اللعبة أكبر من قطر بكثير، ومثل أي جريمة يعمد المجرم إلى التخلص من الأدلة الواحد تلو الآخر فإن التخلص من الورقة القطرية
الورقة القطرية ليست آخر الأوراق المتساقطة لكشف «لعبة الإرهاب»، فإن كانت الورقة القطرية احترقت بمجرد الكشف عنها، إلا أن قُبّعة الحاوي ما زالت تضم العديد من الأوراق الأخرى التي ستتساقط لتكشف لنا حجم الغفلة التي غلفتنا، وكيف استغلت وجعلتنا نقتل بعضنا بعضاً.
اللعبة أكبر من قطر بكثير، ومثل أي جريمة يعمد المجرم إلى التخلص من الأدلة الواحد تلو الآخر، فإن التخلص من الورقة القطرية قد يستنزف قطر إلى آخر قطرة، بعد إنهاكها سياسياً ومالياً إلى أن يُغلق ملفها، خاصة أن الأهداف المرجوّة من دورها قد تحققت بسقوط العديد من الأنظمة العربية، وتقسيم دولهم وتقاسم مناطق النفوذ فيها، أما الأوراق الأخرى فهي أدوار لعبتها أجهزة الاستخبارات في دول أوروبية وإقليمية، وبانكشافها ستفضح العديد من أسرار التنظيمات الإسلامية الإرهابية الشيعية منها والسنية تباعاً!
صفقة حزب الله وتنظيم داعش في جرود عرسال على سبيل المثال، وحراسة القافلة الداعشية من قبل طائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب؛ واحدة من الأوراق التي كشفت عورة التعاون الإيراني الداعشي، والأميركي الداعشي، ورغم أن اثنين من زعماء العالم أحدهما أميركي وهو ترمب والآخر روسي وهو بوتين أكدا أكثر من مرة على دور «الإدارة الأميركية» السابقة في خلق ما يُسمى داعش، فإن العديد منا ما زال يصدّق أن داعش تنظيم سني خُلِق ليحارب الشيعة، وأن التنظيمات الشيعية خُلِقت عفوياً للدفاع عن الشيعة!!
اللعبة أكبر من قطر بكثير، ومثل أي جريمة يعمد المجرم إلى التخلص من الأدلة الواحد تلو الآخر فإن التخلص من الورقة القطرية قد يستنزف قطر إلى آخر قطرة، بعد إنهاكها سياسياً ومالياً إلى أن يُغلق ملفها
ليست الإدارة الأميركية التي كان مشاعاً عنها علاقتها بالتنظيمات الإرهابية (كالإخوان المسلمين)، بل أصبح معروفاً الآن أن إيران تؤوي قيادات تنظيم القاعدة (سنة)، كما تموّل قيادات حزب الله (شيعة) في ذات الوقت، وقطر تموّل تنظيمات مقاتلة في سوريا والعراق وليبيا واليمن، كما تتعاون قطر مع إيران في صفقات إخراج داعش من لبنان أيضاً في ذات الوقت بدفع 53 مليون دولار لأبو مالك التلي رفيق الجولاني حسبما ذكرت ريما كرنبي نائبة رئيس بلدية عرسال، الذي طالب بطائرة تنقله لتركيا.. هكذا تتساقط الأوراق واحدة تلو الأخرى.
أزيدكم من الشعر بيتاً، اقرأوا لنافيز أحمد ومارك كورتيس وهما بريطانيان؛ الأول أكاديمي وصحافي استقصائي يعمل بشكل حر (فري لانس)، والثاني مؤرخ للتاريخ البريطاني المعاصر، ولهما العديد من الأبحاث والتقارير والكتب التي تبحث في علاقة بريطانيا بالتنظيمات الإسلامية الراديكالية، بدءاً من جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات!
تعاون الاثنان مؤخراً في كتابة تقرير استقصائي نشره مارك على موقعه بتاريخ 3 يونيو (حزيران) أثار جدلاً واسعاً في بريطانيا، حيث أشارا فيه إلى تفجير مانشستر الأخير الذي نفذه سلمان العبيدي الذي كان والده رمضان يقاتل في أفغانستان، ويقولان إنه تم إرساله إلى ليبيا للعمل على إسقاط القذافي عام 2011 ثم انضمامه لكتيبة «شهداء 17 فبراير» الممولة قطرياً! وصولاً إلى قيام سلمان بتفجير قاعة «مانشستر أرينا» ومقتل 22 بريطانياً. فكيف تسمح المخابرات البريطانية بوجود أمثال هؤلاء «الجهاديين» فوق الأراضي البريطانية؟
وقد كتب نافيز مقالاً بعنوان «كيف دعمت بريطانيا طرفي الحرب على الإرهاب»، يبين فيه كيف تخلق المخابرات البريطانية شخصيات ورموزاً (إسلامية) وكيف تلمّعهم وكيف تقدمهم للإعلام البريطاني على أنهم «جهاديون» تحولوا إلى معتدلين (موقع نون بوست بتاريخ 2 مارس/ آذار 2015).
ولمارك كورتيس كتاب يوثّق علاقة الإخوان المسلمين بالاستخبارات البريطانية منذ أوائل الأربعينات في القرن الماضي، مستنداً إلى وثائق أفرجت عنها الحكومة البريطانية وصادر عام 2010 عنوانه «شؤون سرية: التواطؤ البريطاني مع الإسلام الراديكالي» تنبأ فيه بالتحول في مصر ودور الاستخبارات البريطانية بقيام 25 يناير (كانون الثاني) 2011. هل علمتم الآن من هي «داعش» و«القاعدة» والإخوان المسلمون؟ وكذلك هل علمتم من هم حزب الله والحشد الشعبي و«سرايا الأشتر» و«14 فبراير» وغيرهم وغيرهم من التنظيمات الإرهابية الشيعية والسنية؟ من أسسها ومن دعمها ومن سيّرها ومن يحميها ومن يرعاها؟ جميعها تقف وراءها استخبارات دول أجنبية لعبت بعقول شبابنا العربي، وضحكت عليه وليس أكثر من التفاهم بين قاسم سليماني و«داعش» لإدخالهم للعراق من جديد لقتل العراقيين، صورة فاقعة تصفع الوعي العربي المتدني!!
هذا هو وجه الإرهاب الحقيقي الذي قلنا عنه منذ البداية إنه لعبة وأداة أنشأتها الاستخبارات البريطانية والأميركية، ودخلت قطر في هذا المشروع مموّلة ومنسقة، والذي راح ضحيته الملايين بين قتيل ومشرد، ومع كل تلك الأدلة التي تتكشف لنا، ما زال بيننا من يعتقد أن كل قيادات التنظيمات السابق ذكرها ممكن أن يكونوا لعبة استخباراتية أجنبية، إلا قيادات تنظيمه الذي يظن أنهم ملائكة تمشي على الأرض هونا، فلا يمكن أن يكونوا كذلك!
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة