل إلى 2000 غيغاوات (وهو ما يكفي لتشغيل ما يقرب من 1.5 مليار منزل سنويا) بحلول عام 2050، وبعض الدول مثل النرويج، على سبيل المثال، يوجد بها أكبر حديقة رياح بحرية عائمة تعمل بكامل طاقتها في العالم، هيويند تامبين. كما خصصت مناطق لإنتاج طاقة الرياح البحرية بقدرة 30 غيغاوات بحلول عام 2040، وأعلنت عن مسابقة لإنتاج طاقة الرياح البحرية في منطقتين على الجرف القاري النرويجي.
لذا يجب على الدول تقليل الحواجز أمام توسيع نطاق توربينات الرياح البحرية (الثابتة والعائمة على حد سواء) وكذلك الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والمبتكرة القائمة على المحيطات، مثل الخلايا الشمسية الكهروضوئية العائمة، وطاقة الأمواج، وطاقة المد والجزر.
2) الحد من الانبعاثات الناجمة عن النقل البحري
حالياً، تحمل صناعة الشحن الدولي حوالي 80% من التجارة العالمية بين الدول، وإذا تم اعتبارها دولة فإنها ستكون من بين أكبر 10 دول مصدرة للانبعاثات في العالم، وفي محاولة للتوافق بشكل أوثق مع أهداف المناخ العالمية قامت المنظمة البحرية الدولية مؤخرا بمراجعة استراتيجيتها لخفض الانبعاثات، وحددت هدفا للوصول إلى صافي الصفر "بحلول عام 2050 أو في حدوده"، وفقا "للظروف الوطنية".
ويجب على شركات الشحن تعزيز الجهود الرامية إلى زيادة الكفاءة التشغيلية واللوجستية، مثل تقليل سرعة السفن وأخذ الظروف الجوية في الاعتبار عند تخطيط الطرق، وفي الوقت نفسه ستحتاج الشركات والحكومات أيضا إلى زيادة الاستثمارات في تقنيات الوقود الجديدة الخالية من الانبعاثات، مثل تلك المصنوعة من الهيدروجين والأمونيا، فضلاً عن البنية التحتية الداعمة، بما في ذلك مرافق تخزين الوقود ومعالجته مجتمعة، ويمكن لهذه الحلول أن تقلل من انبعاثات الشحن بما يصل إلى 2 غيغا طن سنويا في عام 2050، أي ما يعادل إخراج أكثر من 400 مليون سيارة من الطريق كل عام.
3) الحفاظ على النظم البيئية الساحلية والبحرية واستعادتها
إن النظم البيئية الصحية "للكربون الأزرق" مثل غابات المانغروف ومروج الأعشاب البحرية ومستنقعات المد والجزر هي بمثابة مصارف كربون قوية يمكنها تخزين ما يصل إلى 5 أضعاف الكربون لكل منطقة مقارنة بالغابات الاستوائية وامتصاصه من الغلاف الجوي بسرعة 3 مرات تقريبًا.
ومع ذلك، فإن النظم البيئية للكربون الأزرق تختفي بوتيرة سريعة، مدفوعة بـ "الضغط الساحلي" بين التأثيرات الناجمة عن المناخ (بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر والظواهر الجوية المتطرفة) وتنمية المناطق الساحلية.
يمكن أن تسهم الجهود المعززة للحفاظ على النظم البيئية للكربون الأزرق واستعادتها وإدارتها بشكل مستدام بشكل كبير في تحقيق أهداف المناخ العالمي -إزالة انبعاثات غازات الدفيئة بما يعادل 76 محطة طاقة تعمل بالفحم سنويًا في عام 2050- مع المساعدة أيضا في تحقيق أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي (بما في ذلك 30 × 30) وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
4) توسيع الإنتاج الغذائي المستدام المعتمد على المحيطات
مع ارتفاع عدد سكان العالم ستزداد الحاجة أيضًا إلى مصادر الغذاء والبروتين، يمكن للمحيطات أن تلعب دورًا رئيسيًا في تلبية هذه الحاجة من خلال مجموعة واسعة من المأكولات البحرية المستدامة -مثل الطحالب والأسماك واللافقاريات مثل المحار- والتي تتطلب مساحة أقل من الأراضي وتتطلب موارد أقل لإنتاجها مقارنة بخيارات مثل لحم البقر والضأن. إن دمج هذه الأطعمة "الزرقاء" في النظم الغذائية العالمية لا يؤدي إلى تنويع خيارات البروتين فحسب، بل يمكن أن يقلل أيضا من الانبعاثات العالمية بما يصل إلى 1.47 غيغا طن سنويا في عام 2050، وهو ما يعادل إزالة 393 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم سنويا.
وفي حين أن هذه الأطعمة شائعة في بعض الثقافات، إلا أن الوعي بها واستخدامها لا يزال محدودًا على نطاق عالمي وتكون أسعارها مرتفعة في بعض الأحيان بشكل كبير بالنسبة للمستهلكين، لذا بدأت بعض الدول مثل أستراليا، في استثمار 70 مليون دولار أسترالي (45 مليون دولار أمريكي) في مركز البحوث التعاونية للاقتصاد الأزرق لجمع الخبرات في مجال تربية الأحياء المائية والطاقة البحرية المتجددة والهندسة البحرية كجزء من جهد تعاوني بين الصناعة والباحثين والمجتمع. ويهدف إلى تطوير الصناعات البحرية المبتكرة والمستدامة لزيادة إنتاج المأكولات البحرية الأسترالية والطاقة المتجددة البحرية.
5) الاستفادة من إمكانات المحيط لإزالة الكربون وتخزينه
تتضمن إزالة ثاني أكسيد الكربون البحري مجموعة من التقنيات مثل تعزيز قلوية المحيطات، حيث تتم إضافة المعادن القلوية إلى المحيط لتغيير كيميائيته وزيادة امتصاص الكربون، وتخصيب المغذيات في المحيطات، مما يحفز تكاثر الطحالب الضخمة التي تستهلك كميات هائلة من الكربون. تبدو هذه الاستراتيجيات واعدة، ولكنها حاليًا فقط في مرحلة المفهوم أو النموذج الأولي أو مراحل التطوير المبكرة. قبل توسيع نطاق إزالة ثاني أكسيد الكربون البحري، يجب إجراء بحث شامل حول التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذه التقنيات، بالإضافة إلى معالجة مسائل السياسة والحوكمة.
6) إزالة الكربون من السياحة المعتمدة على المحيطات
تمثل السياحة الساحلية والبحرية ما لا يقل عن 50% من إجمالي السياحة العالمية، كما أنها تشكل أكبر قطاع اقتصادي لمعظم الدول الجزرية الصغيرة النامية والعديد من الدول الساحلية. ولكن رغم أهمية سياحة الرحلات البحرية لاقتصادات هذه الدول فإنها تشكل أيضاً ملوثاً كبيراً، فقد وجدت دراسة حديثة أن سفينة سياحية كبيرة من الممكن أن تخلف بصمة كربونية أكبر من 12 ألف سيارة، تنبعث من السفن السياحية أيضاً ملوثات أخرى إلى جانب ثاني أكسيد الكربون -مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز وجسيمات الكربون- التي يمكن أن تضر النظم البيئية البحرية وكذلك صحة الإنسان.
ومن الممكن أن يؤدي النجاح في إزالة الكربون من السياحة المعتمدة على المحيطات إلى توفير 0.1 غيغا طن من إمكانات خفض الانبعاثات في عام 2050، أي ما يعادل الانبعاثات السنوية لـ251 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالغاز الطبيعي.
7) الحد من النفط والغاز البحري
إن التخفيض التدريجي للنفط والغاز في المناطق البحرية يوفر أكبر فرصة للعمل المناخي القائم على المحيطات، مع إمكانية إزالة ما يصل إلى 5.30 غيغا طن من الغازات الدفيئة سنويا في عام 2050، أي ما يعادل إخراج حوالي 1.1 مليار سيارة تعمل بالوقود الأحفوري من الطريق كل عام، ويفترض هذا أن الطلب على الطاقة الذي كان يتم توفيره سابقاً عن طريق توليد الوقود الأحفوري يمكن تلبيته من خلال زيادة موازية في مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات (مثل مصادر الطاقة المتجددة المعتمدة على المحيطات).