مسعف فلسطيني يتحول لصداع برأس الاحتلال.. القصة الكاملة
مروان أبو ريدة سائق سيارة إسعاف فلسطيني حرض ضده مسؤول إسرائيلي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.. تعرف على القصة الكاملة
"مهمتي إنسانية بحتة ولن أخضع للابتزاز"؛ هكذا يختصر سائق الإسعاف الفلسطيني مروان أبو ريدة رده على نشر مسؤول إسرائيلي تحريض ضده، يتهمه فيه باستغلال المرضى الذين ينقلهم إلى معبر بيت حانون "إيرز" شمال قطاع غزة، لنقل أموال وأغراض تتعلق بالمقاومة الفلسطينية.
وقال أبو ريدة (48 عامًا) وهو سائق إسعاف في وزارة الصحة الفلسطينية بغزة لـ"بوابة العين الإخبارية": إنه فوجئ بعدد من أقاربه وأصدقائه يتصلون به للتضامن، ويبلغونه بما نشره منسق أعمال حكومة الاحتلال الميجر جنرال يؤاف بولي مردخاي، في الرابع من الشهر الجاري ضده.
مردخاي، نشر عبر صفحته على "فيسبوك" أن مروان أبو ريدة سائق إسعاف في الهلال الأحمر، مدعيا أنه يستغل من خلال منصبه ووظيفته المرضى الذين يجتازون معبر بيت حانون لأهداف نقل أموال وأغراض إلى الضفة مع المرضى لأغراض "إرهابية"، وفق زعمه.
أسرار التحريض
المسعف أبو ريدة، الذي يكذب بشكل حاسم المسؤول الإسرائيلي، يكشف عبر "بوابة العين" عن أسرار هذا التحريض العلني، الذي جاء بعد أقل من 10 أيام من سلسلة اتصالات تلقاها من مسؤولين في المخابرات الإسرائيلية العاملين في المعبر "الذي ينتقل عبره الفلسطينيون المسافرون لإسرائيل والضفة الغربي" وفق ما قال.
الحكاية بدأت -وفق أبو ريدة- قبل 10 أيام، عندما تلقى اتصالا من فتاة تدعى "نسرين"، وتحدثت معه بلغة عربية، وسألته إن كان طلب تصريحا لزيارة إسرائيل، ولماذا لم يأت لمعبر بيت حانون للمقابلة هناك، فأبلغها أنه بالفعل قدم عدة مرات بهدف زيارة والدته وشقيقتيه الذين يقيمون في الناصرة والنقب منذ سنوات طويلة.
وتقيم والدة أبو ريدة في الناصرة منذ 30 عامًا، ولم يلتقيها منذ 8 سنوات، وكذلك تقيم شقيقتاه في النقب، وحاول زيارتهم دون جدوى في السنوات الأخيرة، وكان يجاب بالرفض الإسرائيلي.
وأضاف المسعف الفلسطيني "أبلغت المتصلة أنني لم أتلق إشعارا من الارتباط الفلسطيني بوجود مقابلة لي في المعبر كما يحدث عادة، فأبلغتني أنها سترتب الأمر".
رفض الابتزاز
بعد يومين؛ تفاجأ المسعف أبو ريدة باتصال جديد من الرقم نفسه، لكن من شخص عرف نفسه باسم "أبو جهاد" من دائرة مكافحة الأموال في معبر بيت حانون، وطلب منه الحضور أيضًا للمقابلة، ما جعله يشعر بالقلق، ورأى في ذلك محاولة لربطه بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، فما كان منه إلا إبلاغ الجهات الأمنية في غزة.
وتابع قائلا: "أبلغت الأجهزة الأمنية بما جرى، وقمت بإتلاف شريحة هاتفي لأنهي هذا الأمر، ثم جاء ما نشره المنسق الإسرائيلي من اتهامات غير صحيحة ضدي، علمًا أنني أنقل مرضى إلى معبر بيت حانون بدون مشاكل، ومهمتي إنسانية بحتة ولا أتدخل في أمور".
ويتذكر "أبو ريدة" حادثا مماثلا تعرض له عندما قاد سيارته لإسعاف مصابين خلال الحرب على غزة عام 2009، في منطقة "سكناه" في بلدة خزاعة شرق خانيونس، وحينها وجد نفسه محاصرا بين النيران الإسرائيلية، وعندما جرى التنسيق عبر الصليب الأحمر لإبلاغه تلقى اتصالات من إسرائيليين ساوموه على تقديم معلومات عن المنطقة مقابل تأمين خروجه من منطقة المواجهات.
ويرى المسعف الفلسطيني أن ما تعرض له هو عملية تحريض بعد محاولة ابتزاز، رفض التعاطي معها، معتقدًا أن الأمر يأتي في سياق سياسة إسرائيل في إعاقة عمل طواقم الإسعاف والتحريض عليها.
اتهامات لتبرير الاعتداءات
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، عبرت من جهتها عن قلقها من الاتهامات الإسرائيلية المتكررة ضدها ورأت فيها محاولة لتبرير الاعتداءات على طواقمها في الميدان.
وقالت الناطقة باسم جمعية الهلال، عرب فقها لـ"بوابة العين"، إن هذا ليس الاتهام أو التحريض الأول ضد طواقم الهلال الأحمر، مؤكدة أن هناك "استهدافا واضحا للجمعية وعملها الإنساني، ومحاولة لتبرير استمرار اعتداء قوات الاحتلال على كوادر وسيارات الإسعاف العاملة بالميدان".
وأشارت إلى أن الاسم الذي أوردته صفحة المنسق "مروان أبو ريدة" لا يعمل في الهلال الأحمر، لكنه يعمل في وزارة الصحة، مشددة على أن المنظمة ملتزمة بجميع المبادئ الإنسانية خاصة الحياد والاستقلال.
مساومة لا أخلاقية
منظمات حقوقية فلسطينية أكدت أن إسرائيل استغلت المعابر والحواجز التي تسيطر عليها، لابتزاز مرضى فلسطينيين، ومحاولة مساومتهم للسفر للعلاج مقابل التعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ووصف الباحث الحقوقي، ياسر عبد الغفور، ما جرى بأنه "مساومة لا أخلاقية" من الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن ذلك انتهاك للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، في الحق بالسفر والعلاج والصحة.
وقال عبد الغفور لـ"بوابة العين": "وثقنا في السابق عدة مرات ابتزاز إسرائيلي لمرضى، بمساومتهم الحصول على تصريح المرور مقابل التعاون الأمني مع الاحتلال".
وأشار إلى أن حالة المسعف أبو ريدة، تطرح من جديد هذه السياسة الإسرائيلية الخطيرة، التي يجب مجابهتها وفضحها لإجبار إسرائيل على وقفها، خاصة أنها تقترف جريمة الابتزاز ثم تمارس التحريض ضد الطواقم الطبية وتمارس الاعتداء عليهم، كما جرى عدة مرات في استهداف طواقم الإسعاف خلال محاولة إنقاذ مصابين منذ اندلاع الاحتجاجات على قرار الرئيس الأمريكي إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
aXA6IDE4LjExNi44MS4yNTUg جزيرة ام اند امز