المصالحة الفلسطينية.. حلم غيبه أمراء الانقسام في 2020
برحيل 2020.. يودع الفلسطينيون عاما جديدا بلا مصالحة وانتخابات، ليبقى الحال كما هو رهن التراشق والانقسام، دون أفق لحل قريب.
وما بدا في لحظات الاستعصاء السياسي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أنه بوادر أمل لإنجاز مصالحة وطنية داخلية، تبدد أخيرا نتيجة شيطان التفاصيل، وتعنت حماس في ملف الانتخابات.
ومع اقتراب 2020 من إسدال ستاره على أيام حُبلى بأحداث مثقلة فاقمها فيروس كورونا، تستعرض "العين الإخبارية" ضمن سلسلة تقارير بعنوان "حصاد العام" ملف المصالحة الفلسطينية وآفاقه الحاضرة والمستقبلية.
غياب الإرادة
ويعزو محمد عبدالوهاب، المحلل السياسي، عدم تحقق المصالحة رغم التفاؤل في جولات الحوار المتتالية لعدم وجود إرادة سياسية لإنهاء الانقسام لأن الطرفين (فتح وحماس) "لهما علاقات خارجية لها يد في استمرار الانقسام وتعميقه".
وقال في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "وجود مستفيدين كثر من الانقسام خاصة في غزة، يعطل إنجاز المصالحة لأنها ستنهي مراكز قوى قائمة ومصالحة شخصية متحققة من وراء الانقسام".
وتفجر الانقسام في منتصف يوليو/تموز 2007، بعد سيطرة حماس على قطاع غزة بعد اقتتال دامٍ مع حركة فتح، وفشلت عشرات الحوارات والتفاهمات اللاحقة في رأب الصدع بين الجانبين.
إلا أن عبدالوهاب يرى أنه يمكن إنهاء الانقسام إذا كان هناك مشروع سياسي دولي يعمل على توحيد غزة والضفة تحت قيادة واحدة.
موضحا أن هذا المشروع الدولي "سينجح في إبعاد المؤثرين الإقليميين بمن فيهم إسرائيل المستفيدة من بقاء الانقسام الفلسطيني".
المعجزة!
ومع إعلان السلطة الفلسطينية قطع العلاقة مع إسرائيل، في مايو/أيار الماضي بسبب خطة الضم في حينه، لاحت أفق تقارب بين الفصائل الفلسطينية سرعان ما تُرجمت في الثالث من سبتمبر، بعقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية عبر الفيديو كونفراس بين رام الله وبيروت.
تلا ذلك لقاءات بين فتح وحماس انتهت بالاتفاق على إجراء الانتخابات، قبل أن تتأزم بوجود شيطان التفاصيل وتعنت حماس في ملف تتابع الانتخابات، لتتفجر الخلافات ويعود التراشق مع عودة العلاقة بين السلطة وإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويستبعد عبدالوهاب حدوث معجزة مصالحة في المتبقي من العام الجاري وحتى 2021، مقدرا أنه يمكن أن يشهد عام 2022 بعض الحراك المرتبط بالقضية الفلسطينية عموما بعد مضي فترة ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدين.
غياب الإرادة والتدخلات الخارجية، هما العامل الحاسم في استمرار الانقسام، وفق الدكتور رياض العيلة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الذي يرى أن الانقسام يمثل أكبر خطر على القضية الفلسطينية.
وقال العيلة لـ"العين الإخبارية": إن هذا الانقسام أدى إلى وضع سياسي واقتصادي صعب وتغول إسرائيلي على القضية"، مشيرا إلى أن هذا الملف عاد مجددا إلى المربع الأول المتعلق بتبادل الاتهامات والتراشق.
لكنه يرى أن تحقيق المصالحة ليس صعبا بوجود تنازل كل طرف من الأطراف عن مصالحه الحزبية لصالح الوطن.
معوقات الوحدة
بدوره، يحدد هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) عدة عوامل وأسباب فلسطينية وإسرائيلية وعربية وإقليمية ودولية تحول دون إنهاء الانقسام.
ومع ذلك يجزم المصري أنه يمكن التغلب على الأسباب الخارجية لو توفرت القناعة والإرادة، لدى الرئيس وطرفي الانقسام، بأن الوحدة أولوية وضرورة لا غنى عنها، ولا بد من إزالة كل العقبات التي تعترض طريقها مهما كان الثمن، وخصوصًا الاقتناع بأهمية الشراكة.
ويرى أن ما يمنع الوحدة عدم الإيمان بالشراكة، فمن جهة "فتح" تريد أن تبقى مهيمنة على السلطة والمنظمة وتعطي الأولوية لعودة سيطرتها على غزة، بالمقابل تريد "حماس" الاحتفاظ بسيطرتها على القطاع، وتمويل من السلطة، والانضمام للمنظمة، والاحتفاظ بسلاحها ما يجعل هناك سلطتان في مكان واحد، وهذا يؤدي إلى ازدواج السلطة والقيادة والقرار.
غياب الانتخابات
وغياب المصالحة، يغيب بدوره الانتخابات الفلسطينية التي باتت مطلبا شعبيا لتجديد الشرعيات وإنها سطوة التفرد بالقرار والسلطة سواء في الضفة أو غزة.
ويقول صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، إنه مع فشل إنجاز المصالحة تفشل محاولات إجراء الانتخابات، ليبقى الشعب رهينة تمثيل قسري منذ عامي 2005 و2006.
وشدد أمين في حديثه لـ"العين الإخبارية" على أن المصالحة الخاصة والأجندات المختلفة والارتباطات الإقليمية هي العائق الأساسي أمام إتمام المصالحة الفلسطينية التي باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية.