الشاعرة السورية بسمة شيخو لـ"العين الإخبارية": لا وصفة سحرية تعيد الجمهور للشعر
الشاعرة والفنانة التشكيلية السورية بسمة شيخو تؤكد أن قصيدة النثر تعاني من مشكلة مع الجمهور لأنها ليست مناسبة للمنصات والمهرجانات.
قالت الشاعرة والفنانة التشكيلية السورية بسمة شيخو إنها تؤمن بأن قصيدة النثر هي الأشد التصاقاً بالمجتمع، لأن أغلب مواضيعها تتعلق بالتفاصيل اليومية للحياة.
وأصدرت شيخو مؤخرا مجموعتها الشعرية الرابعة "بحرٌ يخشى الغرق"، وهي من الوجوه البارزة في الأدب السوري، ومن مواليد دمشق عام 1986، وصدر لها 3 مجموعات شعرية وهي "عبث مع الكلمات"، "شهقة ضوء" و"آخر سكان دمشق" وتُرجمت نصوص منها إلى الألمانية، والإنجليزية، واليابانية.
في حوارها لـ"العين الإخبارية"، أكدت بسمة شيخو أن قصيدة النثر تعاني من مشكلة مع الجمهور لأنها ليست مناسبة للمنصات والمهرجانات بسبب غياب الوزن الذي يخلق موسيقى تشدّ انتباه المتلقي، وأضافت: "كم من قصيدة موزونة محكمة السبك لا تمت للشعر بصلة وهي ليست إلا كلاما موزونا مقفى وجسدا بلا روح".. وإلى نص الحوار:
- عن ديوانك الجديد "بحرٌ يخشى الغرق"؟
مجموعة مختلفة عن سابقاتها، فهي قصائد نثر مقطعية، وفيها شذرات شعرية قصيرة جداً.
- قبل هذا الديوان نشرت كتابك "آخر سكّان دمشق".. ما الذي تغير في نصك؟
كلما تراكمت التجارب اختلفت رؤيتنا للحياة، وكلما تركت خلفها ذكرياتٍ امتلأ طريقنا بالقصص ولمحنا تغييراً واضحاً في وجه القصيدة، ومثل كل التجارب الأولى تبدو التجربةٌ ناقصةً بعض الشيء، حتى جبران خليل جبران لم يكن راضياً عن أعماله الماضية كما وضح في رسالة إلى مي زيادة "لا تذكري أعمالي الماضية، لأن ذكراهـا تؤلمني؛ لأن تفاهتها تُحيل دمي إلى نار محرقة؛ لأن جفافهـا يولد ظمئي؛ لأن سخفَها يقيمني ويُقعدني كل يوم ألفَ مرة ومرة. لمــاذا كتبتُ تلك المقالات والحكايات؟ لمـاذا لم أصبـر؟ لمـاذا لم أضـنّ بالقطرات فأدَّخرهـا وأجمعهـا ساقية؟ لقد ولدتُ وعشت لأضـع كتابـاً واحداً، لا أكثر ولا أقلَّ"، وأظن أن تجربتي الآن أنضج بحكم أني كتبت معظم قصائدي في فترة كنا نتعايش فيها مع الموت يومياً ونحيا على حافة الحياة، لكن ربما بعد أن ينشر سيداهمني شعور عدم الرضا مرةً أخرى.
- ما رأيك بالجدل الدائر حول قصيدة النثر؟
أنأى بنفسي عن هذه النزاعات والجدل، فالشعر لا يخبئ نفسه ولا أحد يستطيع أن ينكره مهما اختلف شكله، فكم من قصيدة موزونة محكمة السبك لا تمت للشعر بصلة، كلامٌ موزون مقفى جسد بلا روح، وكم من قصيدة نثر لا تتعدى كونها كلاماً عادياً ساذجاً أحياناً، مقطّعاً في سطور.
الشعر هو ما يبقى في الذاكرة، هو الدهشة التي تتكرر مع كلّ قراءة، وقرأت رأياً أعجبني يقول إن الشعر هو ما يبقى من القصيدة بعد ترجمتها، أي بعد أن ترتاح من الزخارف اللغوية، كفتاةٍ تغسل المكياج عن وجهها وتطلّ بجمالٍ حقيقي.
- يقول الروائي الإنجليزي سومرست موم: "ليس بوسع كاتب النثر إلا أن يتنحى حين يمر الشاعر" فهل تتفقين معه؟
لا أستطيع أن أدّعي الحيادية، فأنا منحازة للشعر ويعجبني من النثر ما يحمل شعرية عالية تجعلك تشعر أنك تبحر في قصيدة متمددة في بحر روايةٍ ما، أو مرصعةً لجسد قصة.
- قصيدة النثر متهمة بمخاصمة الجمهور، والابتعاد بالشعر عن الواقع وقضايا الشارع، ما رأيك؟
بالعكس أجد قصيدة النثر هي الأشد التصاقاً بالمجتمع، فأغلب مواضيعها تتعلق بالتفاصيل اليومية للحياة، لكن مشكلتها مع الجمهور أنها ليست مناسبة للمنصات والمهرجانات بسبب غياب الوزن الذي يخلق موسيقى تشدّ انتباه المتلقي، أما قصيدة النثر فتحتاج انتباهاً شديداً وتركيزاً عالياً لتصل شعريتها إلى المتلقي، فليس هناك وصفة سحرية ليعود الشعر لجماهريته، فالأمر يتعلق بتربية جيل على مبادئ تبتعد به عن تسليع الحياة والفن خصوصاً، تسمو به فيتجه بفطرته وثقافته نحو الشعر والفن الحقيقي ويجد به متنفّساً حقيقياً، المشكلة ليست بالشعر بل بظروف المتلقي وذائقته.
- ما تقييمك لحال الثقافة في سوريا حاليا في ظل ظروف الحرب؟
لا تصدق إن ادّعى أحدهم أن الناس ليسوا بخير والأماكن ليست بخير وأن الثقافة هي الناجية الوحيدة! الثقافة هي أولى الضحايا التي تم تقديمها كقربان لرفع بعض المدعين وأشباه المثقفين ليتصدروا المشهد الأدبي والفني بسبب انتماءاتهم السياسية.
لكن الأمر هذا آني وبدأ بالتلاشي، وبدأت الفقاعات الأدبية والفنية في الانفجار، لتبقى سوريا بما يليق بها من ثقافة على مستوى عالٍ من الرفعة والعمق يناسب أبجدية أوغاريت الأولى.
aXA6IDMuMTMzLjEzMy4zOSA= جزيرة ام اند امز