5 أسباب أجبرت أردوغان على إجراء انتخابات مبكرة
الضغوط الداخلية والخارجية والتنكيل بالأكراد وانهيار الليرة عدة أسباب أجبرت أردوغان على الرضوخ لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
أجبرت الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الرضوخ لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في الـ24 من يونيو/حزيران المقبل.
وأعلن أردوغان، اليوم الأربعاء، إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في أعقاب لقاء جمعه بدولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركي المعارض.
وترصد "العين الإخبارية" في التقرير التالي أبرز الأسباب التي دفعت أردوغان إلى إعلان إجراء هذه الانتخابات.
ملف حقوق الإنسان والغضب الشعبي
أثارت حملات القمع والاعتقال التي شنتها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في يونيو 2016 استياء الشعب والمؤسسات الحقوقية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، فقد اعتقلت السلطات عشرات الآلاف من المدنيين والموظفين الحكوميين، وآلاف القضاة، وأعضاء مؤسسات الجيش.
وكان آخر هذه الحملات إعلان تسريح 3 آلاف جندي من الجيش، اليوم، ومؤسسات الدولة، في ظل اتهامهم بالتواطؤ في محاولة الانقلاب، أو ربطهم بالداعية فتح الله جولن الذي يقيم في الولايات المتحدة، وتتهمه أنقرة بمحاولة تدبير الانقلاب.
كما أدى التضييق على الحريات العامة، وطرد عشرات الآلاف من وظائفهم، إلى تزايد الكراهية بين شرائح المجتمع التركي ومؤيدي ومعارضي النظام.
وهناك نحو 50 ألف شخص في سجون تركيا على ذمة المحاكمة، كما أوقفت السلطات عن العمل نحو 150 ألفاً من الموظفين الحكوميين بينهم مدرسون وقضاة وجنود بموجب أحكام الطوارئ التي فرضتها تركيا بعد محاولة الانقلاب.
كما أقر البرلمان التركي، الأربعاء، أيضاً تمديد حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، والتي كانت قد أعلنت عقب الانقلاب المزعوم في يوليو/تموز 2016.
وكانت الأمم المتحدة تركيا، دعت في مارس/آذار الماضي، لإنهاء حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب الفاشل، ووثقت في تقرير استخدام الشرطة المدنية والشرطة العسكرية وقوات الأمن للتعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، بما في ذلك الضرب المبرح والاعتداء الجنسي والصدمات الكهربائية والإيهام بالغرق في تركيا.
التنكيل بالأكراد وعملية عفرين
استمر أردوغان في معاداة أطياف الشعب التركي، بشن حملات عسكرية ضد الأكراد، وكان حزب الشعوب الديمقراطي التركي، هاجمه في وقت سابق وقال إنه يقود "تحالفاً فاشياً" يعادي أي شيء كردي.
وأدت التدخلات التركية في عفرين السورية إلى موجة انتقادات دولية وغضب داخلي وتم وصف الأتراك المعترضين على سياساته بـ"الخونة"، وكان آخرها اتهام أردوغان لأطباء عارضوا عملية غصن الزيتون بالخيانة.
واعترف الرئيس التركي، الأحد قبل الماضي، بأن قواته قتلت أكثر من 4 آلاف شخص في مدينة عفرين السورية، منذ الاجتياح الذي نفذته يناير/كانون الثاني الماضي داخل العمق السوري.
وأكد أردوغان في تصريحات صحفية، أنه مستعد لقتل المزيد من أجل القضاء على أي فصيل يعارض توجهاته السياسية.
ونددت الأمم المتحدة ودول العالم بالغزو التركي للأراضي السورية وعمليات السلب والنهب الذي قامت بها قوات أردوغان وحلفاؤها في عفرين.
وقصفت تركيا جميع الخدمات الأساسية بالمدينة ومنعت منظمات الإغاثة من مباشرة عملها داخل المدينة، ما أدى لتردي الأوضاع الإنسانية والأمنية بالمدنية.
وتوجهت القوات التركية والفصائل السورية المعارضة الموالية صوب حلب بعد تمكنها من احتلال عفرين؛ في مؤشر لبدء مرحلة جديدة من العملية العسكرية الهادفة لاحتلال الشمال السوري.
ضغوط داخلية وحزبية
رغم نفي الحكومة التركية مراراً وتكراراً اعتزامها تبكير الانتخابات، إلا أن اقتراح بهجلي بتبكيرها أظهر، بحسب محللين، أن البعض في حزب العدالة والتنمية، هم من دفعوه لطرح هذا الحل ليكون بمثابة ذريعة لإعادة فتح الموضوع ومناقشته، لتجنب إحراج الحكومة.
ويرى البعض وبينهم الكاتب ووزير الثقافة والسياحة التركي السابق أرطغرل جوناي أن "حزب العدالة والتنمية الحاكم لمّح إلى أنه سيجري الاقتراع عندما يشعر بأنه القوة السياسية المهيمنة".
وأشار جوناي، في تصريحات لموقع "أحوال تركية"، إلى أنه "بغض النظر عن جهود حزب العدالة والتنمية الرامية إلى ضمان الفوز بأكثر من 50% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية بأي ثمن، صار واضحاً أن الحزب لا يستطيع تحقيق هذا منفرداً، ومن ثم فقد اضطر إلى الدخول في تحالف سياسي مع حزب الحركة القومية. ويعمل الشريكان سوياً من أجل تمرير قانون سيسمح بالائتلافات لكن يبدو أنهما يتخذان أيضاً قرارات ستؤثر على موعد إجراء الانتخابات على الرغم من المتطلبات الدستورية والقانونية".
وفقاً لمصادر رسمية تركية، فإن موضوع تقديم موعد الانتخابات ظل لفترة غير قليلة محل تجاذب داخل أروقة الحزب نفسه. غالبية إعضاء الحزب تتبع رأي رئيس الحزب الذي هو في نفس الوقت رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
ضغوط دولية
لم يكتفِ أردوغان بالعداء الداخلي فقد صعّد من العداء الدولي تجاهه باعتقاله للقس أندر برانسون، الذي يحاكم بتهم تتعلق بالارتباط بجماعة متهمة بتدبير الانقلاب الفاشل في 2016.
وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفضه لما يتعرض له في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قال فيها إن "القس أندر برانسون، رجل رائع ومهذب وزعيم مسيحي في الولايات المتحدة، يحاكم ويتعرض للاضطهاد في تركيا دون سبب"، إضافة إلى التهدايدات الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب تدهور ملف حقوق الإنسان.
وعلى الصعيد الأوروبي فقد أدت سياسات أردوغان إلى ابتعاد تركيا عن الانضمام للاتحاد الأوروبي، وقال المفوض المسؤول عن التكامل الأوروبي يوهانس هان، في تصريحات في وقت سابق، إن "تحليلاتنا تظهر أن تركيا تواصل الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في مجال سيادة القانون والحقوق الأساسية".
وكانت المفاوضات بدأت مع أنقرة في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2005، لكنها تعثرت طيلة سنوات، ولا تزال تركز على 16 فصلاً من أصل 33 فصلاً بين الاتحاد وأنقرة؛ من أجل حصول تركيا على العضوية الكاملة، تتعلق جميعها بالخطوات الإصلاحية التي تقوم بها تركيا، وتهدف لتلبية المعايير الأوروبية في جميع مناحي الحياة.
وبحسب وكالة رويترز فإن سبب اقتراح بهجلي، أشار إلى "عمليات اقتصادية وسياسية ضد تركيا".
انهيار الليرة وضعف الاقتصاد
أدت السياسات التي ينتهجها أردوغان إلى تفاقم الوضع الاقتصادي التركي وانخفاض الليرة بشكل حاد مقابل الدولار واليورو، الأمر الذي أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أنه سيؤثر سلباً على تصنيف ديون تركيا السيادية ويتسبب في إشكاليات في اقتصادها.
وكان أردوغان تحجج بحسب تصريحات سابقة أن هجوم أعداء تركيا، هو السبب وراء ضعف العملة، لكن تصريحات أدلى بها دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركي المعارض، فندت حجته حيث قال في وقت سابق إنه "من الصعب على البلاد تحمل الظروف الراهنة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2019"، وذلك في معرض تقدمه باقتراح يدعو إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى أغسطس/آب من هذا العام.