الشاعرة مليكة عزفا: "الحريرة" وجبة رمضانية تميز المائدة المغربية
الشاعرة المغربية مليكة عزفا تحكي لـ"العين الإخبارية" ذكرياتها مع رمضان وأماكن ارتبطت بها في الشهر الكريم وأكلات تميز المائدة الرمضانية
رمضان شهر كريم يرتبط في وجدان كثيرين بالعديد من الذكريات التي طالما تُشعل الحنين لكل ما هو قديم، سواء الطقوس الرمضانية ومشاهدة برامج تلفزيونية أو الاستماع لأغنيات ظلت عالقة في الأذهان رغم مرور السنوات.
الشاعرة المغربية مليكة عزفا تحكي لـ"العين الإخبارية" ذكرياتها مع رمضان ومواقف عاشتها قبل مدفع الإفطار، وأماكن ارتبطت بها في الشهر الكريم أو حتى أكلات مفضلة لديها.
قالت مليكة: "كلما أقبل شهر رمضان تداعت ذاكرتي وسافرت بمخيلتي إلى عالم الطفولة البريئة، يوم كانت تغمرني فرحة قدوم هذا الشهر الكريم، وأنا طفلة أنعم بالدفء بين إخوتي وأقراني من بنات جيراننا. كنت أتلهف إلى الجلوس إلى مائدة الإفطار، وأكل ما لذ وطاب من الأطباق الشهية التي تعدها والدتي بحب وتفان".
وتحدثت عزفا عن أهمية وجبة "الحريرة" على المائدة المغربية، وقالت: "هي حساء شعبي تقليدي مغربي، وتعد من الوجبات الأساسية في شهر رمضان، كونها وجبة ساخنة غنية بالألياف والسوائل، وذات فوائد غذائية وصحية كثيرة".
وأضافت: "إلى جوارها تزين مائدة الإفطار بأنواع الفطائر والتمور والحلويات وعلى رأسها (الشباكية)، ناهيك عن المشروبات والعصائر".
وأكملت: "أما الوجبات الدسمة فتقدم بعد صلاة التراويح، وأهمها (الطاجين) و(الكسكس)، وبعد ذلك نشرب الشاي بالنعناع مع الأهل والأقارب مصحوبا بأنواع الحلوى، من بينها (سلو) أو (السفوف) الذي يُعد بمكونات طبيعية منها المكسرات والزبدة والعسل، وكذا (غريبة) و(كعب غزال) وغيرها".
واستحضرت عزفا ذكريات رمضان وهي صغيرة، قائلة: "كنت أشعر بالطمأنة وأنا ألعب مع أخواتي بالعرائس التي كنا نصنعها بأيدينا من القصب وقطع القماش. وتحلو أسمار الليل بحكايا جدتي العجيبة والمخيفة أحيانا، وأبطال بعضها من ملوك الجان، حتى إذا تمكن منا الفزع طمأنتنا بأن شياطين الجن مصفدة بالسلاسل طيلة شهر رمضان، فيخف هلعنا ونستطيع الخلود إلى النوم".
وأضافت: "وكم كنت أنتظر بشوق ليلة القدر كي أصوم يوم السابع والعشرين، حتى تحتفي بي عائلتي وألبس القفطان التقليدي المغربي، و(الشربيل) وهو خف جلدي مزركش، وتتزين يديّ ورجليّ بنقوش بديعة من الحناء، وأجلس بجانب والدي وهو يتلو القرآن بصوته الجهوري المرتفع على مسامعنا، قبل أن يختم بالدعاء فيخص كل واحد منا باسمه بتضرع رباني خاص".
الكاتبة المغربية تحدثت عن بعض العادات المميزة بهذا الشهر الكريم التي تختزلها ذاكرتها، وقالت: "حين كنا نتبادل الأطباق مع جيراننا قبيل أذان المغرب، ونحن نردد بخجل (عواشركم مبروكة)، وهو تعبير بالدارجة المغربية يفيد التهنئة بأيام رمضان، والعواشر تفيد معنى عدديا يختص بالرقم عشرة، إذ تنقسم أيامه إلى ثلاث عشريات: أولاها عشرية الرحمة، وثانيها عشرية المغفرة، وخاتمتها عشرية العتق من النار".
وتابعت: "في مرحلة البلوغ استشعرت قيمة شهر رمضان العظيم، وأن المقصود من الصيام هو حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عما اعتادته من أكل وشرب ولهو، وتعديل قوتها الشهوانية. فالصوم ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب، بل أيضا الامتناع عن الخوض في أعراض الناس والقيل والقال، حتى لا يفطر الصائم على لحم أخيه ميتا".
وأضافت: "عند الإفطار لا نسرف في الأكل والشرب، ولنجعل لنا منه القليل لنتزود على الصيام والقيام، وأن التقوى والإيمان في التغلب على الغرائز بالصبر والعزيمة، فالذي يقدر على الابتعاد عما هو حلال، قادر على الابتعاد عما هو حرام، فنحن حين نصوم نشعر بالفقير الجائع ونشعر بمن يظمأ ولا يجد قطرة ماء ونحمد الله على النعم التي أعطانا".
وقالت: "من هنا تقف أمام أعيني صورة من الذكرى التي علقت بوجداني، وبقيت عالقة في أذهاني، يوم كنت أذهب مع صديقاتي إلى المسجد باللباس المغربي الأصيل المحتشم (الجلباب)، وبعد الانتهاء من صلاة التراويح نجلس في حديقة بيتنا الكبير بقريتي الصغيرة (تاهلة) التي تقع في الشمال الشرقي من المغرب وأغلب سكانها من الأمازيغ".
وأكملت: "أذكر أن رمضان آنذاك يتزامن مع عطلة الصيف المدرسية، وكنا نسرد بعض الحكايات مثل الأزلية، والقصص الدينية، وسيرة رسولنا الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في جو روحاني، ومن ثمة صرت أواظب على تلاوة القرآن، وقراءة تفسيره، وكنا أيضا ننشد بعض الأمداح النبوية".