ساحات القضاء وتعرية الفساد.. "احتجاجات تشرين" العراقية تعدل وجهتها
تظاهر المئات في محافظات وسط وجنوب العراق ضمن جولة جديدة لمحتجي "تشرين" الذين يراجعون تكتيكات حركتهم المقبلة.
وشهد العراق قبل 3 سنوات انطلاق موجة احتجاجات حاشدة في أكتوبر/تشرين الأول ضد النخب السياسية التي تهيمن على مقاليد السلطة وتمتلك مليشيات مسلحة.
وكان المحتجون قد منحوا السلطات مهلة انتهت اليوم خلال مظاهرة مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري لحل البرلمان الحالي والذهاب لانتخابات مبكرة.
لكن على ما يبدو باتت هذه المطالب خارج إطار الممكن في ظل ترحيب دولي بانتخاب رئيس جديد للبلاد وتسمية رئيس للوزراء اعتمدت منطق المحاصصة.
وقال مشرق الفريجي، رئيس حركة "نازل آخذ حقي"، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الصوت الاحتجاجي باق سواء انخفض أو تقطع وبالتالي فإنه من المسلمات الرئيسة لتلك الاحتجاجات الرفض القاطع للمحاصصة في بناء أي حكومة كانت".
وبشأن بقاء التظاهرات واستمرارها خلال قادم الأيام، أكد الفريجي، أن "خطواتنا اللاحقة ستكون باللجوء إلى القضاء ضد تكريس المحاصصة وقدمنا في ذلك الصدد مطالعة إلى الادعاء العام بشأن قضايا المال المفقود وشهداء تشرين"، مؤكداً "نستعد التقدم نحو المحكمة الاتحادية بمذكرة دعوى ضد الأحزاب التي تمتلك السلاح".
وتأتي الخطوة لإعادة التموضع في ظل تراجع زخم الاحتجاجات وفتح ساحات جديدة للتعبير عن مطالب "تشرين".
الناشط المدني، عليوي الهندي، الذي كان حاضراً بين جموع المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد، قال إن "احتجاجات اليوم تأتي رفضاً لما يجري من تقاسم ومحاصصة في طبيعة الحكومة المزمع الإعلان عنها بعد أيام، وخصوصاً أننا لدينا تجارب سابقة مماثلة انتهت بالفشل وانهيار البنى المؤسساتية للدولة".
ويؤكد الهندي لـ"العين الإخبارية"، أنه "طالما كررنا وقلنا المجرب لا يجرب وبالتالي فإن تدوير المناهج والشخصيات الحزبية وإعادتها للسلطة مرة ثانية أمر مرفوض ولن نستسلم له، وستبقى الاحتجاجات حتى تحقيق مطالب أكتوبر التي بدأت في خريف 2019".
وبحسب مقاطع فيديو مصورة، اطلعت عليها "العين الإخبارية"، شهدت تظاهرات اليوم في بغداد تبادلاً للعنف بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين وهو يجولون عند ساحة التحرير ولكن دون تسجيل أي إصابات.
وسجلت محافظات البصرة وذي قار وميسان الجنوبية فضلاً عن الديوانية وبابل، تظاهرات احتجاجية تزامنت مع المعقل الرئيس في بغداد، دعا فيها المحتجون إلى رفض المحاصصة في تقاسم السلطة ومحاربة الفساد وتقديم سراق المال العام إلى القضاء.
وأوضح رئيس حركة "نازل آخذ حقي": "هنالك وسائل أخرى للاحتجاجات ولن تنحصر فقط عند التظاهرات، سننشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكي نعري الفاسدين والفاشلين في السلطة فضلاً عن التحرك نحو دوائر القضاء وتجريم سراق الأرواح والمال العام".
واندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، تظاهرات احتجاجية هي الأوسع والأعنف في تاريخ العراق، وعمت محافظات الوسط والجنوب، على خلفية تفشي الفساد ونفوذ المليشيات المسلحة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وشهدت وقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ودفعت تلك الانتفاضة حكومة عادل عبد المهدي إلى تقديم استقالتها والذهاب نحو انتخابات تشريعية مبكرة، وسجلت من خلالها وصول أحزاب وشخصيات مستقلة ذات حظوظ أكبر مقارنة بالتجارب الخمس السابقة.
حسين شلخ أحد قادة التظاهرات الاحتجاجية، الذي حضر تظاهرات التحرير، قال إن "من الواضح أن الاحتجاجات في الوقت الراهن لا تحقق مطالب التغير في ظل مباركة دولية للحكومة المزمع تشكيلها برئاسة (محمد شياع) السوداني التي تعتمد المحاصصة والتقاسم بين الأحزاب وهو ما يدفع إلى تراجع الاحتجاجات بغية إعادة التموضع واختيار الوقت المناسب".
وأضاف شلخ، لـ"العين الإخبارية"، أن "مئات القتلى وآلاف الجرحى لم يسحبوا الشرعية الدولية عن ذلك النظام القائم وبالتالي فإن الوسائل الاحتجاجية وطرق التواصل مع الشارع تتطلب تحديثاً يتناسب مع تلك المستجدات بما يعيد الروح لحركة تشرين وأهدافها السامية".
aXA6IDMuMTQ1LjE1NS4xNDkg
جزيرة ام اند امز