صبغة زرقاء فرعونية تتحول إلى أداة مهمة في الأمن الرقمي (خاص)

نجح فريق بحثي إيطالي في تحويل صبغة الأزرق المصري، التي استخدمها قدماء المصريين قبل آلاف السنين، إلى مادة تكنولوجية متقدمة.

• الأزرق المصري.. محاولات لحل لغز الصبغة التي حيرت العلماء (خاص) 

واستخدمت الصبغة في أداء وظائف حديثة في الوسم الخفي والتأمين الرقمي، وذلك عبر دمجها داخل مواد إنشائية جيوبوليمرية عالية المتانة.

وأوضح الباحثون من جامعة باليرمو الإيطالية في الدراسة المنشورة بدورية "جورنال أوف ألويز أند كومباوندز"، أن الأزرق المصري، وهو مركب غير سام من سيليكات النحاس والكالسيوم، جرى إدخاله بتركيزات ضئيلة جدا داخل مونة جيوبوليمرية قائمة على طين الهالويزيت. ورغم أن هذه الكميات غير مرئية تماما في الإضاءة العادية، فإن الصبغة احتفظت بخصائصها الضوئية الفريدة.

وأُنتجت المادة الجديدة عبر تنشيط قلوي لطين الهالويزيت باستخدام محلول عالي القلوية، مع إضافة الأزرق المصري بنسب منخفضة للغاية. وأكدت التحاليل البنيوية والحرارية المتقدمة أن عملية التحول الجيوبوليمري تمت بنجاح، وأن الصبغة ظلت مستقرة كيميائيا حتى في الظروف القلوية الشديدة، وهي ظروف عادة ما تؤدي إلى تلف العديد من المواد المضيئة الأخرى.

وأظهرت الاختبارات البصرية أن الأزرق المصري المدمج داخل المونة يصدر إشعاعا في نطاق الأشعة تحت الحمراء القريبة عند تحفيزه بضوء مرئي، رغم بقائه غير قابل للرصد بالعين المجردة. كما كشفت التحاليل الطيفية النووية عن حدوث إعادة تنظيم دقيقة في البنية الداخلية للمادة، بما يشير إلى تفاعل مباشر بين الصبغة والشبكة الجيوبوليمرية، وليس مجرد وجودها على السطح.

وفي تطبيق عملي لنتائج الدراسة التي حصلت العين الإخبارية نسخة منها، تمكن الفريق من تصنيع رمز QR مخفي بالكامل داخل طبقة من المونة الجيوبوليمرية، لا يظهر في الظروف العادية، لكنه يُكشف بسهولة باستخدام تقنيات تصوير خاصة.

 وعند قراءة الرمز، يتيح الوصول إلى ملف رقمي يحتوي على معلومات تفصيلية حول المادة وطريقة تصنيعها، ما يفتح الباب أمام أنظمة وسم ذكية وآمنة يمكن استرجاع بياناتها رقميا.

وأشار الباحثون إلى أن هذا الابتكار يجمع بين الاستدامة والمتانة والوظيفة البصرية المتقدمة، ما يجعله مناسبا لتطبيقات متعددة، تشمل مكافحة التزوير، وحماية المواد والمنشآت، وتأمين سلاسل الإمداد، إضافة إلى توثيق مواد البناء والتراث الثقافي بوسوم خفية طويلة الأمد.

ويؤكد هذا الإنجاز أن مادة عرفها الإنسان منذ آلاف السنين يمكن، بلمسة علمية حديثة، أن تتحول إلى أداة متقدمة تخدم تحديات الأمن والتكنولوجيا في العصر الرقمي.