كيف واجهت النمسا الإخوان خلال 20 شهرا؟
لم تكن العملية "رمسيس" ضد مواقع الإخوان في 4 ولايات نمساوية، أولى خطوات فيينا لمواجهة خطر التنظيم الإرهابي، إذ سبقتها إجراءات هامة.
وفي وقت سابق اليوم الإثنين، نفذت الشرطة النمساوية مداهمات في ٤ ولايات اتحادية، بينها فيينا، ضد أشخاص وجمعيات مرتبطة بـ "الإخوان الإرهابية وحركة حماس الفلسطينية".
وذكر مكتب المدعي العام في مدينة غراتس، معقل الإخوان في النمسا، في بيان، أنه "نفذت عناصر الشرطة وأجهزة المخابرات صباح اليوم، مداهمات في أربع ولايات اتحادية ضد أشخاص وجمعيات مرتبطة بالإخوان المسلمين وحماس".
وخلال المداهمات، فتشت الشرطة 60 شقة ومنزلا ومقرا تجاريا وناديا، وألقت الشرطة القبض على 30 شخصاً، مثلوا أمام السلطات "للاستجواب الفوري"، وفق البيان.
ونقلت صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية عن مصادر أمنية قولها: "التحقيقات تجرى مع المشتبه بهم بشأن الانتماء لمنظمات إرهابية، وتمويل الإرهاب، والقيام بأنشطة معادية للدولة، وتشكيل تنظيم إجرامي وغسيل الأموال".
ووفقًا لمكتب المدعي العام، فإن المداهمات تأتي بعد "تحقيقات مكثفة استمرت أكثر من عام" من قبل هيئة حماية الدستور ومكافحة الإرهاب "الاستخبارات الداخلية".
حظر الرموز
البداية كانت في فبراير/ شباط 2019، عندما أصدرت الداخلية النمساوية قانونا يحظر رموز جماعة الإخوان الإرهابية، وعددا من التنظيمات الإرهابية الأخرى، دخل حيز التنفيذ بعدها بشهر واحد.
وتشمل قائمة الرموز المحظورة التي أطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، نحو 13 علما ورمزا مختلفا، ويأتي شعار جماعة الإخوان باللون الأخضر "سيفان يتوسطهما كلمة وأعدوا"، كأول رمز في قائمة الحظر.
وخلال العام الأول لتطبيق القانون، رصدت السلطات النمساوية 71 مخالفة لقانون حظر رموز الإخوان الإرهابية ومليشيا حزب الله اللبنانية، خلال عام.
وقال كريستوف بلوتسل، المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية لـ"العين الإخبارية" قبل أشهر: "إجمالا، رصدنا 71 مخالفا لقانون حظر رموز الإخوان، وحزب الله، والذئاب الرمادية التركية، خلال عام من تطبيق القانون".
مركز توثيق الجرائم
وسبق ذلك قبل أسابيع، أن أعلنت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، البدء في تأسيس مركز توثيق "الإسلام السياسي"، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، وخصصت ميزانية أولية بقيمة نصف مليون يورو للمركز الذي يتولى مراقبة الإخوان والتنظيمات التركية وغيرها في البلاد، بما يشمل المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي.
ووفق صحيفة كرونه النمساوية "خاصة"، يسير مشروع مركز توثيق الإسلام السياسي على الطريق الصحيح، إذ تراهن فيينا على عقول أفضل الخبراء في هزيمة الإخوان والتيارات الإسلامية المتطرفة.
الصحيفة أوضحت "كتملت هياكل المركز وجرى تعيين قياداته"، ناقلة عن سوزان راب قولها "نحن نؤسس منارة ضد الراديكالية والتنظيمات الإسلامية المتطرفة".
وتابعت راب "خبراء كبار في شؤون التنظيمات المتطرفة يديرون المركز"، مضيفة "أنا فخورة بأن المركز يجذب أبرز العقول المتخصصة في مكافحة الإسلام السياسي" للمساهمة في هزيمة التنظيمات المتطرفة.
ويقود المركز مهند خورشيد، الأستاذ في جامعة مونستر الألمانية، وأهم خبير في الإسلام السياسي في الدول الناطقة بالألمانية، ويتمثل دور المركز في تحليل اتجاهات الإسلام المتطرف وخاصة الإخوان، وتوثيق جرائمها.
ويضم هيكل المركز ٨ خبراء عالميين، أبرزهم ليزا فيلهوفر، أهم خبيرة في شؤون الاندماج في النمسا، وواحدة من أوائل من طالبوا بتأسيس المركز، لرصد وتحليل تنظيمات وقيادات التنظيمات المتطرفة في البلاد.
كما يضم المركز، الخبير الأمريكي ذا الأصول الإيطالية، لورينزو فيدينو، أهم باحث غربي في شؤون الإخوان ورئيس مركز التطرف بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، ومؤلف دراسة "الإخوان في النمسا" المنشورة في ٢٠١٧، بالتعاون مع هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية".
تجفيف التمويل
في سبتمبر/أيلول الماضي، قررت حكومة مقاطعة "النمسا العليا" شمالي النمسا، وقف جميع أشكال التمويل الحكومي للإخوان وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، وتشكيل لجنة خبراء لرصد تحركاتها وهياكلها.
وقال حاكم مقاطعة "النمسا العليا"، توماس ستيلزر: "على الرغم من جهودنا لإدماج الأشخاص من ذوي الخلفية المهاجرة في المجتمع، تلعب الجمعيات والمنظمات الإسلامية المتطرفة مثل الإخوان وغيرها، دورا سلبيا لإعاقة الاندماج".
وتابع في تصريحات لصحيفة "فولكاس بلات" النمساوية، أن : "من أجل مواجهة تحركات هذه التنظيمات، شكلنا لجنة من الخبراء يديرها الخبير في شؤون الإسلام السياسي، مهند خورشيد".
ووفق الصحيفة، فإن مهمة لجنة الخبراء تتمثل في رصد تحركات الإخوان وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، وهياكلها وتوثيق جرائمها.
هل هناك خطوات جديدة؟
وأرجعت تقارير صحفية نمساوية أن مداهمات اليوم الإثنين، لن تكون الخطوة الأخيرة في ملف مكافحة الإخوان وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، لافتة إلى أن إجراءات أخرى مثل وضع الجماعة ومؤسساتها وقيادتها تحت رقابة الاستخبارات الداخلية، تلوح في الأفق.
وفي تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، توقع الخبير والأستاذ في قسم الدراسات الشرقية في جامعة فيينا، رودجر لولكر، اتخاذ السلطات النمساوية إجراءات قوية ضد الإخوان.
وحدد لولكر 3 إجراءات مستقبلية ضد الجماعة، هي وضعها تحت رقابة الاستخبارات الداخلية، والنأي عن أي حوار سياسي معها، ومحاولة إيجاد ممثل للمسلمين للتحاور معه بعيدا عنها.
ومن جانبه قال الخبير في شؤون الإخوان، لورينزو فيدينو، لـ"العين الإخبارية" في تصريحات سابقة أيضا، إنه "يوجد رغبة قوية داخل أروقة الحكومة النمساوية لفعل المزيد من أجل مواجهة خطر الإخوان، ومن المحتمل أن تتخذ مزيدا من الإجراءات ضد الجماعة".
وبصفة عامة، تملك الإخوان وجودا كبيرا في النمسا، وخاصة في فيينا وغراتس، ويتمثل ذراعها الأساسي في الجمعية الثقافية أو Liga Kultur، ومجموعة من المساجد والمراكز الثقافية مثل النور في غراتس، والهداية في فيينا.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjUuMTkyIA== جزيرة ام اند امز