الشيخ كبيري.. حكاية الداعية الأبرز في آخر الممالك الإسلامية بالحبشة
يعود الفضل في اعتناق الملك أبا جفار للدين الإسلامي إلى الشيخ عبدالحكيم كبيري صالح، أحد رواد الدعوة الإسلامية في منطقة جنوب غرب إثيوبيا، وحامل لواء الدعوة في منطقة جيما، التي شهدت آخر الممالك الإسلامية بالحبشة.
يقول الباحث وعالم الآثار في منطقة جيما، نجيب رايا، لـ"العين الإخبارية" إن الفضل في وصول الدعوة الإسلامية إلى مناطق جنوب غرب إثيوبيا (الحبشة سابقاً) يعود إلى الشيخ عبدالحكيم.
ويوضح أن كبيري كان عالماً من علماء الإسلام بدأ تعليم الدين في منطقة "ولقايت طغدي"، شمال إثيوبيا، ثم انتقل إلى منطقة جيما جنوب غرب البلاد، وبدأ في نشر تعاليم الدين الإسلامي.
ويشير إلى أن الشيخ عبدالحكيم كبيري صالح قدم إلى منطقة جيما في عام 1830 في عهد الملك أباجفار الثاني والذي أسلم على يديه، وهو صاحب مسجد يُعرف حالياً باسمه يبعد 9 كيلومترات عن مدينة جيما، لافتاً إلى أن مسجد الشيخ كبيري يعتبر المنارة التي أشرقت منها الدعوة الإسلامية لأهل المنطقة.
أسلوب كبيري الدعوي
لم يكن الشيخ كبيري ليبلغ هذه المكانة والأثر في أهل المنطقة إن لم يمتلك طريقة فريدة في دعوته، حتى أسلم على يديه ملك أبا جفار.
يقول نجيب إن الشيخ كبيري كان يمتلك طريقة فريدة في دعوته للإسلام، وهو ما دفع الكثيرين للدخول في الإسلام في ذلك الوقت ومنهم الملك أبا جفار.
يؤكد المؤرخون، بحسب نجيب، دور الشيخ عبدالحكيم كبيري في نشر الإسلام في المنطقة. ويوضح أن عالم التاريخ الإثيوبي جولما جمدا أشار في كتابه "انتشار الإسلام في ولايات جيبي الخمس" إلى دور الشيخ كبيري في نشر رسالة الإسلام.
ويضيف أن عالم الأنثروبولوجيا الأمريكية هربرت أسيلوس هو الآخر أيضاً كتب عن الشيخ عبدالحكيم كبيري ودوره في نشر الدين الإسلامي في منطقة جيما.
ويلفت الباحث الإثيوبي إلى أن الكثير من الآثار الإسلامية في جيما يعود الفضل فيها إلى الشيخ كبيري بدءاً من المسجد الذي بني قبل 192 عاماً، إلى جانب تشييده مساجد أخرى بالمنطقة.
ويشير إلى وجود ضريح الشيخ كبيري وزوجاته وأبنائه بالقرب من المسجد.
مسجد كبيري
وحول حكاية بناء مسجد الشيخ كبيري، قال الشيخ أحمد الشيخ حسن (75 عاماً) ، الذي تلقّى تعاليم الدين الإسلامي قبل 60 عاماً بالمسجد نفسه، إنّ هذا المسجد أسسه الشيخ عبدالحكيم كبيري في عام 1835، في قطعة أرض منحها إياه أبا ريبو، شقيق الملك أباجفار.
ويوضح الشيخ أحمد لـ"العين الإخبارية" أن عملية بناء المسجد في هذا الموقع كانت بأمر من شيخه علي جوندر، الذي طلب من الشيخ عبدالحكيم بأن يطلق رمحاً وسيسقط الرمح في منطقة تتكون من ثلاث كلمات وتبدأ الكلمة الأولى بحرف الجيم، وكانت هي منطقة (جيما أباجفار وجيرين) وهي موقع المسجد، مشيرا إلى أن المنطقة كان يقطنها سلاطين وأمراء مملكة جيما في تلك الفترة.
ويضيف الشيخ أحمد أنه منذ تلك الفترة بدأ الشيخ كبيري في تعليم الدين الإسلامي للأطفال من هذا المكان ولا يزال المسجد يقدّم خدمته التعليمية لأهل المنطقة.
ويذكر أن الشيخ كبيري بدأ التعليم ونشر الدعوة الإسلامية تحت الأشجار المعمرة، حتى أصبح الجلوس تحت تلك الأشجار سمة وثقافة لأهل المنطقة.
ويشهد المسجد في شهر رمضان برامج وأنشطة دعوية بجانب الحضور الكبير والواسع لصلاة التراويح وغيرها من العبادات.
يقول الباحث نجيب إن جامعة جيما أعطت اهتماماً خاصاً لتاريخ المنطقة وخاصة المسجد بإعادة ترميمه مع تجديد الفرش ودعمه بمصاحف.
ويعد المسجد موقعاً تاريخياً كأقدم مسجد ومنطقة للدعوة الإسلامية في المنطقة، ويحتفظ بكتب قديمة بخط اليد على مواد جلدية.
ويشير إلى أن من بين هذه المقتنيات القديمة يوجد كتاب يؤرخ لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، الذين شاركوا في غزوة أحد، لافتاً إلى أن بعض هذه الكتب العتيقة تم نسخها وتحويلها إلى 9 مواد إلكترونية وتوجد بمكتب حماية ودراسة التراث لمدينة جيما.