إيناس ورضيعتها وجنينها.. إسرائيل تسلب الحياة من مهدها ورحمها
الليلة الماضية كانت طويلة وحالكة على سكان غزة، حيث لم يغمض لهم جفن، جراء قصف إسرائيلي أسفر عن استشهاد سيدة وجنينها ورضيعتها
قصف إسرائيلي على غزة، سلب حياة سيدة وابنتها الرضيعة وجنينها، الذي لم يكمل 40 يوما في أحشائها، في مأساة جديدة تُضاف إلى لائحة لا تنتهي من مجازر الاحتلال بالقطاع.
الليلة الماضية كانت طويلة وحالكة جدا على سكان القطاع، حيث لم يغمض لهم جفن، جراء قصف إسرائيلي أسفر عن استشهاد سيدة تدعى إيناس أبو خماش (23 عاما)، وطفلتها الرضيعة بيان التي لم تتجاوز العام ونصف العام من عمرها، إضافة إلى جنين في أحشاء والدته لم يتجاوز 40 يوماً.
ارتقوا جميعهم إلى السماء، تاركين ربّ الأسرة، ويدعى محمد، مصابا بشكل متوسط في أنحاء متفرقة من جسمه، جراء تدمير كامل بيته من قبل صواريخ إسرائيلية كانت ترصد هدفا في منطقة دير البلح، وسط القطاع.
عزلة البيت وفظائع المحتل
محمد خماش (أبو بيان)، الذي يرقد حتى الآن في المستشفى لتلقي العلاج، قال إن القصف كان مفاجئا ولم يتم إنذارهم من قبل الطيران الإسرائيلي حتى بإطلاق صاروخ خفيف كما جرت العادة.
وأضاف محمد لـ"العين الإخبارية" أنه وعائلته لم يشعروا بوجود أي حركة غريبة في المكان قبل القصف.
ليلة متوترة وهجرة داخلية
خالد خماش وهو ابن عم الشهيدة إيناس، قال لـ"العين الإخبارية": "قدّرنا قبل غروب يوم أمس الأربعاء، وبعد التصعيد في المنطقة الشرقية لقطاع غزة، أن الليل سيكون ساخناً".
وتابع: "قمنا بإخلاء بيوتنا، والابتعاد عن الأماكن التي من شأنها أن تكون متوترة، خاصة تلك القريبة من المواقع العسكرية والأمنية، التابعة لحركة حماس، خوفاً من قصفها"، مستدركا: "لكننا لم نتوقع أبدا أن يتم قصف بيوتنا في المناطق المعزولة والبعيدة نسبياً عن التجمعات السكنية، كما حدث مع بيت ابنة عمي الشهيدة إيناس".
وفي الواقع، فإن ما حدث في بيت محمد لا يعد سابقة من نوعها في غزة، فـ"هنا"، يضيف خماش، "عند أي تصعيد إسرائيلي، يكون القطاع بأكمله مثل علبة الكبريت، إذا ما اشتعل رأس داخله، سيشتعل كله مرة واحدة".
وبذات النبرة الحزينة أردف: "ابن عم والدي الجريح محمد، الذي فقد اليوم زوجته الشابة، التي لم يمض على زواجه منها أكثر من عامين ونصف العام، وابنته بيان، وجنينا كان موعوداً به، خير تعبير على المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولا بد من وضع حل نهائي لهذا الواقع الأليم".
الحل بين المصالحة الداخلية والتهدئة الفردية
وعن الحل الجدي والنهائي لكل ما يحدث في قطاع غزة، قال المتحدث باسم حركة «فتح»، عاطف أبو سيف، الخميس، إن "حركة حماس التي تسيطر بالقوة على قطاع غزة، عليها أن تستجيب للمصالحة الحقيقية، وتمكّن حكومة التوافق التي جاءت بموافقتها بعد اتفاق الشاطئ في مدينة غزة، وأن تستجيب للنداء الوطني".
وأضاف أبو سيف، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنه مهما كان الأمر، فإنه "لا يبرر للاحتلال الإسرائيلي أي عدوان قام به، ولا قتل سيدة حامل، وسفك دم ابنتها الطفلة، وتدمير منزلهما، في منطقة دير البلح، ولا يعطي الحق لإسرائيل أن تمارس القتل، دون محاسبة من المجتمع الدولي، ولا فرض عقوبات عليها".
ورأى أنه "علينا أن ننهي موضوع الانقسام الداخلي، وعلى حماس أن تعطي المصالحة أولوية كبيرة، قبل أن تفكر في حلول مرحلية، بمعزل عن القيادة الفلسطينية، وقبل أن تقبل بحلول معيشية واقتصادية، ليس لها ضمانات استراتيجية".
ومشددا: "علينا جميعاً اليوم أن نوحد جهودنا تحت مظلة شعبنا، وإنهاء حقبة سوداء تسببت لنا بالضرر الكبير والفادح، ولا خلاص لنا إلا بالمصالحة".
حقبة سوداء لا يبدو أنها ستتخلى عن قتامتها في الوقت الراهن على الأقل، ذلك أنه مهما كان الوضع السياسي أو درجة توتره، فإن أمثال إيناس ورضيعتها هم من يدفعون ثمن الخلافات باهظا، وهم أيضا من تفجر رؤوسهم وأجسادهم بقنابل وقذائف المحتل.
هم، في النهاية، مجرد أسماء تضاف إلى لائحة طويلة من الشهداء يقدمهم القطاع من فلذات كبده وخيرة شبابه وصناع مستقبله.
ففي القطاع، بات الموت الأسود قاعدة، وغدت الحياة استثناء، وأصبح للظلم الأسود مسرح كبير، وجميع ضحاياه أبرياء.