المترجمة يارا المصري لـ"العين الإخبارية": الأدب الصيني مشحون بالأساطير
المترجمة يارا المصري تجيد اللغات العربية والإنجليزية والصينية، وفازت بالمركز الأول في مسابقة جريدة أخبار الأدب للشباب في الترجمة 2016.
تمكنت المترجمة المصرية يارا المصري من تحقيق مكانة مميزة بين مترجمي اللغة الصينية على الصعيد العربي، وأصبحت رقماً صعباً في معادلة الترجمة من الصينية للعربية.
ومنذ سنوات تعيش يارا بين 3 عواصم كبرى، هي بكين والقاهرة وأبوظبي، وبين الـ3 أماكن ثمة ما يدفعها دوماً للتفكير فيما يمكن أن تقدمه من إضافات للقارئ الذي ارتبط باسمها.
درست يارا اللغة الصينية في كلية الألسن جامعة عين شمس في القاهرة، وفي جامعة شاندونج للمعلمين في مدينة جينان بالصين، ونشرت قصصاً ونصوصاً شعرية ودراسات مترجمة عن اللغة الصينية إلى اللغة العربية، في مجلات وصحف منها: مجلة العربي، جريدة الأهرام، الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد، أخبار الأدب، وغيرها من الدوريات الثقافية العربية.
وشاركت يارا في مؤتمر المترجمين لترجمة الأعمال الأدبية الصينية الذي عقد في الصين أغسطس/ آب 2016، وأغسطس/ آب 2018، كما شاركت في ورشة للكتابة والترجمة في أكاديمية لوشون للأدب في بكين نوفمبر/ تشرين الثاني – ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وتجيد "المصري" اللغات العربية والإنجليزية والصينية، وفازت بالمركز الأول في مسابقة جريدة أخبار الأدب للشباب في الترجمة 2016، عن ترجمتها لرواية "الذواقة"، للكاتب الصيني لو وين فو.
وفي حوارها مع "العين الإخبارية"، قالت يارا المصري إن الثقافة الصينية ثقافة معقدة، مشحونة بمخزون من الأمثال والحكايات والاختصارات، وتضيف أن هذه واحدة من الصعوبات التي يواجهها المترجم عن اللغة الصينية.
وترى يارا أنه من بين الصعوبات التي يواجهها المترجم هي الخلفية التاريخية والثقافية للبلد، وذلك بسبب اتساع مساحة الصين وضمها للعديد من القوميات، وإن لم يكن المترجم على دراية بهذا الأمر فبالتأكيد ستواجهه صعوبة في الترجمة.
وجاء نص الحوار كالتالي..
- كيف بدأت علاقتك بالأدب الصيني ونقله إلى العربية؟
بدأت علاقتي بالأدب الصيني منذ مرحلة الجامعة، لكن علاقتي مع الترجمة عن اللغة الصينية جاءت بعد عودتي من دراستي في الصين عام 2011، وقد نشرتُ أول نص ترجمته في مجلة دبي الثقافية، ومن داخل الإمارات بدأت تجربتي في العمل كمترجمة حرة عن اللغة الصينية.
-ما أول كتاب صيني نقلتيه إلى اللغة العربية؟
كان الكتاب الأول الذي ترجمته مجموعة قصصية للكاتبة الصينية آشه، بعنوان "العظام الراكضة"، وقد رشحه أستاذي الدكتور حسانين فهمي، المترجم القدير عن اللغة الصينية.
-كيف تنظرين لأوضاع الترجمة في مصر والعالم العربي الآن؟
هذا سؤال من الصعب على أي مترجمٍ إجابته، أو حتى مجموعة من المترجمين الإجابة عليه، لأنه يتطلب دراسات موثقة وشاملة عن وضع الترجمة سواء في مصر أو في العالم العربي، وما نفتقده في الحقيقة هو الجهد المؤسسي، بالرغم من وجود مؤسسات كالمركز القومي للترجمة في مصر، وهذه نقطة في غاية الأهمية، بالإضافة إلى مكافأة المترجمين على جهدهم، إذ يتم التعامل معهم كما لو كانوا درجة أدنى من المؤلفين، مع أن المترجمين بالذات كانوا ولا يزالون قوة دافعة وأساسية منذ عصر النهضة العربية وحتى اليوم.
-الترجمة أمانة.. إلى أي مدى قد يخفق المترجم في حمل هذه الأمانة؟
أختار تقريب القارئ من الكاتب، أي تقريب القارئ العربي إلى الصين لكسر غرابة هذه الثقافة لدى القارئ العربي، ليكون باستطاعته تكوين صورة ما عن ثقافة الصين والتشابهات والاختلافات الثقافية والاجتماعية بينه وبين المواطن الصيني.
هذا إلى جانب قراءة نوع جديد من الأدب يمتاز بخصوصية عالية، وهذا جزء من مفهومي، فأن يكون المترجم أميناً فيما يخص النص يعني فَهم الخلفية الثقافية والاجتماعية للنص، وهنا يمكنني أن أقول إن الترجمة كما هي أمانة فإنها بالتأكيد كذلك "معرفة".
-هل معنى ذلك أن على المترجم أن يجيد لغته الأم، واللغة المكتسبة بالدرجة نفسها التي تصل إلى حد البيان؟
من البديهي في الترجمة أن يكون المترجم مجيداً للغته الأم، واللغة التي يُترجم منها ومتمكناً من اللغتين، وإن كنت تقصد بالبيان الفصاحة التامة أو الإلمام التام باللغتين هذه وتلك، فأنا أعتقد أن الخبرة والقراءة المستمرة تقرِّبان المترجم إلى مستوى عالٍ في عمله، وكما أشرت فإن الترجمة "معرفة" وبالطبع فإن أول شرط لازم لها أن يكون المترجم على معرفة بلغته الأم واللغة التي يُترجم منها، وينطبق هذا على اللغتين العربية والصينية وعلى جميع اللغات التي تبني الترجمة جسوراً بينها.
-ترجمتِ العديد من الأعمال الصينية في مجال القصة القصيرة والرواية والشعر، منها رواية الفرار لسوتونج، ومختارات للشاعر خاي زي، ومجموعات قصصية، فلماذا اخترت أعمالاً لكتابٍ بعينهم؟
ترجمت المجموعة القصصية الأولى (العظام الراكضة)، والثانية (رياح الشمال)، بترشيح من أستاذي الدكتور حسانين فهمي، ورواية "الذواقة" التي صدرت عن الهيئة العامة للكتاب كانت ضمن أعمال مُرشحة للترجمة إلى العربية، أما الأعمال التي ترجمتها بعد ذلك كانت كلها من اختياري، وأعتمد على ذائقتي في الاختيار إذا أعجبني النص وتفاعلت معه، وثمة بعض المعايير الأخرى التي أعتمد عليها مثل المترجمين الآخرين، مثل شهرة العمل وشهرة الكاتب وحصوله على جائزة مثلاً.
لكن الأهم من وجهة نظري، هو الرؤية الوجودية والثقافية للعمل، وعلى سبيل المثال؛ فإن رواية الذواقة، هي عن شخص شره للطعام، لكن حياته في الرواية تكشف عن نحو نصف قرنٍ من الحياة الصينية المعاصرة وتحولاتها، الأمر الذي يشبه في بعض جوانبه ما حدث في بلادنا.
- هل من الأفضل أن يكون من يترجم الشعر شاعراً؟
يستطيع أي مترجم ترجمة الشعر، بشرط أن يكون متذوقاً للشعر في الأساس، ويكون قادراً على تخيل النص الذي يترجمه وقارئاً جيداً للشعر أيضاً.
- ما أبرز المعوقات والإشكاليات التي تواجهك في ترجمة الأدب الصيني؟
الثقافة الصينية ثقافة معقدة، مشحونة بمخزون من الأمثال والأساطير والحكايات والاختصارات والرموز التي قد يكون أو لا يكون في أغلب الأحيان لها نظير في الثقافة العربية، وتلك واحدة من الصعوبات التي يواجهها المترجم عن اللغة الصينية عند الترجمة، ومن بين الصعوبات كذلك التي يواجهها المترجم عن اللغة الصينية الخلفية التاريخية والثقافية للبلد، وذلك بسبب اتساع مساحة الصين وضمها العديد من القوميات، حيث تتميز كل قومية منها بعادات للمأكل والمشرب والملبس والمعيشة بشكل عام.
هذا إلى جانب مرور الصين بالكثير من الأحداث التاريخية الكبيرة، كحرب الأفيون وحرب المقاومة ضد اليابان، والثورة الثقافية، وبداية الإصلاح والانفتاح، وإلى جانب الخلفية الثقافية والتاريخية، فاللغة الصينية لغة متجددة، بمعنى أن المفردات قد تكتسب معاني جديدة قد لا يحتوي عليها القاموس، كما أن الجملة الصينية قد تكون مختصرة في كثير من الأحيان، وهذا يعني أنه يمكن التعبير عن جملة كاملة باللغة العربية مثلاً في ثلاثة أو أربعة رموز صينية، وإن لم يكن المترجم على دراية بهذا الأمر فبالتأكيد ستواجهه صعوبة في الترجمة.
- هل تتواصلين مع الكُتاب الصينيين الذين نقلتِ أعمالهم للغة العربية؟
نعم أنا على تواصل بالعديد من الكتاب الصينيين، من ضمنهم الكتاب الذين ترجمت أعمالهم مثل سوتونج، وشي تشوان، وأويانج جيانج خي، الذي تصدر مختارات لشعره قريباً.
-كيف تستطيع يارا المصري أن تصنع من النص المترجم نصاً إبداعياً جديداً؟
يستطيع أي مترجم أن يصنع من النص المترجم نصاً إبداعاً جديداً، أو فلنقل حياة أخرى في لغة أخرى، غير حياته في لغته الأصلية، لكن هذا يتطلب القراءة الدؤوبة والمعرفة المتجددة، والبحث في الخلفيات التي بُني عليها النص الأصلي، بالإضافة بالطبع إلى ما يمكن أن نسميه حساسية اللغة، ومدى مرونتها وقدرتها على استيعاب النصوص الإبداعية أو العلمية أو المعرفية أو حتى القانونية من لغةٍ أو من لغاتٍ أخرى.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE2MiA= جزيرة ام اند امز