يصعّد الحوثي اعتداءاته الإرهابية بالبالستي والطائرات المسيّرة كلما عانى مزيدا من الضغط العسكري والعزلة والرفض الشعبي داخل اليمن.
تماما كما يفعل حليفه "نصر الله" في لبنان عبر حربه "الكلامية" ضد دول الخليج العربي، وحربه "بتهريب المخدرات"، كلما ازدادت عزلته الشعبية في لبنان وانكشف احتلاله أكثر لقرار الدولة اللبنانية لصالح أجندة إيران.
وكأننا أمام مساقين مرتبطين صعودا وهبوطا، فدعوات الحرب تقابلها مساعي تهدئة، ودعوات السلام من قبل دول السلام، كالسعودية والإمارات، يواجهها محور شر بالحرب على كل الجبهات، الكلامية في أغلبها، ليزداد صراخ المليشيات كلما ازداد حصارها وإيلامها ميدانيا.
في حقيقة الأمر، بات معروفاً للجميع أن تراجع الحوثي على الأرض في اليمن، لا يعود فقط إلى القدرات القتالية الفائقة لقوات العمالقة الجنوبية، بل هو عائدٌ في الأساس إلى تفكك البنية الداخلية لمليشيات الحوثي، وقناعة الأسر والقبائل اليمنية في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الحوثي، باستعداد هذه المليشيا للتضحية بهم حتى آخر طفل يمني لخدمة مشروعها التدميري.
كذلك، يعي الجميع الآن أنّ مليشيات "حزب الله" في لبنان تعاني نفس ما تعانيه حليفتها في اليمن -مليشيا الحوثي- من عزلة ورفض شعبي وتفكك للبيئة الحاضنة الداخلية، فكم من الأصوات تعلو في لبنان ضد هذا الحزب الولائي المُجاهر بخدمته لمشروع التوسع والسيطرة بإيعاز من نظام الولي الفقيه في إيران!
أما بالنسبة لليمن، فإنّ تصعيد الحوثي الأخير عبر استهداف منشآت مدنية على أرض السعودية والإمارات إنما يعكس انغلاق الدائرة على مشروعه البائس، وإحساسه بقرب انتهاء فترة خدمته للأجندة الإيرانية، باعتباره جماعة إرهابية، واجتثاثه من الأرض اليمنية كلها.. والمعطيات على ذلك كثيرة، فما الزيارات التي كانت وُجهتها الإمارات مؤخرا إلا تأكيد واضح على التفاف عربي وإقليمي ودولي حول خيار الإمارات، حيث ظهر للعالم بأسره الدور المحوري، الذي تلعبه دولة الإمارات في الإقليم عبر توحيد قدرات الدول العربية والأصدقاء لتمكين قيام حلف عربي قادر على حماية المصالح الوطنية والأمن القومي العربي.
وهنا، تجب الإشارة إلى أهمية تنامي الوعي مجددا في الداخل الأمريكي وأوروبا بحتمية اجتثاث الإرهاب أيا كان مصدره، وهنا نقصد "الحوثي"، لما يوصم به من استهداف المدنيين، وليس بعيدا بالطبع عن هذه الصورة الإرهابية عودة نشاط تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق.
لا مصالحات إقليمية دون هذا الوعي، ولا حلول توفق بين مقتضيات التنمية والسلام والأمن إلا عند انتفاء التهديدات الإقليمية المتمثلة اليوم في المشروع النووي الإيراني وتدخل الحرس الثوري في شؤون بعض الدول العربية لزعزعة استقرارها عبر أنشطة مليشياوية باتت مكشوفة للجميع وآن أوان أن يتخلص العالم من تهديداتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة