لعنة القدس والفراعنة تجعلان واشنطن مستضعفة في مجلس الأمن
مجلس الأمن يبحث مشروع قرار قدمته مصر، يشدد على عدم قانونية أي قرارات تخص وضع القدس.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، التي ترتب عليها إعادة هيكلة وتسمية المنظمة الأممية، وواشنطن بمثابة قاطرة لها، تحشد الدعم لما تريد وتصرفه عما تريد، لكن هذه السطوة تهتز اليوم بفعل "حماقتها" المتعلقة بالقدس.
طيلة العقود السبعة الماضية، لم تكن واشنطن، العاصمة الكونية، تحتاج لأكثر من إشارة بسبابتها ليرتعد لها مجلس الأمن، إلا أن مندوبتها نيكي هيلي ستكون وحيدة أو حتى مستضعفة، عندما يناقش المجلس الأممي مشروع القرار المصري المضاد لاعتراف البيت الأبيض بالقدس كحاضرة لإسرائيل.
ويعد القرار المصري تفعيلا سريعا وناجزا لقرار وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماعهم الأسبوع الماضي، لمناقشة خطط بلدانهم المناوئة للإعلان الأمريكي.
ولأن قضية القدس وشرعيتها أوضح من أن يُسهب في شرحها، لم يزد المشروع المصري على صفحة واحدة، وزعت أمس السبت، على الدول الأعضاء الـ15، وسط تأييد مسبق، يتجلى معه نشاز واشنطن.
ويفيد المشروع المصري بأن "أي قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني ولاغية وباطلة ولا بد من إلغائها، التزاما بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وفي حين يمهد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال لنقل سفارته إليها، دعا مشروع القرار كل الدول إلى "الامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس المقدسة، تطبيقا لقرار مجلس الأمن 478 لسنة 1980".
وما يميز المشروع، أنه يحتكم لقرارات صدرت مسبقا من مجلس الأمن، توثق احتلال إسرائيل للمدينة المقدسة، بجانب بقية الأراضي العربية التي سطت عليها في حرب 1967.
وآخر هذه القرارات ما صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث أكد المجلس أنه "لن يعترف بأي تعديلات في خطوط الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، باستثناء ما تتفق عليه الأطراف من خلال المفاوضات".
ويومها، تمت الموافقة على هذا القرار بأغلبية 14 صوتا، مع امتناع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن التصويت، في مشهد يوثق هو الآخر لعزلتها، وإن كان أقل حدة.
والحال كذلك، لن يجادل الأعضاء، بمن فيهم الخمسة المتمتعين بحق النقض (الفيتو)، في مشروعية القرار، باستثناء واشنطن التي رجح دبلوماسيون تحدثوا لوكالة رويترز أن تستخدم هذا الحق، خلال جلسة المناقشة التي ستعقد على الأرجح خلال يومين.
ويحتاج إقرار أي مشروع لموافقة 9 دول، مع عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، حق النقض.
وإن كان اعتراض المندوبة الأمريكية المحتمل سيعطل مشروع القرار من الناحية المادية، إلا أنه من الناحية المعنوية سيكون هزيمة لبلادها وقد خالفها الرأي، لأول مرة، حلفاؤها وخصومها مجتمعين.
وبالطبع ستكون لحظة نادرة للمصورين الصحفيين، وهم يتسابقون لإظهار لعنة القدس على ملامح هيلي التي وصفت من قبل، وبنبرة تحدٍ، خطوة ترامب بأنها "الشيء العادل والسليم الذي ينبغي فعله".