الداخل الفلسطيني في 2021.. انقسام يعصف بالقضية
بدأ العام 2021 بارتفاع سقف التوقعات بإنهاء الانقسام الفلسطيني، ولكن ما لبث الأمل أن تضاءل، وتعمقت مأساة التشفي.
وساهمت 3 عوامل في تبديد آمال إنهاء الانقسام، وهي تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتعزيز قوة "حماس" على حساب "فتح" إثر العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في مايو/أيار وإطلاق "حماس" مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لهدنة طويلة في القطاع.
- المصالحة الفلسطينية.. حلم غيبه أمراء الانقسام في 2020
- الانقسام الفلسطيني.. 15 عاما من الاتفاقيات "مع وقف التنفيذ"
بداية الانقسام
وكان الانقسام بدأ أواسط عام 2007، بعد أن سيطرت "حماس" بقوة السلاح على قطاع غزة.
ومنذ ذلك الحين فشلت عشرات المحاولات التي بذلتها دول عديدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.
وقال هاني المصري، الخبير في الشأن الداخلي الفلسطيني، في حديث لـ"العين الإخبارية": "عندما كان هناك اتفاق بين فتح وحماس مطلع العام على قائمة مشتركة للانتخابات التشريعية، وعلى أن يكون الرئيس مرشحا توافقيا للحركتين كان هناك اتفاق على إدارة الانقسام لأن هذا الموضوع كان مؤجلا إلى ما بعد الانتخابات".
واستدرك: "عندما فشل الاتفاق فإن الأمور لم تعد فقط إلى الوراء وإنما أصبحت أسوأ مما كانت عليه في السابق وبالتالي تعمق الانقسام أكثر وأصبحت إمكانية إنهائه أصعب".
وكان من المقرر أن تُجرى الانتخابات التشريعية الفلسطينية في مايو/أيار على أن تُجرى الرئاسية في يوليو/تموز، من العام الجاري، غير أن الرئيس الفلسطيني أعلن تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى لرفض إسرائيل إجراء الانتخابات بالقدس الشرقية.
وترافق ذلك مع إطلاق إسرائيل عملية عسكرية ضد قطاع غزة في مايو/أيار أكسبت حركة "حماس" شعبية واسعة بالشارع الفلسطيني على حساب حركة "فتح".
وقال المصري: "بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/أيار أصبحت حماس أكثر قوة وبالتالي أصبحت إمكانية أن يوافق الرئيس محمود عباس وحركة فتح على المصالحة أبعد لأن موازين القوى الشعبية، على الأقل، كانت لصالح حماس، كما أن الأخيرة رفعت سقف مطالبها أكثر مما ينبغي بكثير".
وأضاف: "الرئيس عباس بدوره أعاد شروط اللجنة الرباعية الدولية لتشكيل حكومة وحدة، وبالتالي أصبحت المصالحة بعيدة جدا وخاصة أن إسرائيل لا تريد وحدة والمجتمع الدولي لا يريد انتخابات تفوز فيها حماس".
وتابع المصري: "وبالتالي لأسباب داخلية وخارجية تعطلت المصالحة وأصبحت أبعد مما كانت عليه في السابق".
وبعد أن كانت الآمال قد انتعشت بداية العام 2021 بإنهاء الانقسام فإن العام يوشك على الانتهاء وقد غاب حتى الحديث عن أفق لإنهاء الانقسام.
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ"العين الإخبارية": "لا يوجد جديد بشأن المصالحة، وهذا تعبير عن عمق الأزمة الموجودة"، مضيفا: "تحاول حماس ترتيب سيطرتها على قطاع غزة".
وأفرزت هذه التطورات محاولات حثيثة من قبل السلطة الفلسطينية لترميم علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في حين سعت "حماس" لتعزيز سيطرتها على قطاع غزة من خلال اتفاق تهدئة بعيد المدى مع إسرائيل.
انقسام يقود لانفصال
وقال المصري: "نتيجة عدم التقدم بالمصالحة صارت إمكانية التوصل إلى اتفاق في غزة من خلال تهدئة طويلة المدى أكثر جدية والأسابيع والأشهر المقبلة ستظهر مدى جدية ذلك في ظل الحديث عن إمكانية اتفاق نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل وإذا ما حصل الاتفاق فإن هذا سيحول الانقسام إلى انفصال".
وأضاف: "حماس تتحدث عن هدنة طويلة والبعض يتحدث عن 5 أو 10 أو 15 عاما وهو تحصيل حاصل لعدم تقدم المصالحة، ففي غياب المصالحة فإن كل طرف يبحث عن مصالحه".
وحذر من أن "هذا يضع القضية الفلسطينية في وضع أصعب لأن من يدفع الثمن هي القضية سيما في ظل استمرار الاستيطان وهدم المنازل وعدم وجود أفق سياسي لإنهاء الاحتلال وتعميق الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة".
وأشار المصري إلى أنه في حين تحاول حماس التوصل إلى اتفاق تهدئة بعيد المدى في غزة فإن السلطة الفلسطينية تحاول التوصل إلى اتفاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف: "السلطة الفلسطينية تركز على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ضمن سقف منخفض وليس مثل السابق عندما كان الحديث عن دولة فلسطينية".
واسترسل قائلا: "في الماضي كان هناك حديث عن عملية سياسية والحديث عن قيام دولة فلسطينية، فيما السقف الآن هو بقاء السلطة الفلسطينية، وبالتالي يتم الحديث عن إجراءات بناء الثقة وعدم تدهور الموقف وكأن الموقف الحالي جيد وبالتالي فإن السقف الفلسطيني انخفض".
وتابع المصري: "الحديث مع إسرائيل حوّلنا إلى ملف أمني اقتصادي وليس مفاوضات حول قضايا الحل النهائي للتوصل إلى حل سياسي ينهي الاحتلال ويؤدي لقيام دولة فلسطينية".
ولفت إلى أن "هذا اختلاف نوعي يشير إلى تدهور الأمور أكثر فأكثر، ففي الماضي كان هناك حديث سياسي ولكن الحفاظ على بقاء السلطة الآن هو السقف وبالتالي هناك تغييرات ولكن إلى الأسوأ".
ومع تبدد فرص المصالحة فقد ازداد التراشق الإعلامي بين "حماس" و"فتح" فيما تبددت فرص تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حتى حكومة توافق وطني.
واعتبر المصري أن "المصالحة بحاجة إلى طرفين قويين أو طرفين بحاجة إلى بعضهما، ولكن الطرفين ليسا أقوياء بما فيه الكفاية، وإنما ضعفاء، فيما أنه من أجل أن تحدث المصالحة مطلوب من الطرفين التنازل لكنهما غير مستعدين للتنازل".
وحذر من أنه "ما لم يحدث شيء يغير الأمور التي نراها الآن فإن الأمور لا تتجه نحو الوحدة وإنما الانفصال".
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMzMg جزيرة ام اند امز