الإماراتي أحمد الهاشمي.. حكاية مبدع من أصحاب الهمم
الشاب الإماراتي أحمد الهاشمي يمثل نموذجا ملهما لأصحاب الهمم في تحدي الإعاقة وتخطيها إلى التميز والإبداع.
عندما كان الإماراتي أحمد الهاشمي في عمر السنتين لاحظ والداه تراجع قدراته على التواصل والتخاطب مع الناس، ليكتشف في وقت لاحق خلال زيارة إلى أحد المراكز الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية أنه يعاني من مرض التوحد، فبدأت منذ ذلك الوقت رحلة من الاهتمام والرعاية امتدت لأكثر من 20 عاما، بدت نتائجها اليوم في الحالة الفنية الإبداعية التي يمثّلها أحمد، كشخص ينتمي إلى "أصحاب الهمم".
عاش أحمد في كنف أب وأم لديهما من الوعي والعاطفة ما جعلهما يتابعان حالته الصحية بحرص دقيق وعناية فريدة، لا سيما أن الأطفال الذين يعانون من "التوحد" يواجهون خللا في تفاعلهم الاجتماعي، وضعف في تواصلهم اللفظي وغير اللفظي مع الآخرين، فكان التحدي، كما قال والده محمد الهاشمي لـ"العين الإخبارية"، يتجسّد في العمل على تفوّق أحمد وإخراج الجواهر الكامنة لديه.
وهو في الثالثة من عمره، دخل أحمد مركز دبي للرعاية الخاصة حيث بقي لمدة عام واحد، بعد أن تبيّن لوالده ووالدته التي كانت تدير أحد مراكز أصحاب الهمم أن الوضع الصحي لأحمد أفضل من بقية الأطفال، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة خاصة، فطلبت الإدارة مُعلّما خاصا يسمى "مُدرس الظل"، متخصص بأطفال التوحد، فتبدأ مرحلة جديدة من حياة أحمد، انتهت تعليميا عند التخرج من الثانوية، أما فنيا فهي مستمرة وعنوانها التميز والإبداع.
ظهرت سريعا موهبة أحمد في "فن الأوريجامي" وهو أحد الفنون اليابانية الأصل، يقوم مبدأه على طي الورق وتصميم أشكال فنية مميزة في تناسق جميل وبديع، وأضاف والده: "أَحبّ أحمد الفنون وتعلق بها، حتى تحولت إلى فسحة يشغل فيها أوقات فراغه، وسرعان ما تطورت موهبته مع الممارسة والاجتهاد فدخل عالم "فن الأوريجامي" من أوسع أبوابه، وانتقل إلى حالة متقدّمة من الإبداع الفني، وأصبح يبتكر أشكالا تثير إعجاب وانبهار كل من يراها".
تكفي نظرة واحدة إلى أعمال أحمد الهاشمي حتى يُدرك المرء مدى الجَلَد والصبر الذي تحتاجه، إذ تستغرق بعض التصاميم وقتا طويلا لإنجازها، فاستخدم مثلا في تصميم صورة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أكثر من ١٣ ألف مثلث ورقي، وفي تصميم صورة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أكثر من ١٤ ألف، وما يزيد على الـ٤ آلاف في تصميم شعار "شرطة دبي".
مستوحيا أفكاره من بيئته الإماراتية، يصنع أحمد الكثير من الأشكال الفنية التي تعبر عن محبته واعتزازه بوطنه الإمارات، لا سيما أنها، وفق ما يؤكد والده، وفّرت له كل الظروف ليعيش حياة طبيعية ويُخرج مكنوناته ويحجز اسمه في قائمة المبدعين والمتميزين.
يعمل أحمد، منذ 3 سنوات، موظفا إداريا في هيئة كهرباء ومياه دبي "ديوا"، ويمارس موهبته في "فن الأوريجامي" خارج إطار العمل، حيث فاز بجوائز عديدة في الإبداع الفني مثل "جائزة العويس"، وأخرى من جامعة أبوظبي، كما قدم لـ"مركز محمد بن راشد للفضاء" مجسما فنيا لمسبار الأمل، وكذلك تم تكريمه من قبل القيادة العامة لشرطة دبي تقديرا وتشجيعا لموهبته التي تعكس روح الإبداع والتصميم وإرادة أصحاب الهمم.
أكمل أحمد الهاشمي في الـ٢٣ من أغسطس/آب الماضي عامه الـ٢٤، ولا يزال حُلم الدخول إلى الجامعة يراوده دائما، يقول والده: "يردد أحمد بشكل مستمر أنه يريد الالتحاق بالجامعة ولكن يقف أمامه عائق اختبار اللغة "التوفل" الذي تشترطه الجامعات، ولكننا سنبقى إلى جانبه لتحقيق أحلامه وطموحاته".
بوجه بشوش وابتسامة بريئة يستقبل أحمد الهاشمي كل من يقترب من طاولته لمشاهدة أعماله الفنية، حتى أنه يقدم الهدايا لكل من يقابله، وقد كان من نصيب "العين الإخبارية" وردات أبدعتها أنامله الذهبية.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز