تطورات سوق النفط لحظيا.. هبوط بفعل انقسام أوروبي وبرنت دون 114 دولارا
انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 114 دولارا للبرميل منتصف تعاملات الثلاثاء لتتخلى عن جزء من مكاسبها التي بلغت 7% أمس.
وعاود النفط الانخفاض بعد قفزة في التعاملات الصباحية، مع انقسام الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي حول فرض حظر محتمل على النفط الروسي لكن مخاطر نقص المعروض المستمرة حدت من تراجع الأسعار.
وانقسم وزراء خارجية دول التكتل حول ما إذا كانوا سينضمون إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات على النفط الروسي إذ تقول بعض الدول ومنها ألمانيا إن الاتحاد معتمد على الوقود الأحفوري الروسي بدرجة تجعله غير قادر على تحمل مثل هذه الخطوة.
وانخفض خام برنت 1.92 دولار أو 1.7 بالمئة إلى 113.70 دولار للبرميل بحلول الساعة 0920 بتوقيت جرينتش. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط 2.82 دولار أو 2.5 بالمئة إلى 109.3 دولار. وارتفع العقدين بأكثر من سبعة بالمئة أمس الاثنين.
وانخفضت أسعار النفط أيضا مع ارتفاع الدولار الأمريكي بعد تصريحات لرئيس المجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول أمس الاثنين التي أشار فيها إلى احتمال تشديد أكثر حدة للسياسة النقدية مما كان متوقعا.
ويزيد الدولار القوي من تكلفة الخام على حاملي العملات الأخرى ويضعف الإقبال على المخاطر.
وفي وقت سابق اليوم، قفز سعر خام برنت 3.59 دولار، ليصل إلى 119.05 دولار للبرميل، مسجلا زيادة قدرها 3.07% عن آخر سعر إغلاق.
وصعد سعر خام "نايمكس" الأمريكي ليصل إلى 114.90 دولار، بزيادة 2.46% تقدر قيمتها 2.78 دولار.
وسجل خام برنت في وقت سابق من الشهر الجاري 139 دولارا للبرميل، وهو أعلى سعر يسجله منذ 2008. وحدت المخاطر على المعروض جراء الحرب في أوكرانيا وهجمات جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على منشآت الطاقة وتحلية المياه السعودية من الانخفاض.
وقالت السعودية أمس الاثنين إنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في المعروض العالمي بعد هجمات الحوثيين في إشارة إلى تنامي إحباط المملكة من طريقة تعامل واشنطن مع قضيتي اليمن وإيران.
وستكون أحدث بيانات عن مخزونات النفط الخام الأمريكية محور الاهتمام في وقت لاحق. ولا يتوقع محللون حدوث أي تغيير في أسعار النفط الخام. وسيُصدر معهد البترول الأمريكي تقريره عن المعروض في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء.
وفي سياق متصل، ذكرت أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم "فيتول" أن الطلب على النفط يتزايد، ومن المتوقع أن يتجاوز مستويات ما قبل الوباء هذا العام.
وأوضح "راسل هاردي" المدير التنفيذي للشركة في بيان أمس الإثنين قائلاً: بينما نتوقع تراجع الطلب على النفط على المدى البعيد، إلا أن الطلب سيواصل النمو خلال العقد المقبل.
وأضاف أنه نظرًا إلى الاستثمار المحدود في الإنتاج، فإن الشركة تتوقع اتساع "فجوة الطلب" على مدار السنوات القليلة المقبلة
وأعلنت "فيتول" أنها سلمت إجمالي 7.6 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات النفطية في العام الماضي، مقارنة مع 7.1 مليون برميل يوميًا في 2020.
هذا وارتفعت إيرادات الشركة إلى 279 مليار دولار في عام 2021، مقارنة مع 140 مليار دولار في 2020.
وتعكس التقلبات التفاعل بين القوى الجيوسياسية والاقتصادية التي تعصف بالعالم اليوم، فمن الحرب إلى ارتفاع سعر الفائدة ووباء فيروس كورونا، وحتى بعد نتيجة الصراع في أوكرانيا، فإن هناك ثلاثة أسباب كبيرة تدفع لعدم اليقين في سوق النفط وفقاً لما ذكرته مجلة إيكونومست البريطانية.
زيادة الإنتاج
تسببت العقوبات الغربية على روسيا، وحظر أمريكا ورادت النفط الروسي، بتعرض الكثير من المشترين المحتملين للتعامل مع الوسطاء الماليين الروس.
وفي 16 مارس/آذار الماضي، قالت وكالة الطاقة الدولية إن الأسواق العالمية قد تواجه عجزاً في النفط بمقدار 3 ملايين برميل يومياً اعتباراً من أبريل/نيسان المقبل.
وأوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية أن أمر زيادة الإنتاج يعود للبلدين الأكثر قدرة على تعويض جزء كبير من النفط الروسي وهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وفي آخر اجتماع لمنظمة أوبك في أوائل مارس/آذار الجاري، كان هناك تأكيد على الالتزام بالخطط الحالية لزيادة الإنتاج الإجمالي بمقدار 400 ألف برميل يومياً.
ويترقب العالم الاجتماع المقبل لأعضاء منظمة أوبك والمقرر في نهاية مارس/آذار الجاري.
النفط الصخري الأمريكي
أوضح التقرير أن السبب الثاني من عدم اليقين يتعلق بقدرة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لمواجهة النقص في العرض، فخلال طفرة التكسير الهيدروليكي الأولى والتي استمرت من عام 2010 إلى عام 2015، ارتفع الإنتاج الأمريكي، ما تسبب في انخفاض أسعار النفط، إلا أن الظروف في الاقتصاد الأمريكي تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين، ما ترك المحللين والمطلعين على الصناعة متشككين من أن النفط الصخري الأمريكي يمكن أن يرتقي إلى مستوى التحدي.
وأشار التقرير إلى أن شروط التمويل في الوقت الحالي أقل تشجيعاً مما كانت عليه خلال طفرة الإنتاج في 2010-2015، ومن المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري والعام المقبل، وبالنسبة لعوائد سندات الخزانة المالية فإنها أقل بنسبة 2% مقارنة بمعظم فترات الازدهار الماضية.
وبالإضافة إلى ذلك يواجه الإنتاج الأمريكي تحدياً آخر في سوق العمل، فهناك حوالي 128 ألف شخص يعملون في استخراج النفط والغاز في فبراير الماضي، مقارنة بأكثر من 200 ألف عامل في نهاية 2014.
ويكافح أصحاب العمل لملء الوظائف الشاغرة، ولا يعد البحث على عشرات الآلاف من العمال أمراً سهلاً.
وبالإضافة إلى ذلك أصبح المنجمون الأمريكيون والعاملون في قطاع الصناعة أكثر حذراً بشأن الاقتراض، حيث تلتزم البنوك ومديرو الأصول بمعايير أكثر صرامة، وهو أحد العوامل الذي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف.
وفي الربع الأخير من العام الماضي، أبلغت شركات التنقيب عن الطاقة والإنتاج عن أكبر زيادة في نفقات تأجير التشغيل خلال السنوات الست الماضية على الأقل، وفقاً لمسح أجراه بنك دالاس الفيدرالي.
استراتيجية الصين للقضاء على الفيروس
وصنف تقرير إيكونومست أن استراتيجية الصين للقضاء على الفيروس تعد السبب الثالث الذي يساهم في استمرار تقلب أسعار النفط وعدم اليقين.
وفرضت الصين إغلاقاً في مدينتي شنغهاي وشنتشن، وهما من أهم مراكز التصدير في العالم، ويشير تقرير لبلاتس أناليتكس وهي شركة أبحاث السلع الأساسية، إلى أن القيود قد تخفض الطلب على النفط بمقدار 650 ألف برميل في مارس، وهو ما يعادل إنتاج فنزويلا من النفط.
وأوضح التقرير أنه حتى قبل بدء عمليات الإغلاق، كانت هناك علامات مقلقة على تباطؤ الاقتصاد الصيني، لا سيما في قطاع العقارات، وانخفضت عائدات مبيعات الأراضي، والوقود الذي تعمل عليه الحكومات المحلية الصينية بنسبة 30% على أساس سنوي في يناير وفبراير.
لامس مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ أدنى مستوى له في خمس سنوات، وانخفض بنحو 50% منذ بداية الوباء، وفي الصيف ذاته فإن الحكومة الصينية ممزقة بين حملتها لكبح جماح النفوذ في قطاع العقارات، ورغبتها في الحفاظ على نمو الاقتصاد بشكل ثابت، وأي علامة على تباطؤ اقتصادي في أكبر مستورد للطاقة في العالم تعني الاضطراب في أسواق السلع.