سلسة من الاقتحامات قام بها مودعو الأموال لمصارف لبنان، التي تحتجز معظم ودائعهم منذ تفجر الأزمة الاقتصادية قبل ثلاث سنوات.
وعلى وقع هذه الاقتحامات تحوّلت "قطعة السما"، التي تغنّى بها المطرب اللبناني وديع الصافي إلى جحيم، كما تنبأ قبل عامين ميشيل عون، الرئيس اللبناني.
سلسلة اقتحامات المصارف بدأت بشرارة في يناير الماضي عندما اقتحم لبناني مصرفًا بمحافظة البقاع الغربي لاسترداد أمواله بعد أن تراكمت عليه الديون، ونجح في الحصول على أمواله، ليثير التساؤلات حول مدى تكرار هذه الظاهرة.
وتكررت الظاهرة بالفعل في أغسطس الماضي، ثم جاءت منها نسخة ثالثة قبل أيام عندما اقتحمت سالي حافظ مصرفًا في بيروت وهي تحمل سلاحًا، تبيّن لاحقا أنه مجرد لعبة، وذلك بهدف معالجة شقيقتها المصابة بالسرطان.
حالات فردية شهدها لبنان على مدار الشهور الماضية، كان الملفت فيها للنظر أنها تكللت جميعا بالنجاح ونالت "استحسانا ودعما" من أفراد الشعب اللبناني، حيث رفض بعض العامة وصف "الاقتحام" ووصفوه بأنه "استرجاع الحقوق المسلوبة"، رافعين شعار "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة".
تمدّدت شرارة الاقتحامات لنستيقظ مؤخرا على تقارير إعلامية تفيد باقتحام ما يقارب 5 بنوك خلال ساعات من قبل مودعين لبنانيين، من بيروت إلى الجنوب، ليتأكد أن الشرارة لن تكون لها نهاية.
وقد حذر المودعون السلطات والمصارف من الاستهتار بقضيتهم عبر التظاهرات مرارًا، وتطرق الأمر إلى تدشين جمعية تسمى "صرخة المودعين"، والتي أعلنت عبر حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي عما أسمته "حربا شاملة" لتحرير أموال المودعين من المصارف اللبنانية.
بات لبنان يغرق في أزماته منذ الانهيار الاقتصادي في عام 2019، الذي دفع بأكثر من 80% من سكان البلاد إلى الفقر، وأفرغ خزينة الدولة، وذلك مع انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد بشكل غير مسبوق، وتدهور قيمة العملة المحلية، وسط ارتفاع نسب البطالة.
يصعب علينا تخيل أن تتحول لبنان -"سويسرا الشرق"- إلى الحالة المُزرية التي تشهدها ضواحيها وشوارعها من اقتحامات المواطنين المودعين للمصارف، حيث بات أن يحمل فردٌ سلاحًا فعلا يستسيغه العقل ويقبله المجتمع ويعده استحقاقا وسط غياب المنطق.
أتذكر جواب الرئيس "عون" عندما سُئل منذ عامين، وكانت البلاد في حالة انسداد سياسي أشبه بوضعها الآن، عما إذا كان هناك أمل في حدوث انفراجة، أجاب: "لا.. يمكن يصير عجيبة (معجزة)".
ومع تصاعد التوقعات بأن يرتفع عدد اقتحامات المصارف في الأسابيع المقبلة بعدما استفحلت الأزمة، نتمنى أن تحدث المعجزة ويعود لبنان عن طريقه إلى الجحيم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة