أزمة في لبنان بعد التحضير لجلسة تشريعية للبرلمان.. ما قصة المادة 75؟
فيما يعاني لبنان أزمة شغور رئاسي باتت على أبواب شهرها الرابع دون حل يلوح في الأفق بسبب "تعنت" مواقف الفرقاء، كان البلد العربي على موعد مع أزمة جديدة طرقت أبوابه.
فرغم أن لبنان كان ينتظر الحل من مجلس النواب اللبناني، إلا أن الأزمة الجديدة خرجت من بين ضلوعه؛ بعد عزم رئيسه نبيه بري، الدعوة لعقد جلسة تشريعية للضرورة، بهدف تمرير قانون "الكابيتال كونترول" واقتراح قانون بالتمديد لعدد من المديرين العامين، أو موظفين في مراكز الفئة الأولى، إثر تعذر تعيين بدائل في غياب رئيس الجمهورية وحكومة فاعلة.
جلسة تنكأ الجراح
وبينما يعقد مكتب المجلس النيابي اجتماعًا في عين التينة غدًا الإثنين، للبحث في جدول أعمال الجلسة المرتقبة، تصاعدت حملات رفض عقد مثل هكذا جلسة، مما أثار مزيدًا من التوترات بين القوى السياسية في البلد العربي، وألقى بحجر في مياه انتخاب الرئيس الراكدة.
وفي "أقوى" رد فعل على عزم بري الدعوة لجلسة تشريعية، أصدر 46 نائباً من الكتل النيابية المعارضة والنواب المستقلين بيانًا مشتركًا، أعلنوا فيه رفضهم المشاركة في أي جلسة تشريعية، وسط حقبة الفراغ الرئاسي.
وفند النواب الـ46، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه أسباب، استحالة عقد الجلسة التشريعية، مشيرين إلى "حرصهم" على السلطة التشريعية التي أضحت السلطة الشرعية الوحيدة، بعد الخلل الذي أصاب السلطتين التنفيذية والقضائية، مما يرتب عليها مسؤوليات جمة وموجبات، على رأسها إعادة تكوين السلطة بما يصون أحكام الدستور، بدءا من انتخاب الرئيس وما يليها من انتظام للمؤسسات الدستورية.
وأكد النواب، التزامهم بالمواد 49 و74 و75 من الدستور، التي تنص على أنه عند خلو سدة الرئاسة يضحي المجلس النيابي هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم، منعقدة وقائمة حكما وبحكم القانون، حصرا من أجل انتخاب رئيس للجمهورية.
المادة الـ75
وفيما ثمن النواب جميع المبادرات الهادفة إلى التطبيق الحرفي للمواد المشار إليها من الدستور، أكدوا أن المادة 75 من الدستور، تنص على أن المجلس النيابي، في ظل شغور سدة الرئاسة، هو "هيئة انتخابية لا هيئة تشريعية"، وبالتالي يمنع على المجلس النيابي التشريع، قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
وأشاروا إلى أن هذا النص الدستوري الخاص والصريح لا يسمح بأي توسع في تفسيره، مؤكدين أن هذا المنع هو مطلق ولا يحتمل أي استثناء ولا تمييز بين ما هو "تشريع الضرورة وتشريع غير الضرورة"؛ إذ لا أولوية تعلو فوق أولوية انتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب البيان، فإن التشريع بغياب الرئيس، يفقد حلقة أساسية في آلية التشريع، وينسف مبدأ فصل السلطات والتعاون بينها، ويُعدّ تعديًا من سلطة على أُخرى، مشيرًا إلى أن تسيير أمور المواطنين وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية لا يكون من خلال إطالة مدة الفراغ في رئاسة الجمهورية أو التطبيع معه ومحاولة تنظيمه بآليات ووسائل غير دستورية، بل بانتخاب رئيس للجمهورية فورا.
وحذروا من أن "الإمعان في عقد جلسات لحكومة مستقيلة والتوجه لعقد جلسات تشريعية لمجلس النواب، في ظل غياب رئيس للجمهورية، يكرس واقعا مخالفا للدستور ويظهِّر إمكانية لإدارة الدولة من دون حاجة لرئيس الدولة، الأمر الذي يمس بروح اتفاق الطائف"
انهيار دراماتيكي
كما حذروا من أن مخاطر شغور سدة الرئاسة، في ظل هذا الانهيار الدراماتيكي القاتل للوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، تهدد بسقوط الدولة اللبنانية.
واختتم النواب الـ46 بيانهم، بالتحذير من أن عقد جلسة تشريعية، أيا يكن سببها، هي مخالفة للدستور وبمثابة ضربة قاتلة لأساسات النظام اللبناني، مطالبين النواب بعدم المشاركة بأي جلسة" من هذا النوع وعدم الاعتراف بها.
ولم يقتصر الأمر على بيان البرلمانيين الـ46، بل إن السجالات بين "القوات اللبنانية " و"التيار الوطني الحر" حول الجلسة، تصاعدت حدتها مؤخرًا.
ورد حزب "القوات اللبنانية" على بيان لـ"التيار"، معتبرًا أن "من أوجه الوقاحة أن يتشدّق التيار الوطني الحر بشمّاعته المعهودة ألا وهي الحرص على موقع الرئاسة، وأن يجاهر بتذكير اللبنانيين بسنوات العهد المشؤوم الذي بلى الدولة والشعب بجحيم غير معهود".
تساؤلات حائرة
وتساءل الحزب: أيّ تشريع هو الضروري في ظلّ انهيار غير مسبوق بتاريخ لبنان؟ وهل المطلوب أن يُصبح تشريع الضرورة عادة لبنانية من العادات اللادستورية التي يتمّ اعتمادها عند كلّ شغور وكأنّ غياب رئيس الجمهورية هو حالة طبيعية؟
وتابع: "جلسة للضرورة القصوى تختلف عن جلسة لتعيين أفراد، وجلسة لحاجات الناس وميثاقية الطابع تختلف عن جلسة مقايضة ومحاصصة، واللافت أنه في الشغورين المسؤول هو نفسه ثنائي حزب التيار وحلفاؤهما"، في إشارة إلى حزب الله.
aXA6IDMuMTM5LjEwOC45OSA= جزيرة ام اند امز