أزمة الشرق الأوسط الكبرى لن تنتهي إلا بحل الدولتين، ولن يشعر أي طرف في هذه القضية بالأمن مهما كانت قوته دون تحقيق ذلك الشرط التاريخي.
لقد شهدت المنطقة العربية الكثير من الأزمات على مستويات عدة، تحديدا خلال العقود السبعة الماضية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، منها ما هو مشترك بين هذه الدول مثل بروز القضية الفلسطينية، ومنها ما هو ثنائي بين الدول بعضها.
ولكن المحصلة النهائية في الأمر أن القضية الفلسطينية أبقت الرتم العربي تجاهها متزنا مع الاختلاف في النغمات السياسية التي شهدتها المنطقة، وخاصة في الحروب العربية الإسرائيلية أو الاتفاقات الدولية لحل القضية، أو محاولة الوصول إلى حلول مشتركة مثل اتفاقية كامب ديفيد الشهيرة أو المشروعات العربية التي طرحت خلال العقد الأول من القرن العشرين وتحديدا المبادرة العربية للسلام.
الحقيقة التاريخية الصارمة والتي لا يمكن تأجيلها أو التغطية عليها تقول: إنه لابد من سلام يصنع في المستقبل، ولا سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدون حل يقدم دولة مناسبة لكل منهما. ولم تستطع أي قوة في العالم إذابة هذه الحقيقة
وعلى الرغم من كل ما حدث في منطقة الشرق الأوسط من ثورات الستينيات والسبعينيات وحروبها، أو أزمات العرب بين بعضهم، أو الأزمات الأخرى التي توالت على المنطقة، ومنها بالتأكيد الثورات العربية التي غيرت من وجه الصراعات في المنطقة، إلا أن الإجابة الوحيدة التي لا يزال يؤكد عليها جميع العرب حول فلسطين أنه لا يمكن صناعة السلام بالمنطقة بدون حلول جذرية لهذه الأزمة التاريخية .
الحقيقة التاريخية الصارمة، والتي لا يمكن تأجيلها، أو التغطية عليها تقول: إنه لا بد من سلام يصنع في المستقبل، ولا سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون حل يقدم دولة مناسبة لكل منهما، ولم تستطع أي قوة في العالم إذابة هذه الحقيقة سواء في الدول أو بين الأفراد خلال العقود الستة الماضية، وهي العقود التي شهدت نشاطا مميزا للقضية الفلسطينية.
اليوم مهما كانت لعبة الكراسي خطرة أو ضاغطة على بعض الأطراف في العالم العربي نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة، إلا أن القضية الفلسطينية بقيت تتحكم إيجابيا بالشعور العربي الموحد بأنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية، ولا يمكن تحقيق أي تطور في القضية سواء في جوانب التطبيع أو العلاقات دون أن يتم حسم القضية بحلول سياسية فاعلة تمنح كل طرف في هذه القضية حقه، وهذا ما يطالب به الفلسطينيون والعرب جميعا بدولهم وشعوبهم.
الظاهرة التي تتبناها إسرائيل عبر رئيس وزرائها بأن الأجواء أصبحت أكثر ودية بينه وبين العرب هي حقيقة مخادعة في جانبها الخاص بالقضية الفلسطينية، في الوقت الذي لن يغامر أي شعب عربي أو قيادة عربية مهما كانت المعطيات وبشكل مباشر بتمرير أي علاقة سياسية من خلال القضية الفلسطينية، وبغض النظر عن إحياء الأجواء بمفاهيم مختلفة، فإن أزمة الشرق الأوسط الكبرى لن تنتهي إلا بحل الدولتين، ولن يشعر أي طرف في هذه القضية بالأمن مهما كانت قوته دون تحقيق ذلك الشرط التاريخي الذي يستحيل أن يتحقق بمجرد الشعور بقربه، فليس هناك أحد على استعداد بالمغامرة بالقضية العربية الراسخة قضية فلسطين؛ لأن العرب مهما كانت ظروفهم فهم يعرفون التاريخ جيدا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة