عام على الحرب.. ملحمة دبلوماسية إماراتية شاملة لدعم غزة
ملحمة سياسية ودبلوماسية وإنسانية تاريخية سجلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم فلسطين بشكل عام وغزة بشكل خاص.
دعم يستذكره العالم والفلسطينيون وأهل غزة بامتنان وتقدير، مع ذكرى مرور عام على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما زال متواصلا.
يأتي هذا في وقت تواصل فيه دولة الإمارات جهودها، لوقف التصعيد في غزة والعمل على تعزيز السلام والعدالة وصون حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة القاضية بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
جهود دبلوماسية وسياسية تكثفت منذ الهجوم على غزة عبر أكثر من مسار، من أبرزها:
- مباحثات القيادة السياسية (جهود متواصلة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات).
- حراك دبلوماسي متواصل (مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ودبلوماسيي الإمارات وبيانات الخارجية الإماراتية)
- تحركات في المحافل والمنظمات الدولية (مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية).
مباحثات القيادة
منذ اندلاع حرب غزة، لا يكاد يمر يوم دون أن يجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مباحثات واتصالات مع قادة ومسؤولي دول العالم لبحث جهود التهدئة والدعوة للحفاظ على أرواح المدنيين وتوفير الحماية لهم، وبحث سبل إيجاد أفق للسلام الشامل في المنطقة.
ضمن أحدث تلك الجهود، تصدرت الأوضاع في غزة مباحثات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة التي جمعتهما في البيت الأبيض 23 سبتمبر/أيلول الماضي.
وناقش الرئيسان الحرب في غزة وأكدا التزامهما بمواصلة العمل معًا لإنهاء الصراع داعين إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2735، كما أكدا ضرورة التزام جميع الأطراف بواجباتها بموجب القانون الإنساني الدولي .
وأشاد الرئيس بايدن بالجهود الإنسانية الكبيرة التي تبذلها الإمارات في غزة، والتي كانت حاسمة في مواجهة الأزمة الإنسانية، بما في ذلك من خلال إطلاق ممر بحري لنقل المساعدات وافتتاح مستشفى ميداني في غزة ودعم إجلاء المدنيين الجرحى ومرضى السرطان.
وأكد الرئيسان التزامهما بحل الدولتين الذي يضمن وجود دولة فلسطينية ذات سيادة ومتصلة جغرافياً تعيش بجانب إسرائيل بسلام وأمن، باعتباره الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقاً للمعايير الدولية المعترف بها ومبادرة السلام العربية.
مباحثات استبقها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإجراء لقاءات واتصالات على مدار الفترة الماضية مع قادة دول عربية وأجنبية لوقف العنف والتصعيد الدائر في قطاع غزة، وحشد الجهود الدولية لضمان احترام القانون الدولي الإنساني وتوفير الحماية للمدنيين وتجنيبهم المعاناة المتفاقمة نتيجة التطورات الميدانية المقلقة، من بينهم عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ورؤساء مصر عبدالفتاح السيسي وتركيا رجب طيب أردوغان، والبرازيل لويس إيناسيو لولا داسيلفا، وفرنسا إيمانويل ماكرون، وسوريا بشار الأسد، وإسرائيل إسحاق هرتسوغ، إضافة إلى كارل نيهامر مستشار جمهورية النمسا، وغيرهم.
وأكد خلال الاتصالات أولوية الحفاظ على أرواح المدنيين وعدم الزج بهم في دائرة العنف والصراع المتصاعد وممارسة المسؤولية القانونية التي تضمن حمايتهم وسلامتهم خاصة الأطفال والنساء وكبار السن أثناء الصراعات وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين.
أيضا حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على إبراز القضية في المؤتمرات الدولية التي يشارك فيها أو المباحثات الثنائية التي تجمعه بقادة ومسؤولي العالم.
وشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في أعمال " قمة القاهرة للسلام" التي افتتحها الرئيس المصري بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها وأنطونيو غوتيريش أمين عام منظمة الأمم المتحدة.
جاءت مشاركته في تلك القمة غداة مشاركته في قمة مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول "الآسيان" التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض، وشارك فيها قادة ورؤساء وفود 16 دولة (دول مجلس التعاون الخليجي الست+ 10 دول من جنوب شرق آسيا يمثلون رابطة الآسيان).
ورسمت كلمات رئيس دولة الإمارات خلال مشاركته بالقمتين، خارطة السلام في فلسطين والشرق الأوسط، محذرا من تداعيات اتساع دائرة الحرب على الأمن الإقليمي.
وجنبا إلى جنب، مع تلك الاتصالات والمباحثات والقمم كانت توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للتخفيف من التداعيات الإنسانية للحرب المندلعة على أهل قطاع غزة.
حراك دبلوماسي
على الصعيد الدبلوماسي، واصل رأس الدبلوماسية الإماراتية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على مدار ذلك العام مباحثاته الدبلوماسية مع نظرائه حول العالم لحشد الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة.
ضمن، أحدث تلك الجهود، تصدرت الأوضاع في غزة، مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال لقائه عددا من الزعماء ووزراء خارجية الدول المشاركين في أعمال الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كلا على حدة سبتمبر/أيلول 2024.
مواقف دبلوماسية تناغمت مع أخرى قوية، عبر بيانات متتالية أصدرتها وزارة الخارجية الإماراتية، متى استدعت التطورات، تطالب فيها إسرائيل بالوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حازمة ومكثفة، تسهم في تهدئة الأوضاع على الأرض وإحياء عملية السلام.
مباحثات وبيانات، واكبتها دولة الإمارات بعرض رؤى متقدمة لمستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب.
وتضمنت تلك الرؤية خارطة طريق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى القصير والبعيد، بمشاركة إماراتية وتعاون إقليمي ودور أمريكي رئيسي، تبدأ بوقف حرب غزة، والالتزام بمسار يقود لحل الدولتين.
وأحد أبرز محاور تلك الرؤية لإنهاء أزمة غزة التي كشفت عنها سابقا ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، هو إنشاء بعثة دولية مؤقتة بدعوة رسمية من حكومة فلسطينية بقيادة رئيس وزراء جديد ذي كفاءة عالية ومصداقية واستقلالية، تتولى مهام محددة في غزة لترسيخ الأمن والاستقرار وإنهاء المعاناة الإنسانية بها.
الهدف العام الأسمى لتلك الرؤية هو "إحلال الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة".
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، في تدوينة على منصة "إكس" 14 سبتمبر/ أيلول أحد أبرز محددات دعمها لليوم التالي من الحرب في القطاع.
وقال في هذا الصدد إن "دولة الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولة فلسطينية".
رسالة إماراتية تؤكد التزام إماراتي راسخ بدعم فلسطين، القضية التي تعد أحد ثوابت سياستها الخارجية منذ تأسيسها، وحتى اليوم.
مجلس الأمن
أيضا قادت دولة الإمارات منذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة جهودا استثنائية في المحافل الدولية كافة لدعم الأشقاء الفلسطينيين ورفع المعاناة عنهم بالتعاون مع مختلف الأطراف المعنية.
ولم يتوقف حراك الإمارات المتواصل لدعم غزة عبر مجلس الأمن الدولي، سواء من خلال عضويتها في المجلس التي انتهت ديسمبر /كانون الأول عام 2023، أو حتى بعد انتهاء عضويتها من خلال مشاركتها في بعض الجلسات.
• وتوجت الإمارات حراكها المتواصل لدعم غزة في آخر أيام عضويتها بمجلس الأمن الدولي ديسمبر/كانون الأول الماضي، بتحقيق اختراق تاريخي عبر اعتماد المجلس قرارا إماراتيا حمل رقم 2720 يدعو إلى "اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة في غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض".
ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخص في منصب "كبير منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار"، وكان أبرز نتائج هذا القرار على أرض الواقع ما يلي:
- تعيين الهولندية سيغريد كاغ في منصب كبير منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة ديسمبر/كانون الأول الماضي.
- تخصيص دولة الإمارات مبلغ 5 ملايين دولار لدعم جهود سيغريد كاغ في جهودها لتخفيف وطأة معاناة أهالي غزة، وتعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة لاحتياجاتهم.
• أيضا على صعيد جهودها في مجلس الأمن الدولي، رحبت دولة الإمارات، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، باعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2712 الذي يدعو إلى سلسلة من فترات التوقف عن القتال تمتد لعدة أيام في قطاع غزة، تكفي لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل وعاجل وآمن ومن دون عوائق، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، ولا سيما الأطفال الذي يدعو القرار إلى إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.
وعملت دولة الإمارات، بصفتها العضو العربي في المجلس، بشكل وثيق مع البعثة الدائمة لـ مالطا لدى الأمم المتحدة، القائمة على صياغة القرار، حيث قدمت الدعم اللازم طوال المفاوضات، من أجل التوصل لاتفاق بشأن نص يمنح الأولوية لحماية الأطفال.
وخلال جميع جلسات مجلس الأمن التي شاركت فيها سجلت الإمارات مواقف قوية داعمة للقضية الفلسطينية، كما بعثت خلال تلك الجلسات رسائل عدة للعالم خلال تلك الاجتماعات تعبر عن رؤيتها لحل الأزمة، وترسم من خلالها خارطة طريق لنشر السلام بشكل مستدام عبر حل القضية من جذورها، بالتوصل لحل سياسي يفضي إلى قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في وئام وسلام.
وسبق أن حذرت الإمارات من داخل مجلس الأمن قبيل انطلاق هجوم غزة من أن أعمال العنف الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين "يُهدد بحدوث اشتباكات أكثر خطورة وحالة عارمة من الفوضى"، وشددت على أهمية تحقيق "السلام العادل والشامل والدائم".
الجمعية العامة
على صعيد جهودها المتواصلة في المحافل الأممية، كان لدولة الإمارات جهود بارزة على مدار العام الماضي لدعم القضية الفلسطينية، من أبرزها:
- رحبت الإمارات باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة 14 سبتمبر/ إيلول 2024، قرارا بالأغلبية يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عام.
- قدمت الإمارات مشروع قرار بأهلية دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة، وذلك بصفتها رئيسة المجموعة العربية لشهر مايو/أيار 2024.
وحاز القرار على تصويت الجمعية العامة بغالبية كبيرة لصالح قبول منح دولة فلسطين العضوية الكاملة، في خطوة تاريخية على طريق السلام وتحقيق حل الدولتين.
محكمة العدل الدولية
- رحبت دولة الإمارات في 2 يوليو/تموز الماضي بما صدر عن محكمة العدل الدولية من رأي استشاري يعتبر سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية انتهاكا للقانون الدولي.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان لها أن دولة الإمارات تشدد على رفضها لجميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولكافة الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، والتي تهدد بالمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة، وتعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار.
وشددت الوزارة على ضرورة دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي فبراير/شباط الماضي، دعت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية الإماراتية للشؤون السياسية، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، إلى الالتزام بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحل الدولتين.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت من محكمة العدل الدولية تقديم "رأي استشاري" بشأن الآثار القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يشمل القدس الشرقية.
- رحبت دولة الإمارات في 29 مارس/آذار الماضي بما أصدرته محكمة العدل الدولية من إجراءات مؤقتة إضافية، في إطار نظر قضية منع الإبادة الجماعية التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا، والتي تطالب إسرائيل بضرورة السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وفتح المزيد من نقاط العبور لنقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية.
مجلس حقوق الإنسان
- أكدت دولة الإمارات، خلال مشاركتها في أعمال الدورة الـ 55 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت فبراير/شباط الماضي في جنيف، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة يتطلب تكثيف العمل الجماعي والجهود المشتركة لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وتسريع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية إلى قطاع غزة بشكل كاف مستدام وبطريقة آمنة ودون عوائق.
ودعت الإمارات إلى ضرورة إيجاد أفق سياسي لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين يفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وذلك لتجنيب المنطقة من اتساع واستمرار المواجهات والعنف.
دعم تاريخي
حراك دبلوماسي إماراتي سعيا نحو وضع حد لحرب غزة وحماية المدنيين وإيجاد أفق للسلام، يأتي امتدادا للدعم الإماراتي التاريخي للقضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، الذي يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها عام 1971.
جهود إماراتية تتواصل ضمن ملحمة سياسية وإنسانية يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لدعم غزة والقضية الفلسطينية.