"المخلب-القفل".. المنافسة تشتعل بين إيران وتركيا بالعراق
أطلقت تركيا عملية "المخلب-القفل"، آخر عملياتها العسكرية التي تستهدف حزب العمال الكردستاني بإقليم كردستان العراق، في 17 أبريل 2022.
العملية تتزامن مع مساعٍ عسكرية عراقية لفرض السيطرة على سنجار، وهي المنطقة التي تعمل بها المليشيات المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، بحسب تحليل نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية.
وتأتي العملية في ظل جهود الحزب الديمقراطي الكردستاني التركي (KDP) المتجددة لبناء خط أنابيب غاز يربط كردستان العراق بتركيا، لكنها تؤثر الثلاثة على المصالح الإيرانية، وهو أمر لم يَفُت إيران ووكلاءها.
وطبقًا لـ"ذا ناشيونال إنترست"، تعتبر عملية "المخلب-القفل" الرابعة في سلسلة من العمليات العسكرية التركية السنوية التي بدأت ربيع 2019، وتستهدف تقليص قدرة مليشيات حزب العمال الكردستاني على شن هجمات عبر الحدود إلى تركيا، إلا أنها أشعلت التنافس مع إيران.
ويحتفظ حزب العمال الكردستاني بوجود قوي في المناطق الحدودية الجبلية بين كردستان العراق وتركيا، قرب الحدود السورية في سنجار، وعلى الحدود الإيرانية في جبال قنديل، حيث يقع مقر الحزب.
وتركز هذه العملية الأخيرة على منطقة "زاب"، وهي آخر منطقة على الحدود التركية، حيث يقول الجيش التركي إنه يمكن لحزب العمال الكردستاني التسلل إلى تركيا، وسميت العملية "المخلب-القفل"؛ إذ أن هدفها المعلن هو قفل الحدود التركية، ومنع دخول عناصر حزب العمال الكردستاني.
وجاءت العملية بموافقة ضمنية من الحزب الديمقراطي الكردستاني التركي؛ حيث أطلقتها تركيا بعد أيام من زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، إلى إسطنبول لمناقشة تعزيز التعاون الأمني.
والتزم الحزب الديمقراطي الكردستاني التركي الصمت بشأن ادعاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن إربيل دعمت العملية، لكن لم يدن الحزب العملية، وأصدرت البيشمركة فقط بيانا تنفي فيه تعاون قواتها مع الجيش التركي.
وأدانت الحكومة العراقية الفيدرالية، في طريقتها المعتادة لردود أفعالها الدبلوماسية السابقة على العمليات العسكرية التركية، عملية "المخلب-القفل" واستدعت السفير التركي.
وفي حين أن الفصائل داخل السياسة العراقية، مثل الكتلة الصدرية والأحزاب والمليشيات المدعومة إيرانية، عارضت صراحة الانتهاكات التركية لسيادة العراق، ويبدو أن الحكومة الفيدرالية لا تنوي أن يتجاوز رد فعلها الحد الدبلوماسي، بحسب المجلة الأمريكية.
ورغم الإدانة العراقية لعملية "المخلب-القفل"، إلا أنها تتزامن مع الجهود العراقية لتقليص نفوذ وحدات مقاومة سنجار (YBS)، وهي مليشيا يزيدية تابعة لحزب العمال الكردستاني.
وفي الأول من مايو/آيار الجاري، أطلق الجيش العراقي عملية لتفكيك نقاط تفتيش تابعة لوحدات المقاومة في سنجار، واندلعت اشتباكات عنيفة، وتحت ضغط تركيا، سعى العراق لفرض السيطرة على المنطقة منذ نهاية 2020، بحسب "ذا ناشيونال إنترست".
ووقعت سنجار، وهي منطقة يزيدية تاريخيا، تحت تأثير حزب العمال الكردستاني عام 2014 بعد تقهقر الجيش العراقي والبيشمركة من المنطقة وسط هجوم لتنظيم داعش.
وفي 2017، دخلت مليشيات مدعومة إيرانيا ومتغلغلة في وحدات الحشد الشعبي (PMU) سنجار، وفرضت نفوذها على المنطقة الحدودية الاستراتيجية.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى ترابط الفصائل، موضحة أن وحدات مقاومة سنجار انضمت إلى وحدات الحشد الشعبي عام 2019، بينما تظل تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، متى ما شنت تركيا غارات جوية تستهدف وحدات المقاومة في سنجار، تتزايد التهديدات بالانتقام من المليشيات المدعومة إيرانيا، كتائب حزب الله، حركة حزب الله النجباء، وعصائب أهل الحق.
اشتعال التنافس مع إيران
وردًا على عملية "المخلب-القفل"، زادت كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وساسة موالون لإيران، من الخطاب المناهض لتركيا، والذي يتركز على الدفاع عن سيادة الأراضي العراقية، كما دعمت حديثها بالهجمات، بإطلاق صواريخ على قاعدة بعشيقة في 24 أبريل/نيسان.
وبعد آخر هجوم على بعشيقة، أفادت تقارير بأن المسيرات التركية استهدفت قاعدة لوحدات الحشد الشعبي قرب الموصل في 26 أبريل/نيسان.
وأوضح تحليل "ذا ناشيونال إنترست" بأن عملية "المخلب-القفل" التركية لا تستهدف تحقيق الأمن على الحدود فحسب، بل أيضًا تمهيد الطريق أمام زيادة التعاون بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني التركي في مجال الطاقة؛ فمع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، أصبحت بدائل الغاز الروسي مهمة بشكل متزايد من أجل أمن الطاقة العالمي.
وفي هذا السياق، أعيد إحياء خطة تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني لتصدير الغاز الطبيعي من كردستان إلى تركيا وأوروبا.
وفي ديسمبر/كانون الأول من عام 2021، وقعت شركة النفط الكردية KAR اتفاقية لتمديد خط أنابيب الغاز إلى دهوك ضمن نطاق 35 كيلومترا من الحدود التركية للإنتاج المحلي.
وفي فبراير/شباط، أوضحت السلطات التركية والكردية عزمه على مد خط الأنابيب إلى تركيا. ولذلك، بحسب "ذا ناشيونال إنترست"، أصبح القضاء على حزب العمال الكردستاني من إقليم كردستان العراق أكثر أهمية؛ إذ على الأرجح سيستهدف الحزب خط الأنابيب، تماما كما يهاجم خط أنابيب كركوك-جيهان الذي يصدر النفط العراقي إلى تركيا.
كما أشارت المجلة الأمريكية إلى أن خط أنابيب الغاز سيهدد أيضًا مصالح الطاقة الإيرانية؛ حيث إن تركيا مشتري رئيسي للغاز الإيراني، وهو مصدر مهم للدخل للاقتصاد الإيراني الخاضع للعقوبات الدولية.
وطبقًا لـ"ذا ناشيونال إنترست"، سيؤدي تنويع واردات الغاز التركي إلى تقليص اعتماد أنقرة على الغاز الإيراني، لافتة إلى أن إيران قلقة كذلك من قوة الحزب الديمقراطي الكردستاني التركي واستقرار إقليم كردستان العراق ككل.
وبالمثل، صرح أردوغان بأن قنديل في النهاية ستكون الهدف التالي للعمليات العسكرية التركية؛ حيث أن موقع قنديل يعني أن العمليات العسكرية التركية ستسفر على الأرجح عن عدم استقرار في إيران، مع فرار مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى الأراضي الإيرانية.
واختتم التحليل بالقول إن إيران تمتعت بنفوذ لا مثيل له تقريبا في الدولة العراقية الضعيفة التي تلت سقوط صدام حسين، ولن تتنازل عن هذا بدون قتال.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز