السلطة الفلسطينية محرومة من الاقتراض.. خيارات ضئيلة
تدرس السلطة الفلسطينية خياراتها المالية مع تفاقم فجوة التمويل المتوقعة التي باتت تهدد بعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها.
وقال مسؤول فلسطيني لـ"العين الإخبارية" إن السلطة الفلسطينية لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك المحلية بعد وصول الاقتراض إلى سقفه.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "منذ عدة شهور نواجه صعوبات كبيرة في تأمين فاتورة رواتب موظفي السلطة ويتوقع أن تزداد الأمور صعوبة في الأشهر المقبلة".
وتابع: "ثمة 3 أسباب لهذه الأزمة وهو انخفاض، وربما انعدام، المساعدات الخارجية وأيضا الاقتطاعات الإسرائيلية الكبيرة من المقاصة وثالثا انخفاض الدخل المحلي الناتج عن تبعات جائحة كورونا".
وتسعى السلطة الفلسطينية لمحاولة تحفيز المجتمع الدولي على تقديم المساعدات المالية لها من أجل تجاوز هذه الأزمة الحادة ولكن ليس ثمة مؤشرات بالأفق على نجاحها في مسعاها هذا.
وستبحث لجنة الارتباط الخاصة لمساعدات المانحين هذا التطور المقلق في اجتماع تعقده يوم الأربعاء المقبل في أوسلو.
وترأس النرويج لجنة الارتباط الخاصة التي تضم أيضا فلسطين وإسرائيل والمانحين الرئيسيين للسلطة الفلسطينية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
تقارير دولية
وتعكس التقارير الدولية التي ستقدم الى الاجتماع من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة واللجنة الرباعية الدولية صعوبة الأوضاع المالية وتوصيات لتجاوزها.
وقالت اللجنة الرباعية في تقريرها الذي ستقدمه الى الاجتماع وتلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "لقد أعاد الوضع المالي المتدهور للسلطة الفلسطينية التأكيد على الحاجة إلى توفير مصادر دخل جديدة للمساعدة في حل الأزمة المالية، بما في ذلك من خلال حل الملفات عدد من المالية طويلة الأمد".
وأضافت: "توفير 500 مليون شيكل للسلطة الفلسطينية كمزيج من قرض وسلفة مقابل إيرادات المقاصة من قبل الحكومة الإسرائيلية هي خطوة مرحب بها ولكنها لا تلغي الحاجة إلى مزيد من التغيير الهيكلي".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قالت إنها قدمت 500 مليون شيكل (160 مليون دولار أمريكي) للسلطة الفلسطينية كدفعة مسبقة من أموال المقاصة الى السلطة الفلسطينية لمساعدتها في تجاوز أزمتها المالية.
وإيرادات المقاصة، هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، تقتطع منها تل أبيب 3% بدل جباية.
وتساهم التحويلات المقدرة بنحو 190 مليون دولار شهريا، بأكثر من نصف موازنة السلطة الفلسطينية.
ولكن بالمقابل يحتج الفلسطينيون على قيام الحكومة الإسرائيلية باحتجاز مئات ملايين الدولارات من أموال المقاصة.
ضريبة المقاصة في فلسطين
وقالت وزارة المالية الفلسطينية: "تواصل إسرائيل اقتطاعات شهرية جائرة من أموال العائدات الضريبية (المقاصة) تفوق 100 مليون شيكل (32 مليون دولار)، وتحتجز ما يفوق 2 مليار شيكل (641 مليون دولار)، لم تتوقف الوزارة عن المطالبة بالإفراج الفوري عنها".
وفي إشارة الى مبلغ ال 500 مليون شيكل، أضافت "المبلغ الذي تم تحويله قبل ثلاثة أشهر ما هو إلا جزء من رصيد أموالنا المحتجزة لديهم إلى حين استرداد جميع تلك الاقتطاعات".
وكان أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني أمجد غانم، أعلن للصحفيين في رام الله إن السلطة الفلسطينية تدرس اقتطاع جزء بسيط من رواتب الموظفين العموميين للإيفاء بجميع الالتزامات تجاه كافة الجهات سواء الموظفين والطبقات الاجتماعية الأقل حظا والقطاع الخاص وتوريد الأدوية والتحويلات الطبية من أجل تشغيل مؤسسات الدولة الفلسطينية.
ولفت غانم إلى أن الاقتطاعات قد تبدأ من الشهر المقبل،
ويقول البنك الدولي في تقرير سيقدمه الى اجتماع الأربعاء وتلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "مازالت أوضاع المالية العامة للسلطة الفلسطينية تواجه تحدياتٍ جسيمة. وعلى الرغم من زيادة عائدات المالية العامة، فإن الإنفاق العام ارتفع بالمعدل نفسه وهوت المساعدات إلى مستوى قياسي متدنٍ".
وأضاف: "وزادت الضغوط على المالية العامة من جراء استقطاعات إضافية أجرتها الحكومة الإسرائيلية من الإيرادات الضريبية الشهرية التي تقوم بتحصيلها لحساب السلطة الفلسطينية (إيرادات المقاصة)".
أموال المانحين
وأشار البنك الدولي إلى أن "بعد حساب الدفعة المُقدَّمة من إيرادات المقاصة التي قدَّمتها الحكومة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية، والتمويل المقدم من المانحين، من المتوقع أن يصل عجز موازنة السلطة الفلسطينية إلى 1.36 مليار دولار في 2021".
وحذر من انه "قد تواجه السلطة الفلسطينية صعوبات في الوفاء بالتزاماتها الجارية قرب نهاية العام".
وقال البنك الدولي: "لم تعد السلطة الفلسطينية قادرة على الاقتراض من البنوك المحلية، ولذلك قد تضطر إلى زيادة تراكم المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص، الأمر الذي يؤدي إلى سحب مزيد من السيولة في السوق".
وتدعو السلطة الفلسطينية المانحين الدوليين الى تقديم المساعدات المالية لها والى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الاقتطاعات من المقاصة.
وتتقاطع هذه الدعوات مع توصيات المؤسسات الدولية.
فقد دعا البنك الدولي "المانحين إلى المساعدة في خفض عجز الموازنة، والحكومة الإسرائيلية إلى معالجة بعض تسرُّبات الموارد من المالية العامة التي لا تزال قائمة".
وقال: "على سبيل المثال، تقوم الإدارة المدنية الإسرائيلية بتحصيل الإيرادات الضريبية من الشركات العاملة في المنطقة (ج)، وتُحصِّل الحكومة الإسرائيلية رسوم المغادرة في معبر جسر اللنبي، ولكن لم يحدث تحويل منتظم لهذه الإيرادات إلى السلطة الفلسطينية كما تقضي الاتفاقيات المُوقَّعة".
وأضاف: "إذا تم صرف بعض هذه الأموال، فسوف يتيح تمويلاً سريعاً تشتد الحاجة إليه في هذه الأوقات الصعبة".
أولويات عاجلة
وتابع البنك الدولي: "وفضلاً عن الأولويات العاجلة، يجب أن تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً لوضع المالية العامة في مسارٍ أكثر استدامةً من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وتحسين إدارة نظام معاشات تقاعد القطاع العام السخي، والإحالات الطبية، وتحسين البيئة التنظيمية لتصبح أكثر ملاءمة للاستثمار ونمو القطاع الخاص".
وتسيطر الحكومة الإسرائيلية بشكل كامل على المنطقة المسماة (ج) والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية.
ومن جهتها تحث اللجنة الرباعية الدولية الأطراف على الانتهاء من الاتفاق على نقل سلطة الجمارك إلى السلطة الفلسطينية، مما قد يقلل من خسائر الإيرادات بمقدار
يقدر بحوالي 53 مليون دولار أمريكي.
وقالت: "استعدادًا لهذا التحويل، قامت وزارة المالية في السلطة الفلسطينية مؤخرًا الانتهاء من مشروع قانون الجمارك الجديد".
وأضافت: "لمزيد من تضييق فجوة الميزانية، هناك حاجة إلى مشاركة أكثر منهجية من قبل الأطراف في ملفات مالية أخرى طويلة الأمد، بما في ذلك الخفض أو
الإعفاء من رسوم المناولة البالغة 3 في المائة، وإعفاء مشتريات الوقود للسلطة الفلسطينية من الإنتاج والضرائب الأخرى، تحويل حصة السلطة الفلسطينية من رسوم خروج جسر اللنبي، وحل الخلافات فيما يتعلق بخصم وتحويلات الحكومة الإسرائيلية من رواتب العمال الفلسطينيين".