محمد مشالي.. وصية الوالد تلهم "طبيب الغلابة"
طبيب الغلابة نشأ في أسرة متوسطة مكافحة لأب يعمل مدرسا صمم أن يضع نجله على الطريق الصحيح ويدخله كلية الطب حتى تحقق الحلم
بعد أن اختار أن يفني حياته في خدمة الإنسانية جعل من مهنته وعيادته قبلة للفقراء، ليمثل لهم طوق النجاة من ضيق الحال، وارتفاع أسعار الكشف والعلاج على مدى قرابة نصف قرن.. إنه الطبيب المصري محمد مشالي الذي رحل عن عالمنا نتيجة تعرضه لهبوط حاد بالدورة الدموية، عن عمر ناهز 76 عاما.
ولد مشالي المعروف بـ"طبيب الغلابة" بمحافظة البحيرة المصرية عام 1944، ونشأ في أسرة متوسطة مكافحة لأب يعمل مدرسا صمم أن يضع نجله على الطريق الصحيح ويدخله كلية الطب حتى تحقق الحلم والتحق بكلية طب القصر العيني في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وتخرج فيها في 5 يونيو/ حزيران 1976.
والتحق الطبيب المصري الراحل بالعديد من المراكز والوحدات الطبية التابعة لمسقط رأسه ومحافظات مختلفة، ودرس عدة تخصصات طبية سواء الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، حتى جاء عام 1975 ليشهد افتتاح عيادته الخاصة في طنطا التي خصصها لعلاج الفقراء والمساكين بأجر رمزي لا يتخطى 5 جنيهات مصرية، وكان في أغلب الأحيان يشتري بنفسه الروشتة العلاجية للفقراء.
وكان السبب الأساسي الذي دفع الدكتور محمد مشالي للاهتمام بالفقراء، وصية والده على فراش الموت والذي قال له "أوصيك خيرا بالفقراء"، فوضع كلمات أبيه نصب عينيه وأفنى حياته الطبية في تنفيذ الوصية.
وكان "طبيب الغلابة" قارئا جيدا لعميد الأدب العربي، طه حسين، والذي تأثر به خلال مسيرته الطبية وكان يعتبره الأب الروحي له، حيث أكد أنه تعلم من كتبه وخاصة كتاب "المعذَّبون في الأرض" العدل الاجتماعي خاصة أنه كان ينادي بالعدل الاجتماعي والاهتمام البالغ بالفقراء.
وتأخر مشالي في الزواج بسبب تسخير حياته للمرضى الفقراء، وبعد دخوله "عش الزوجية" أنجب 3 أولاد تخرجوا جميعا من كلية الهندسة.
وروى "طبيب الغلابة" في السابق قصة مأساوية لطفل صغير مريض بالسكري كانت أحد أسباب خدمته للفقراء مستقبلا، حيث قال إنه كان يتواجد في إحدى المحافظات الريفية وشاهد طفلا يبلغ من العمر 10 سنوات، كان يعاني من مرض السكرس ولم يملك شراء حقنة الأنسولين وقام بحرق نفسه بعدما أخبرته والدته بأنه إذا تم شراء الحقنة سيموت أشقاؤه جوعا.