"منزه البشر".. مهنة جديدة تقضي على الشعور بالوحدة
مهنة جديدة وغريبة تجتاح شوارع المدن الأمريكية وهي "منزه البشر" ليس بهدف جمع المال بل للتخلص من الشعور بالوحدة.
تعد مهنة منزه الكلاب من أكثر المهن الشائعة في الولايات المتحدة، ولكن ماذا عن منزه البشر؟ بغض النظر عن الدخل المادي من وراء هذه المهن الغريبة التي ظهرت في الآونة الأخيرة، مكافحة الشعور بالوحدة في المدن الكبيرة وبخاصة للمغتربين تعد أمرا صعبا، وربما كان هذا أحد أبرز الأسباب التي تسببت في ظهور العديد من المهن الغريبة والفريدة من نوعها حول العالم.
ويعد تشاك مكارثي، ٣٠ عاما، وهو مؤسس خدمة "مرافق المشي للأشخاص" (منزه الناس) The People Walker، نفسه بأنه حقق شهرة أوسع من خلال مهنة منزه البشر أكثر من شهرته السابقة في مجال التلفزيون والسينما.
بدأ بتنزيه الكلاب أولا ثم على سبيل المزاح مع صديقة له قال "ربما أصبح مرافق مشي للأشخاص"، لكنه بعدها بدأ التفكير بشكل أكثر جدية في هذه الفكرة، بعد أن اكتشف الحاجة لحياة اجتماعية يختبرها الكثير من سكان المدينة العملاقة الواقعة في ولاية كاليفورنيا حاليا وبنجاح لا يتوقف.
وبدأ هذا الرجل ذو اللحية والابتسامة "يرافق الناس في التجول" متقاضيا ٧ دولارات لكل ميل (1.6 كلم) في الشوارع والحدائق القريبة من منزله، "ليصبح رائدا لبديل لتمشية الكلاب، والذي بدلا من العدو، يحتاج إلى القدرة على المشي والكلام ولا سيما الاستماع"، حسبما كشف لصحيفة "جارديان" البريطانية.
ويعمل حاليا في هذه المبادرة 40 مرافق مشي تقريبا، اختيروا بعناية وعلى أساس اختبارات شخصية وتحقق من السجلات الجنائية ومقابلة شخصية، ويقدمون خدماتهم ليس فقط في هوليوود، حيث يرافق مكارثي مواطنين، بل أيضا في مناطق مثل بيفرلي هيلز ووستوود وبرنتوود وكالفر سيتي وسانتا مونيكا وسيلفرليك وفنيس.
ويحصل المشاؤون على نقودهم وفقا لزمن الجولة: 15 دولارا لكل 30 دقيقة، و15 دولارا إضافية لكل مرافق يجلبه طالب الخدمة، وكان تشاك يتقاضى عمولته حين بدأ على أساس المسافة المقطوعة، لكن نظرا لصعوبة التخطيط للتمشيات حين تكون نقطة الانطلاق معلومة ونقطة الوصول غير معلومة، لذا قرر تغيير طريقة الحساب لتصبح على أساس المدة الزمنية للتمشية.
وكان الطلب ضخما على خدمته نتيجة العزلة الاجتماعية التي يعاني منها الكثير من أبناء كاليفورنيا وظهور جيل من العاملين المستقلين غير المرتبطين بنظام محدد ولا يذهبون إلى مكاتب كما لا تتناسب توقيتاتهم مع مواعيد أحبائهم، لدرجة أن لديه حاليا فريقا من مرافقي المشي يمكن الحصول على خدماتهم عبر موقع إلكتروني.
وللحصول على مرافق تمشية يجب الدخول إلى موقع المبادرة واختيار المكان الذي يرغب الشخص في الانطلاق منه وقراءة السير الذاتية والتعرف على المرافقين المتاحين في هذه المنطقة واختيار الأنسب، ثم حجز موعد لتمشية في ساعة ومكان محددين مع هذا الشخص، وأخيرا الاستمتاع بمميزات جولة من المشي مع شخص يرافقك.
كما تمتلك المبادرة صفحة على شبكة فيسبوك الاجتماعية الشهيرة هي (www.facebook.com/thepeoplewalker)، رغم أن تشاك جذب اهتمام أول عملائه عن طريق ملصقات في الشارع تحمل تساؤلا "هل تحتاج إلى حافز للمشي؟ لا تحب التمشي وحيدا؟ لا تريد ألا يراك الناس تسير وحيدا ويفكرون أنك لا تمتلك أصدقاء؟".
أجاب الكثير من المارة بالموافقة عند ردهم على أسئلة تشاك، الذي بدأ في تلقي مئات الرسائل الإلكترونية من أشخاص يطلبون المساعدة وفضوليين ومغامرين، بحثا عن مرافق مجهول، حيث يمكن إجراء الجولات المصحوبة بين الساعة السادسة صباحا والتاسعة مساء، ويمكن للأشخاص طالما كان عمرهم يفوق الـ18 عاما جلب كلابهم.
تؤكد المبادرة "أن نشاطنا يتعلق بالحركة والتواصل البشري، ويستهدف أشخاصا مثلنا، ممن هم بحاجة للحافز كي يخرجوا من المنزل ويمارسوا نشاطا ويتحدثوا مع شخص ما وجها لوجه، والذين أحيانا يكونون بحاجة لشخص يشعرهم بأنهم ليسوا بمفردهم، ولا يريدون السير بمفردهم لكنهم لا يستطيعون دوما فعل ذلك مع أصدقائهم أو أقربائهم".
وتسهم هذه الجولات ذات المرافق الغريب الذي يبدو كصديق في رفع مستوى السعادة والاستمتاع بتواصل عاطفي وممارسة نشاط بدني والحديث مع شخص والمشي أسرع مقارنة بالمشي منفردا، والحصول على جرعة صحية من الحركة والطبيعة والشعور الاجتماعي، وفقا لشهادات أشخاص خاضوا هذه التجربة.
وبدلا من التواصل عبر الشاشات والمواقع الاجتماعية، التي تعمل كبديل للعلاقات البشرية الحقيقية، يتواصل عملاء منزهي البشر مع أشخاص حقيقيين "لا يحكمون ولا يتحدثون بشكل سيئ عنهم، وهو أمر أشبه بالاعتراف، أو حانة، أو رؤية أخصائي نفسي أو مصفف الشعر".
ويعرف مكارثي نفسه بأنه شخص يجيد الاستماع ويشارك في الحوار أكثر من الاعتراف، وخلال العامين الماضيين تجول وتجاذب أطراف الحديث مع عملاء من كل الفئات ٤ أو ٥ مرات أسبوعيا، حسبما ذكر في وسائل الإعلام.
ورغم أنه يحترم السرية فإن محادثاته مع عملائه نادرا ما تكون ذات طابع اعتراف و"تكون سطحية عادة"، وفقا لتشاك، الذي يعتقد أن هذه الدردشات "ذات خصائص علاجية حتى لو لم يكشف الناس عن مكنونات أرواحهم".
٣ نصائح مهمة من منزه البشر:
1- انتبه لما يحيط بك وكن على وعي به، في كل لحظة وراقب الأشياء حين تتنقل من مكان لآخر، وإذا ركزت فيما يحيط بك فلن تتذكر الأشياء التي تشكل ضغطا نفسيا عليك في حياتك.
2- منح الانتباه يجب أن يكون أمرا متبادلا والإصغاء مهم للمرافق وكذلك العميل المتجول، ومحادثة من طرف واحد لا تفضي إلى أي وجهة.
3- تنفس بعمق وحاول استنشاق الهواء عبر أنفك وإفراغه من فمك، لأننا قد ننسى التنفس بهذه الطريقة حين نكون جالسين فجسدنا يفعل ذلك بشكل تلقائي، لكن هذا لا يعني أنك تقوم بعمل رائع، لذا حافظ على تنفس جيد وتحرك بشكل عادي، هذا ما سيصنع فارقا هائلا.