أراضي الخث.. تغيرات المناخ تهدد وسيلة مضمونة لامتصاص الكربون
في ظل زيادة المخاوف بشأن الآثار السلبية لتغيرات المناخ، يسعى العلماء إلى البحث عن سبل يمكن من خلالها امتصاص انبعاثات الكربون.
وتوصل الخبراء إلى حلول تؤدي هذا الغرض بنجاح، لكن ما بلغوه من استنتاجات ما زال قيد الدراسة، إلى جانب ارتفاع تكلفة التنفيذ على أرض الواقع، بما يؤجل عملية مهمة ومفصلية في أزمة المناخ.
لتحقيق التوازن، بحث العلماء عن وسائل طبيعية يمكن من خلالها امتصاص انبعاثات الكربون، حتى كان الجواب فيما يُعرف بـ"أراضي الخث"، لكن التحدي الخاص بها يتمثل في الحفاظ على تواجدها، خاصةً وأن الآثار السلبية للتغيرات المناخية تعمل على تدميرها.
ما هي أراضي الخث؟
هي أراض تتضمن نباتات ميتة غير متحللة تراكمت على مدار آلاف السنوات، تمثل 3% من اليابسة، يتواجد ربعها فقط في كندا بمساحة 1.1 مليون كيلومتر مربع.
تلعب هذه الأراضي دورًا محوريًا في دورة الكربون، خاصةً وأنها قادرة على امتصاص 30% من انبعاثاتها في الغلاف الجوي بحسب المنشور بموقع "CBC News".
تعمل بقايا النباتات المتواجدة في هذه الأراضي على تخزين الكربون تحت سطح الأرض، بما أضفى أهمية كبرى عليها فيما يخص التعامل مع الأزمة المناخية.
تغيرات المناخ تهدد أراضي الخث
للوقوف على الصورة عن قرب، قالت عالمة النظام البيئي الكندية لورنا هاريس، إن أراضي الخث تُعد واحدة من أكبر مخازن الكربون في العالم، بموجب استهلاكها للكربون منذ آلاف السنوات".
تضيف: "تتكفل أراضي الخث بعملية حاسمة تحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فهي تعتبر مصرفًا للكربون بعملها على امتصاصه من الغلاف الجوي وتخزينه".
لكن ما تحمله هذه الأراضي من فوائد بات مهددا بحسب "لورنا": "أعمال التجفيف والحرق والحفر من أجل التعدين أو بناء الطرق، أو حتى تحويلها إلى مساحة للزراعة، جميعها عوامل تهدد تواجد أراضي الخث، فضمانات حمايتها قليلة".
وتابعت: "بدون تواجد الماء في هذه الأراضي، تبدأ كل المواد النباتية في التحلل وينطلق الكربون في الغلاف الجوي، إنه أمر مروع للغاية، فرغم مرونتها نسبيًا إلا أنها تكون أكثر عرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية حال تعرضها للاضطراب".
وتُعد حرائق الغابات من أبرز العوامل التي ساهمت في تهديد أراضي الخث بحسب "لورنا"، شارحةً: "الحرائق تزيد من نسبة فقدانها للكربون".
أمل
مما سبق، يجتهد علماء البيئة في كندا لاستعادة أراضي الخث التي تضررت من التغيرات المناخية، منعًا لتحول هذه المساحات إلى مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
في هذا السياق، كشف الأستاذ في جامعة براندون الكندية بيت ويتينغتون، أن استعادة هذه الأراضي تعتمد على تقنية معروفة باسم "نقل طبقة الطحالب"، ويعمل الخبراء فيها على تسوية أراضي الخث المستخرجة لمنع جريان المياه، يتبعونها بزرع غطاء نباتي من أراضي الخث الطبيعية القريبة حولها.
تابع: "لاحقًا يجري تغطية الموقع المستعاد بغطاء من القش للاحتفاظ بالرطوبة والتخصيب والسماح بإعادة النمو، مع العلم أنه يمكننا استخدام هكتار واحد من أراضي الخث الطبيعية لاستعادة 10 هكتارات من أراضي الخث المستعادة، والتي يمكن إنجازها في غضون شهر واحد، على أن تتشكل الطحالب فيها خلال 5 سنوات من إعادة إحيائها".
أردف "ويتينغتون": "ستعود تلك الأرض في غضون فترة تتراوح ما بين 10 و20 عامًا، وحينها ستمتص كمية من الكربون أكثر مما تطلقه في الغلاف الجوي، كما هو الحال في أراضي الخث الطبيعية".
ختم أستاذ جامعة براندون: "إنفاق الوقت والجهد الإضافيين لإجراء استعادة أراضي الخث بشكل صحيح أمر بالغ الأهمية للحفاظ على النظام البيئي".