بعد قرار القدس.. أمريكا تقامر بدور الوسيط الدولي
منذ سنوات طويلة لم تجد واشنطن نفسها في مواجهة مع حلفائها الإقليميين، كما يحدث خلال هذه الساعات.
من المتوقع أن يؤدي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل إلى تقويض دور بلاده كوسيط في قضايا مهمة على مستوى العالم، وأبرزها القضية الفلسطينية.
واستنادا لما رصدته بوابة العين الإخبارية، فقد تكاثرت الانتقادات الدولية حتى من تلك القوى الكبرى التي كانت في الماضي لا تلعب دورا كبيرا في القضية، مثل الصين.
فقد اعتبرت الصين أن القرار الأمريكي "قد يعمق الصراع في المنطقة"، ما يعكس المخاوف من تمدد العنف في منطقة مضطربة بالفعل.
وعلى نحو مماثل، عارضت موسكو القرار لذات الاعتبارات، الأمر الذي يطرح تساؤلا ما إذا كان ترامب قد قامر بنفوذ بلاده التاريخي في المنطقة.
وتتجلى مفارقة ترامب بإعلان قراره رغم المعارضة الدولية التي سبقته، في وقت يتباهى فيه بأنه على وشك طرح وساطة أكثر نجاعة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي.
وعلى الأرجح، تشير ردود الفعل الدولية إلى وساطة أو وساطات أخرى على أنقاض المساعي الأمريكية، لتسوية أحد أكثر النزاعات تعقيدا حول العالم.
وبالنسبة إلى السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانيال كيرتزر، فإن ترامب "لا يمكنه توقع أن ينحاز بشكل كامل مع إسرائيل بشأن معظم القضايا الحساسة والمعقدة في العملية، ويتوقع في الوقت نفسه أن يرى الفلسطينيون الولايات المتحدة وسيطا أمينا".
وبحسب ما أوردته وكالة "رويترز"، يضيف كيرتزر أن "رغبته المعلنة للتوصل إلى الاتفاق الأحادي هي الآن ضحية لسياسته الخرقاء".
ومنذ سنوات طويلة، لم تجد واشنطن نفسها في مواجهة مع حلفائها الإقليميين، كما يحدث خلال هذه الساعات الممتلئة بأخبار من الرسائل مغلّظة اللهجة إلى استدعاء السفراء الأمريكان.
وربما كان ترامب يسعى من خطوته التي كانت وعدا انتخابيا، إلى رفع السقف التفاوضي لصالح إسرائيل.
فالوضع المتغير للقدس سيكون ضمن موازنة المكاسب والتنازلات مقابل المستوطنات ووضع اللاجئين والحدود، بجانب مستقبل المدينة المقدسة.
لكن هذه الحسبة ربما تجعل واشنطن غير مؤهلة لدور الوساطة الذي تحتكره تقريبا منذ عقود.
وينبغي التذكير بأن موازنة المكاسب والتنازلات كانت حاضرة أيضا في قرار ترامب الذي احتفظ بهامش مناورة، من خلال ربط قراره بتوقيع أمر استثنائي يؤجل نقل السفارة، لكون واشنطن لا تمتلك حاليا مبنى في القدس.
وطبقا لمسؤولين أمريكيين، فإن تجهيز المقار الدبلوماسية قد يستغرق من ثلاث إلى أربع سنوات، ما يطرح تساؤلا عن جدوى إعلان القرار حاليا.
وفي المقابل، فإن مراوغة ترامب بالأمر الاستثنائي لتعطيل نقل السفارة إلى سنوات إضافية يمكن أن يطول حتى نهاية ولايته أو حتى لأكثر من عقدين، كما كان الحال مع تشريع الكونجرس الذي تحدث عن نقل السفارة منذ عام 1995، إلا أن هذا الأمر سيحتكم في الغالب لحجم الضغوط المحتملة ومقدار التهديد الذي يجره للمصالح الأمريكية.
ويقينا، فإن أهم هذه المصالح المستهدفة هو احتكار الوساطة التي جعلت من الولايات المتحدة لعقود أكبر مستثمر وفاعل في المنطقة.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز