فلسطين وأمريكا في 2021.. عودة العلاقات بعد قطيعة 3 سنوات
شهد العام 2021 عودة المسؤولين الأمريكيين ضيوفا على رام الله بالضفة الغربية بعد مقاطعة سياسية من قبل السلطة الفلسطينية دامت 3 سنوات.
ولكن المقاطعة السياسية التي بدأت بقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس نهاية العام 2017، راكمت ملفات يصعب على إدارة جو بايدن إنهاءها بسرعة.
وخطت الإدارة الأمريكية خطوات باتجاه السلطة الفلسطينية، لكن الفلسطينيين يشتكون من بطء التحرك، فيما يرى آخرون فيها رمزية هامة، وعلى رأسها إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس، وإعادة فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
فما إن تسلمت إدارة بايدن مهامها مطلع العام 2021، حتى سارعت السلطة الفلسطينية إلى إعادة الاتصال السياسي وقابلته الإدارة الأمريكية بإعلان التزامها تنفيذ وعود أطلقها الرئيس الجديد خلال حملته الانتخابية.
وتتفاوت الوعود ما بين إعادة العلاقات والتمثيل الدبلوماسي بين الطرفين، واستئناف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، ووكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وبموازاة ذلك، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية التزامها بحل الدولتين كطريق أمثل لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي مع تجديد رفض واشنطن لخطوات الضم والاستيطان وهدم وإخلاء المنازل.
وعلى إثر ذلك فقد استؤنفت اللقاءات والاتصالات رفيعة المستوى بين الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية، كما أعادت واشنطن تمويل وكالة "الأونروا" بمئات ملايين الدولارات بعد أن أوقفتها إدارة ترامب بالكامل، عام 2019.
ومع ذلك فإن الفلسطينيّين يقولون إنهم يريدون إعادة فتح مكاتب التمثيل الدبلوماسي وتحويل الالتزام بحل الدولتين، إلى إطلاق أفق سياسي يفضي إلى قيام دولة فلسطينية.
وقال واصل أبويوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في حديث لـ"العين الإخبارية": "بمرور ما يقارب من العام على وصول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض لا يوجد أي شيء جدي يمكن أن يشكل أولوية، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، على أجندة الإدارة الأمريكية".
وأضاف: "يبدو أن هناك قضايا بالنسبة للإدارة الأمريكية أهم، بما فيها التحالف الاستراتيجي والشراكة مع إسرائيل".
وتقول الإدارة الأمريكية إنها تركز جهودها في هذه المرحلة على بناء الثقة ما بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، من خلال خطوات بناء ثقة، تؤدي لاحقا إلى مفاوضات سياسية بين الطرفين، مع مواصلة مطالبة الطرفين بالامتناع عن خطوات أحادية على الأرض.
وفي هذا الصدد قالت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في إيجاز لمجلس الأمن يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني: "المبدأ المحفز وراء نهج إدارة بايدن تجاه السلام في الشرق الأوسط هو أن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون تدابير متساوية من الحرية والكرامة والأمن والازدهار، وهو هدف في حد ذاته ووسيلة لدفع حل الدولتين المتفاوض عليه".
واستدركت: "لكن لا يمكننا إحراز تقدم نحو هذه الغاية دون قدر ضئيل من الثقة، إن من الأهمية بمكان استكشاف الفرص مع الإسرائيليين والفلسطينيين لإعادة بناء درجة معينة من الثقة ببعضهم البعض".
وتابعت: "تحدث الجانبان عن الحاجة إلى تدابير بناء الثقة لكسر جدران انعدام الثقة. الكثير من بناء الثقة هذا يحتاج إلى العمل بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم".
وأضافت توماس غرينفيلد: "دعونا جميعًا نلتزم اليوم بشراكة بناءة وإحراز تقدم ملموس بين الإسرائيليين والفلسطينيين. هذا هو الترياق الوحيد لليأس وانعدام الثقة وانعدام الأمن والعنف الذي يهدد حل الدولتين، والذي يظل أفضل فرصة لنا لتحقيق سلام دائم وعادل".
ويرحب الفلسطينيون بتصريحات الإدارة الأمريكية عن رفض الاستيطان ولكنهم يطالبونها بتحويل الأقوال إلى أفعال من خلال الضغط على إسرائيل لوقف أنشطتها.
وقال أبويوسف: "الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث حتى الآن، ولكن دون أن تكون هناك أي عملية على الأرض للضغط عل الاحتلال لوقف الاستيطان.. صحيح أنهم يقولون إنهم يعارضون الاستيطان، ولكن إسرائيل أعلنت عن آلاف الوحدات ولا نشعر بالضغط الأمريكي".
وتابع أبويوسف: "هناك العديد من القضايا التي تم الحديث عنها بما فيها إعادة فتح القنصلية ولكن حتى الآن ورغم تكرار التصريحات لم يتم إعادة فتح القنصلية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واستئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية، مع أنه صحيح أن هناك بعض المساعدات لوكالة الأونروا".
واعتبر أبويوسف أن ثمة حاجة لأن تسهم الإدارة الأمريكية في إعادة الأفق السياسي رغم معارضة الحكومة الإسرائيلية لهذا الأمر.
وقال: "الإدارة الأمريكية أكدت على أنها مع حل الدولتين، ولكن هذا حديث عام ولا توجد أي خطوة عملية من قبلها يمكن أن تفتح أفقا سياسيا؛ فحكومة الاحتلال تغلق أي أفق سياسي، وأمريكا لا تحرك ساكنا... لا يمكن الحديث عن حل سياسي حقيقي في المنطقة، دون أفق سياسي، ولكن لا نلمس أي خطوات عملية بهذا الاتجاه".
وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الإدارة الأمريكية تعتزم إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، ولكن دون تحديد موعد لهذه الخطوة، بعد أن أغلق الرئيس الأمريكي السابق القنصلية عام 2019.
وقال هاني المصري، الخبير في الشأن الداخلي الفلسطيني، لـ"العين الإخبارية": "هناك تصريحات أمريكية رفيعة المستوى، ولكن لم يعد فتح القنصلية الأمريكية في القدس، أو إعادة فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ولا إعادة المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية التي تواجه أزمة مالية".
المصري قال أيضا إن "آفاق الوضع كما تبدو هي بقاء السلطة الفلسطينية من خلال بعض ما تسمى خطوات بناء الثقة، أما الحل السياسي فهو مؤجل".
aXA6IDE4LjIyMi45OC4yOSA= جزيرة ام اند امز